ظاهرة الشفق القطبي أو الفجر القطبي هي إحدى الظواهر الكونية الخلابة، التي تبدو لناظريها على شكل لوحة فنية رائعة من الألوان المتداخلة بتناغم مثير للإعجاب والدهشة. وقد سُميت بالشفق أو الفجر نسبة إلى توقيت حدوثها الذي يكون إما بعد غروب الشمس أو قبل طلوعها مباشرةً، كما استمدت صفة القطبية نظرًا لتمركزها بشكل أوضح في قطبي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي، على الرغم من إمكانية مشاهدتها من أماكن أخرى على سطح الكرة الأرضية في بعض الأحيان.

أشكال الشفق القطبي
تبدو ظاهرة الشفق القطبي عادةً بشكلين أساسيين، هما:
  • الشكل الشريطي: تبدأ ظاهرة الشفق القطبي في الظهور بشكلها الشريطي، فتبدو على هيئة أشرطة من الألوان الخلابة التي يبلغ عرضها إلى مئات الكيلومترات، أما طولها فيصل إلى آلاف الكيلومترات.
  • الشكل الغيمي: هو الشكل الذي يعقب ظهور الشكل الشريطي، ويبدو على هيئة سحب ملونة أو مساحات غير منتظمة من الألوان. وتتنوع ألوان الشفق القطبي بشكل عام ما بين الأحمر والأخضر والأزرق والأصفر، أما ما يظهر من ألوان أخرى فهو ناتج عن تداخل تلك الألوان مع بعضها البعض.


تفسير ظاهرة الشفق القطبي
لا شك أن ظاهرة كهذه من شأنها أن تثير فضول علماء الفلك والفيزياء، ومن خلال البحث والدراسة والملاحظة اكتشفوا أن تلك الظاهرة الفريدة من نوعها تحدث نتيجة التقاء قوتين كونيتين معًا؛ إحداهما توجد في محيط قرص الشمس، والأخرى في محيط الكرة الأرضية. وفيما يلي توضيح لهاتين القوتين وكيفية التقائهما.
  • الرياح الشمسية: هي عبارة عن سيل من الجسيمات عالية الطاقة، التي تتدفق من الشمس باتجاه المجموعة الشمسية، وتستمد هذه الرياح طاقتها من ما يُعرف بالنتوءات الشمسية أو الصياخد التي تتكون نتيجة حدوث مجموعة من الانفجارات الهائلة في محيط الشمس عند وصولها إلى أوج نشاطها كل 11 سنة تقريبًا.
  • مغناطيسية الكرة الأرضية: يُحيط بالأض مجالًا مغناطيسيًّا قويًّا يجعلها بمثابة مغناطيس ثنائي القطب، بحيث يتركز القطب الجنوبي المغناطيسي بالقرب من القطب الشمالي الجغرافي والعكس.
  • أحزمة فان ألن: تضغط الرياح الشمسية على المجال المغناطيسي للأرض، مما يُؤي إلى أسر بعض شحناتها في هذا المجال، فتبدأ في التحرك مكونة أحزمة شعاعية هلالية الشكل، أُطلِق عليها أحزمة “فان ألن” نسبة إلى العالم الفيزيائي الذي تنبأ بشكلها. وتبدو هذه الأحزمة على هيئة حزامين، أحدهما صغير نسبيًّا ويبعد عن الأرض بحوالي 3000 كيلومتر، والثاني أكبر منه ويبعد عن الأرض بحوالي 20.000 كيلومتر.
  • الشفق القطبي: في حالة ازدياد قوة الرياح الشمسية، فإن أحزمة فان ألن تمتلئ عن آخرها بالجسيمات عالية الطاقة التي تتحرك بسرعة كبيرة، مما يؤدي إلى اصطدامها ببعض العناصر الموجودة في محيط الكرة الأرضية كالنيتروجين والهيدروجين، مما يزيد من تهيجها. وفي حال عودتها نتيجة التصادم وازدياد الطاقة إلى مستويات طاقة أعلى، فإنها تُحدث تلك الانبعاثات الضوئية بألوانها المختلفة.

يُمكن رؤية ظاهرة الشفق القطبي بالعين المجردة في المناطق القريبة من قطبي الكرة الأرضية، بينما في حال حدوث عاصفة شمسية شديدة، فإنها تؤدي إلى زيادة نطاق حدوث هذه الظاهرة، فتمتد مقتربة من خط الاستواء، وهذا ما ساعد سكان ولاية فكتوريا بأستراليا الواقعة عند خط عرض 35 درجة جنوبًا من مشاهدة الشفق القطبي بوضوح عام 1989م.