عرين طبيشات
تدقيق المحتوى د. هشام عبد العزيز الجربوعه، استشاري الغدد الصم والسكري - كتابة
آخر تحديث: ٠٨:١١ ، ١٥ أبريل ٢٠٢٠
نقص هرمون الغدة الدرقية
يُعرّف قصور الدرقية أو خمول الدرقية أو كسل الدرقية (بالإنجليزية: Hypothyroidism) بأنّه أحد اضطرابات الغدد الصماء الشائعة والمُتمثلة بحدوث نقصٍ في مستويات هرمونات الغدة الدرقية،[١] وفي هذا السياق يُذكر أنّ الغدة الدرقية هي إحدى الغدد الصماء التي تتميّز بشكلها المُشابه لشكل الفراشة، وتقع في الجزء السفلي من الجهة الأمامية من الرقبة، وتتمثل وظيفتها في إفراز هرمونات الدرقية في الدّملتصل إلى جميع أنسجة الجسم،[٢] حيث ثُؤثر هذه الهرموناتفي عمليات النمو، والتطّور، والأيض، كما أنّها تلعبُ دوراً مهماً في تطّور الدماغ لدى حديثي الولادة والأطفال،[٣] وبالعودة للحديث عن قصور الغدة الدرقية فإنّ أكثر الطرق دقةً لتشخيصه هي إجراء فحص الدّم للكشف عن مستويات الهرمونات فيها، وتحديداً مستويات الهرمون المنبه الدرقية أو ما يُسمّى بالهرمون المنشط للدرقية (بالإنجليزية: Thyroid stimulating hormone) الذي تُنتجه الغدة النخامية الموجودة في الدماغ، وتتمثل وظيفته في تحفيز الغدة الدرقية لإفراز هرموناتها، وقد يُقاس أيضًا مستوى هرمون الثيروكسين (بالإنجليزية: Thyroxin)؛ فقد تُشير مستويات الهرمون المنشط للدرقية المرتفعة ومستويات هرمون الثيروكسين المنخفضة إلى الإصابة بقصور الدرقية.
على الرغم من أنّ مرض قصور الدرقية يُعدّ مرضاً مُزمناً، إلّا أنّه يمكن السيطرة عليه بشكلٍ كاملٍ لدى جميع المُصابين به تقريباً، إذ يُعالج قصور الدرقية ببدائل هرمونات الدرقية كهرمون الثيروكسين الصناعي الذي يُمكن من خلاله تعويض النقص الحاصل في مستويات الهرمونات الدرقية، وبالتالي إعادة مستويات هرمون الثيروكسين وهرمون المنبه للدرقية إلى نسبهما الطبيعية، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى استعادة الجسم لقدرته على القيام بالوظائف المختلفة على النحو المطلوب.
أعراض نقص هرمون الغدة الدرقية
يتمثل قصور الدرقية عادةً في المعاناة من تراجع النشاط البدني والعقلي، ولكن في بعض الأحيان الأخرى قد لا يُعاني المُصاب من أيّة أعراض، وفي الحقيقة إنّ علامات وأعراض قصور الغدة الدرقية عادةً ما تكون خفيفة غير خاصة به، وحتى الأعراض الشائعة لقصور الدرقية قد يكون من الصعب نسبها لمُسبّبٍ محدد، لهذا السبب يستعين الطبيب بالفحوصات المخبرية للتأكد من أنّ السبب الفعلي لهذه الأعراض هو قصور الغدة الدرقية،[٦]وبشكلٍ عام إنّ العلامات والأعراض المُرافقة لمرض قصور الدرقية تختلف من شخص لآخر، اعتماداً على شدة النقص في مستويات الهرمونات، كما أنّ المشاكل المترتبة عليه تتطور بشكلٍ بطيء على مدى سنوات، وفيما يأتي توضيحٌ لأبرز هذه الأعراض.
الأعــراض العامــة
في الوضع الطبيعي تُحفّز هرمونات الغدة الدرقية عمليات الأيض(بالإنجليزية: Metabolism)، والتي تتمثل بكيفية استهلاك وتخزين الجسم للطاقة، وبالتالي فإنّ نقص مستويات هذه الهرمونات يؤدي إلى تباطؤ عمليات الأيض، وينعكس ذلك في ظهور العديد من الأعراض، مثل؛ الشعور بالتعب والخمول، وزيادة الوزن بشكلٍ طفيف، وعدم القدرة على تحمل درجات الحرارة الباردة، بالإضافة إلى بعض الأعراض الأُخرى التي يُمكن تلخيصها بحسب الجزء المتأثر على النحو الآتي:
- البشرة: قد يؤدي قصور الدرقية إلى نقص التعرّق، وجفاف البشرة وزيادة سماكتها، وكما قد يؤثر في الشعر فيجعله خشناً أو رقيقاً، وقد يؤثر في الأظافر فتصبح هشة.
