..
أن تكون عراقياً يعني أن تفهم إرتباك عريان السيد وهو يقول
"خاف تاخذني إعلى بستانك فرحتي خاف تِكبر حيرتي .. خاف تطشر ولك وشلون ألمك؟"
يعود مرة اخرى النَواب ليرتبِك وهو يصف حزنه فيقول "مو حزن لچن حزين"
لا تكفي جزئية الإرتِباك إن لم تَعِش انكسار كاظم اسماعيل الگاطع في قصيدة "ليل المحطة" وحزنه الثابت في صدره كبردي اهوار مدينته وهو يقول "خلصت عمري انتظار
عاشرت ليل المحطة .. وارتجي يجيبك قطار"
أن تكون عراقياً يعني أن يرفعك الوهن لتتمنى ادنى الطِماح وأقلها بعد أن يأخذ التعب مِنكَ مأخذاً ، تقف تسترجع ذاكرتك المُثقلة بشعر مظفر وهو يقول
"ردتك ولو شباچ يترس حياتي تراب"
تعود مرة اخرى هذِه العِراقية المُتعبة ، تتثاقل على ظهرك وتتمنى لو تتخلص منها كعمل غير مرغوب به ، تكبر بداخلك رغبة التلاشي والتنصل من هذه الأرض ، التخلص من هذه الرائحة الملتصقة بملابس العمل في اسواق الشورجة والسِنك وصولاً لباب الشرجي ، يصطدم في ذهنك بيت عريان السيد ف تسكن حركة الشارع وتتوقف عجلات العربات التي يتم دفعها هناك فتسمع ابو خلدون وهو يقول "وتمنينه خيال بماي راچد روج يمحينه"
بعد أن تذنب بحق العِراقية تقودك حرارة المعصية الى التوبة .. تلتلقي بجسدك على هذه الارض فتسمع كل أصوات الذين دُفنوا بها وهم يأنبوك!
تتسارع في داخلك الرغبة بقول قصائد الأعتذار الطويلة ، قبل أن يبكي الرافدين حزناً لأن عراقياً آخر سأم منها ! ينقذك بيت الگاطع ، ينتشلك من بحيرة الذنب وهو يقول "الله يا هالوطن شمسوي بيه الله
نيرانه مثل الثلج ، كل ما تدگ إعلى الضلع
أبرد واگول اشاه"
يظل صدى العراقية صاخباً كثيراً جداً في روحك ! يقف عريان ليخفف عنك فيقول "تدري نوبات المحبه تمل واحبك للقهر"
اخيراً هذا الفُراق الذي تتمناه يبقى عَصّياً لأن النواب يقول "عودان العمر كلهن گضن وياك ، يا فَي النبع وأطعم عطش صبير ولا فرگاك"
قد نكون ابناء الحُسين حين نقوى على تحمل العطش ، نمتلك ارث جراحاته وبعضاً من قوته ولكننا قطعاً نتخفف من ثقل كامل قوته التي لا نقوى على حملها ،
اخيراً اقول مثلما قال اسماعيل الگاطع "اه يا وطن يا جذر
والجذر هم بيه طبع
لو مات من العطش للوادي ما ينزل
مامش مثل ديرتي
لو نمشي طول العمر
ما نلگه مثل عراقنا عراق"
- تبارك المسعود