فوهات في قاع بحر بارنتس يصل عرضها إلى كيلومتر واحد (يوريك ألرت)
عام 2017، وصفت ورقة علمية نُشرت في مجلة ساينس Science لأول مرة مئات الفوهات الضخمة التي يبلغ عرضها كيلومترا واحدا في قاع المحيط في بحر بارنتس Barents Sea الذي يقع إلى الشمال الشرقي من النرويج والجزء الأوروبي من روسيا.
كما تم تحديد أكثر من 600 من نافثات الغاز في هذه الفوهات وحولها، تطلق غازات الدفيئة بشكل ثابت في عمود المياه.
وفي نفس العام، أشارت دراسة أخرى، نشرت في PNAS، إلى وجود العديد من أكوام الميثان، بعرض حوالي 500 متر في نفس البحر، واعتبرت تلك التلال من علامات طرد الميثان الوشيكة التي كونت الفوهات.
نظام صدعي قديم
ومؤخرا نشرت دراسة جديدة في دورية "ساينتفيك ريبورتس" بحثت لأول مرة في الأعماق تحت هذه الفوهات في قاع المحيط، وكشفت الهياكل الجيولوجية التي جعلت المنطقة عرضة لتكوين الفوهات ونفث الميثان لاحقا.
وتقول مالين واج باحثة ما بعد الدكتوراه في CAGE (مركز هيدرات وبيئة ومناخ غاز القطب الشمالي) والمؤلف الأول للدراسة "تبين أن هذه المنطقة لديها نظام صدعي قديم جدا يتكون بالأساس من فوهات من المحتمل أن تكون قد نشأت قبل 250 مليون سنة".
وأضافت "تظهر الفوهات والتلال على طول هياكل الصدع المختلفة في هذا النظام، وتتحكم تلك الهياكل في حجم الفوهات ووضعها وشكلها. وينشأ الميثان الذي يتسرب من قاع البحر من هذه الهياكل العميقة ويخرج من خلال تلك الشقوق".
تشكلت التشققات قبل 250 مليون سنة ويتسرب الميثان من قاع البحر من هذه الهياكل العميقة (يوريك ألرت)
تكنولوجيا ثلاثية الأبعاد
في تلك الدراسة الحديثة، تم اكتشاف الأصل العميق للفوهات والأكوام باستخدام تقنية الزلازل ثلاثية الأبعاد المتطورة التي يمكنها أن تخترق أعماق قاع المحيط وتساعد العلماء على تصور الهياكل الموجودة في الأساس الصلب تحتها.
وتغذي التشققات في قاع البحر، وعمرها 250 مليون عام، الفوهات العملاقة بغاز الميثان. وقد تم العثور في المنطقة على أكثر من 100 فوهة، تطرد حاليا كميات هائلة من غازات الدفيئة في المحيط.
تقول واج "افترضت دراساتنا السابقة في المنطقة أن الاحترار المناخي وتراجع الغطاء الجليدي منذ حوالي 20 ألف عام تسبب في ذوبان هيدرات الغاز الموجودة أسفل الجليد، مما أدى إلى إطلاق مفاجئ للميثان وخلق الفوهات".
وهيدرات الغاز هي شكل صلب من الميثان يكون مستقرا في درجات الحرارة الباردة والضغط العالي الذي توفره طبقة الجليد الهائلة.
ومع ارتفاع حرارة المحيط، ورفع ضغط الغطاء الجليدي، ذاب جليد الميثان في قاع البحر، وبالتالي تشكلت الفوهات.
تقول واج "هذه الدراسة تضيف عدة طبقات إلى تلك الصورة، حيث نرى الآن أنه كان هناك ضعف هيكلي تحت تلك الفوهات العملاقة لفترة أطول بكثير من العشرين ألف عام الماضية".
وتضيف "ففي الأعماق تحت قاع البحر، أدى توسع الغاز وإطلاق المياه إلى بناء ملاط موحل اندلع نهاية المطاف من خلال الشقوق وتسبب في انهيار قاع البحر وحفر في الصخر الصلب".
ولتخيل الأمر فُسر على أنه مبنى يمكن أن ينهار سقفه إذا كان الهيكل الأرضي ضعيفا "ونحن نعتقد أن هذا هو ما حدث في منطقة الفوهات بعد العصر الجليدي الأخير" تقول واج.
بحر بارنتس غير مفهوم
بحر بارنتس، هو من بحار المحيط المتجمد الشمالي، وتنقسم مياهه بين كل من روسيا والنرويج، ويعد استكشاف الموارد البترولية فيه موضوعا ساخنا في النرويج وخارجها.
وتعد هذه المنطقة جزءا من نظام بيئي هش في القطب الشمالي، لكن النظام الجيولوجي للمنطقة غير مفهوم بشكل جيد.
وكما تقول واج "فقد غطت الدراسة الاستقصائية ثلاثية الأبعاد ما يقرب من 20% من مساحة منطقة الفوهات بأكملها".
لكن من المهم معرفة ما إذا كانت هناك أنظمة صدعية مماثلة في السياق الأوسع لبحر بارنتس "لأنها من المحتمل أن تشكل تهديدا للعمليات البحرية".
بارنتس من بحار المحيط المتجمد الشمالي وتنقسم مياهه بين كل من روسيا والنرويج (ويكيبيديا)
وتضيف واج "لا يزال هناك الكثير الذي لا نعرفه عن هذا النظام. لكننا نجمع حاليا ونحلل بيانات جديدة عن بحر بارنتس، الذي تهيمن عليه بنية فوهات مماثلة. ويمكن أن يساعدنا هذا في رسم خرائط أكثر تفصيلا لأنظمة الصدوع ومناطق الضعف فيها".
وتطرح تلك الدراسة الحديثة بعض الأسئلة: هل ستؤدي هذه الهياكل الضعيفة إلى إطلاق غاز الميثان المتفجر وغير المتوقع؟ وهل يمكن أن تتسبب أعمال الحفر المتعلقة بالبحث عن البترول في المزيد من إطلاق الغاز والمخاطر الجغرافية ذات الصلة؟ وهل يمكن أن يصل الغاز الغلاف الجوي في حالة حدوث انفجارات مفاجئة، مما يزيد من غازات الاحتباس الحراري؟