- القلب: يؤدي قصور الدرقية إلى ارتفاع ضغط الدمبشكلٍ طفيف، وارتفاع مستويات الكوليسترول في الدّم، ويؤثر قصور الدرقية بشكلٍ عام في الأداء الوظيفي لعضلة القلب لأنّه يُبطئ معدل ضربات القلب ويُضعف قدرته على الانقباض، الأمر الذي قد يؤدي إلى ظهور العديد من الأعراض، مثل؛ التعب، وضيق التنفس أثناء ممارسة التمارين الرياضية، وفي هذا السياق يُشار إلى أنّ هذه الأعراض قد تكون أكثر شدةً لدى المصابين مُسبقاً بأمراض القلب.
- الجهاز التنفسي: يؤدي قصور الدرقية إلى ضعف عضلات الجهاز التنفسي وانحدار قدرة الرئتين على القيام بوظائفها، فقد يُعاني المصاب من عدم القدرة على ممارسة التمارين الرياضية بسلاسة نتيجة ضيق التنفس، وفي أحيانٍ أخرى قد يؤدي قصور الدرقية إلى المعاناة من انقطاع النفس النومي (بالإنجليزية: Sleep apnea) المُتمثل بحدوث انسدادٍ مُتقطعٍ لمجرى التنفس أثناء النوم.
- الجهاز الهضمي: قد يؤدي قصور الدرقية إلى الإصابة بالإمساك نظراً لتأثيره في سرعة عمل القناة الهضمية.
- العضلات والمفاصل: قد يُعاني المصاب بقصور الدرقية من ألم في العضلات وخاصة عند لمسها، بالإضافة إلى تيبسها، هذا ويجدر التنويه إلى أنّ المفاصل قد تتأثر بقصور الدرقية كذلك؛ فيُعاني المصاب من ألمها وتيبسها وانتفاخها.
- انتفاخ الرقبة: قد يؤدي التحفيز المُفرط للغدة الدرقية إلى تضخمها، بحيث يظهر انتفاخ أو تورم في العنق، تُدعى هذه الحالة بتضخم الغدة الدرقية (بالإنجليزية: Goiter).[٩]ولمعرفة المزيد عن تضخم الغدة الدرقية يمكن قراءة المقال الآتي: (تضخم الغدة الدرقية).
أعراض خاصة بكبار السـن
في الحقيقة لا يمكن تحديد أعراض قصور الدرقية لدى كبار السن، إذ تتناقص شدة بعض الأعراض، كجفاف الجلد، والإمساك، وزيادة الوزن، واضطراب الحالة المزاجية، والتعب مع التقدم في السن، وفي بعض الأحيان قد يكون العرض الوحيد لقصور الدرقية الشديد لدى كبار السن هو فقدان الذاكرة أو تراجع قدراتهم الإدراكية التي غالباً ما تُعزى إلى التأثير الطبيعي للتّقدم في السن، وفي هذا السياق يُشار إلى أنّه يُمكن نسب هذه الأعراض لديهم إلى إصابتهم بقصور الغدة الدرقية بعد معرفة تاريخ العائلة المرضي وتاريخ الفرد المرضي بما في ذلك إذا سبق له الخضوع لعمليةٍ جراحيّةٍ أو للإشعاع العلاجي في الرقبة.
أعراض خاصة بالنساء
بشكلٍ عام تُعدّ النساء أكثر عرضةً للإصابة باضطرابات الدرقية مقارنة بالرجال، خاصةً بعد الحمل أو بعد انقطاع الطمث،[]وفي الحقيقة لهرمونات الغدة الدرقية أهميةٌ خاصةٌ جداً عندما يتعلق الأمر بالإنجاب، إذ تؤثّر هذه الهرمونات بشكلٍ مباشر في المبيضين وبشكلٍ غير مباشر في الهرمونات الجنسية المرتبطة بالجلوبيولين (بالإنجليزية: Sex hormone-binding globulin)، وبالتالي فإنّ أيّ خللٍ يُصيب الغدة الدرقية قد يؤدي إلى حدوث اضطرابات في الدورة الشهرية والتأثير في فرص الإنجاب،
] وفي هذا السياق ينبغي التأكيد على أنّ ظهور أيٍّ من الأعراض والمشاكل الصحية لا يكون حتمياً لدى جميع المصابات بقصور الغدة الدرقية، ولكنّه قد يحدث لدى بعضهنّ، وتزداد فرصة ذلك مع زيادة شدة النقص في هرمونات الدرقية، ولكن لحسن الحظ أنّ الأدوية المستخدمة لعلاج قصور الدرقية والتي تعوّض النقص في هرمون الدرقية قد تكون كفيلة بحلّ هذه الأعراض والمشاكل الصحية،]
وفيما يأتي بيانٌ للأعراض المحتملة لنقص هرمون الدرقية لدى بعض النساء:
- اضطراب الدورة الشهرية: قد تؤدي الإصابة بقصور الدرقية إلى حدوث اضطراباتٍ في الدورة الشهرية، منها نزيف الحيض الغزير والذي قد يستمر لفترةٍ أطول من المعتاد، أو ندرة أو قلة الطمث (بالإنجليزية: Oligomenorrhea)، أو انقطاع الحيض (بالإنجليزية: Amenorrhea).[]
- التأثير في فرص الإنجاب: يؤثّر قصور الدرقية في قدرة المرأة على الإنجاب بسبب تأثيره في توازن الهرمونات المسؤولة عن حدوث الإباضة؛ إذ يُحفزّ قصور الدرقية الجسم لإنتاج المزيد من هرمون البرولاكتين (بالإنجليزية: Prolactin)، وهو الهرمون المسؤول عن تكوين الحليب في الجسم، وبالتالي فإنّ ارتفاع نسبة البرولاكتين بشكلٍ كبيرٍ يؤدي إلى منع حدوث الإباضة، وهذا كله يجعل حدوث الحمل أمراً صعباً بعض الشيء، ولكن يجدر التنويه إلى أنّ اتباع خطة العلاج المناسبة التي يضعها الطبيب تحلّ هذه المشكلة في أغلب الأحيان.[١١]
- التأثير في الحمل: يجدر التنويه مرةً أُخرى إلى أنّ الأدوية المُستخدمة لعلاج قصور الدرقية قادرةٌ على منع حدوث المشاكل أثناء الحمل، كما أنّها آمنة للاستخدام خلال فترة الحمل،[]، وفي سياق هذا الحديث يُشار إلى أنّ انخفاض هرمون الدرقية غير المُعالج قد يؤثر في صحة الأم والطفل، وقد يُهدد استمرار الحمل؛ فقد يُودي قصور الغدة الدرقية أثناء الحمل إلى الإصابة بفقر الدم (بالإنجليزية: Anemia) أيّ انخفاض عدد خلايا الدم الحمراء الصحية، وحدوث مقدمات الارتعاج أو ما يُسمّى بما قبل تسمم الحمل (بالإنجليزية: Preeclampsia)، وولادة جنين بوزنٍ منخفضٍ يُقدّر بأقل من 2.26 كيلوغرام، وفي بعض الأحيانإنّ قصور الدرقية غير المعالج أثناء الحمل قد يؤدي إلى حدوث مشاكل في نمو الطفل وتطور الدماغ؛ وذلك لدور هرمونات الدرقية المهم والضروري في تطوّر الدماغ ونموه.[][]ولمعرفة المزيد عن خمول الغدة الدرقية أثناء الحمل يمكن قراءة المقال الآتي: (نقص الغدة الدرقية للحامل).
أعراض خاصة بالأطفال واليافعين
تتشابه الأعراض والعلامات التي تظهر على الأطفال واليافعين المُصابين بقصور الدرقية بشكلٍ عام مع الأعراض الظاهرة على البالغين المُصابين به، ولكن بالإضافة إلى ذلك توجد مجموعةٌ من الأعراض الخاصة بهذه الفئة العمرية، منها؛ ضعف النمو الذي قد يؤدي إلى قصر القامة، وتأخر نمو الأسنان الدائمة، وتأخر البلوغ، بالإضافة إلى ضعف النمو العقلي، ويمكن السيطرة على هذه المشاكل بالالتزام بالخطة العلاجية المناسبة التي يصفها الطبيب المختص، وبالتالي ينمو الطفل وتتطور قدراته العقلية على الوجه الصحيح.[][]
ولمعرفة المزيد عن خمول الغدة الدرقية للأطفال يمكن قراءة المقال الآتي: (كسل الغدة الدرقية عند الاطفال).
أعراض خاصة بحديثي الولادة
يُمكن أن يولد الطفل مُصابًا بقصور الغدة الدرقية، وهو ما يُعرف بقصور الدرقية الخلقي (بالإنجليزية: Congenital hypothyroidism) والذي يُعزى حدوثه إمّا إلى عدم اكتمال نمو أو تطوّر الغدة الدرقية (بالإنجليزية: Dysgenesis) أو عدم تطورها من الأساس أو ظهورها في غير موقعها، وإنّ هذه الحالة هي أكثر أسباب قصور الدرقية شيوعًا، وأمّا السبب الثاني فيتمثل بعدم قدرة الغدة الدرقية على إفراز كمياتٍ كافيةٍ من هرموناتها رغم وجود غدة متطورة بسبب مشاكل في إحدى مراحل تصنيع هذه الهرمونات وهو ما يُعرف بخلل تكوّن هرمونات الغدة الدرقية (بالإنجليزية: Thyroid dyshormonogenesis)، وفي نهاية المطاف أيّاً كان السبب فإنه يؤدّي إلى حدوث نقصٍ في مستويات هرمونات الدرقية لدى حديث الولادة، وفي الحقيقة، إن أغلب حالات قصور الدرقية الخلقي هي حالاتٌ فردية، ولكنّ حوالي 10-20% من الحالات قد تكون وراثية، وتنبغي الإشارة إلى أنّ بعض حديثي الولادة قد يُصابون بقصور الغدة الدرقية في مرحلةٍ لاحقة عندئذٍ يُعرف بقصور الغدة الدرقية المُكتسب ولعلّ من أبرز أسبابه إصابة حديث الولادة بالتهاب الدرقية لهاشيموتو (بالإنجليزية: Hashimoto's thyroiditis)، وهو أحد أشكال التهابات المناعة الذاتية التي يُهاجم فيها الجهاز المناعيّ الغدة الرقية عن طريق الخطأ.
وعلى الرغم من أنّ قصور الدرقية الخلقي نادر الحدوث، إلاّ أنّ جميع الأطفال حديثي الولادة يخضعون لفحوصات الدّم بهدف استبعاد إصابتهم به، وبالتالي حمايتهم من الأعراض التي قد تترتب على عدم تشخيص الحالة وعلاجها بشكلٍ فوري، وينبغي بيان أنّه قد لا تظهر أعراض قصور الدرقية لدى الكثير من حديثي الولادة، لذلك يُكون من الضروري إجراء الفحص للتأكد،
ولكن قد تظهر الأعراض التالية لدى البعض:
- كبر حجم اللسان وزيادة سماكته.
- انتفاخ الوجه.
- ظهور بقعٍ كبيرةٍ وناعمة الملمس على فروة الرأس.
- البكاء بصوتٍ مبحوحٍ وأجش.
- الإمساك.
- الفَتْق السُريّ (بالإنجليزية: Umbilical hernia)؛ حيث يظهر على شكل انتفاخٍ في المعدة، وبروز السرة إلى الخارج.
- مشاكل في التغذية؛ من بينها مواجهة صعوبات ٍفي البلع، بالإضافة إلى استيقاظ الطفل ليلاً بسبب حاجته للغذاء.
- نقص التوتر العضلي (بالإنجليزية: Hypotonia) والمعروف أيضاً بمتلازمة الطفل المرن (بالإنجليزية: floppy baby syndrome).
- باليرقان (بالإنجليزية: Jaundice)؛ حيث يُعاني الطفل من اصفرارٍ في الجلد والعيون.
أعراض قصور الدرقية الشديد
يُعرف قصور الغدة الدرقية الشديد بالوذمة المخاطية (بالإنجليزية: Myxedema)؛ حيث يؤدي إهمال العلاج لفترة طويلة إلى تطور المرض وحدوث الوذمة المخاطية، وعلى الرغم من أنّ هذه الحالة نادرة الحدوث إلاّ أنّها خطيرة؛ إذ يُمكن أن تؤدي الوذمة المخاطية إلى إبطاء سرعة عمليات الأيض بشكلٍ كبيرٍ لدرجة دخول المُصاب في غيبوبة، لذلك يُنصح بمراجعة الطبيب في حال الشعور بأعراض الوذمة المخاطية،[] والتي تشمل ما يأتي:]
- انتفاخ أو تورّم الوجه، واللسان، والساقين.
- عدم القدرة على تحمّل البرد.
- شحوب البشرة وجفافها، وخشونة الشعر.
- تراجع القدرة على التنفس.
- الارتباك.
- الهذيان.
- تضخم الغدة الدرقية.
- الشعور بالكآبة.
- انخفاض درجة حرارة الجسم.
- فقدان الطاقة والقدرة على الحركة.
- النوبات (بالإنجليزية: Seizures).
- فقدان الوعي.