يفضل الأطباء النفسيون تقليل تعقيد العاطفة البشرية واختصارها إلى أربع فئات، هي الغضب، الحزن، السعادة، الخوف. ومن بين الأربع يعد الغضب العاطفة الأكثر اعتيادا وراحة بالنسبة للرجال.


يقول المعالج النفسي أفروم فايس، في مقال له على موقع "سيكولوجي توداي" (Psychologytoday) "بالطبع، لدى الرجال مشاعر أخرى غير الغضب، فهم يشعرون بالحزن والسعادة والخوف. إلا أن الغضب هو العاطفة الوحيدة المقبولة اجتماعيا لهم، فهناك الكثير من المحظورات الاجتماعية ضد الرجال ممن يعبرون عن مشاعرهم بطرق أخرى غير الغضب، نحن نفكر في الرجال الغاضبين على أنهم أقوياء وأكثر ذكورية، والرجال الذين يعبرون عن الحزن أو الخوف ضعفاء وأقل ذكورية".

وأضاف المقال "الرجال يستهويهم الغضب لأنه مسموح لهم أن يكونوا غاضبين وغير مسموح لهم أن يكونوا ضعفاء".

وجهة نظر أخرى تعبر عنها الكاتبة ليندسي دودجسون، المهتمة بالسلوك البشري وعلم النفس والصحة العقلية، على موقع "إنسايدر" (Insider)، حيث تقول "إن الغضب عاطفة ثانوية، وهذا يعني أن هناك دائما مشاعر أخرى تحتها، مثل الحزن أو الشعور بالأذى. بالنسبة للرجال فإنهم يلجؤون إلى الغضب ليختبئوا مما يشعرون به، وغالبا ما يكون الخوف سبب غضبهم".


طرق التعبير عن الغضب
وجد الباحثون أن التنشئة الاجتماعية يمكن أن تؤثر على كيفية تعامل الرجال والنساء مع غضبهم. تقول عالمة النفس ساندرا توماس، على موقع "الجمعية الأميركية لعلم النفس" American Psychological Association "لقد تم تقديم مفاهيم خاطئة لكل من الرجال والنساء من خلال التنشئة الاجتماعية التي تلقوها، فقد تم حث الرجال على أن يكونوا أكثر علانية مع غضبهم. أما الفتيات فقد تم حثهم على إبقاء غضبهم محدودا ومنخفضا".

تقول توماس، التي درست تجارب النساء والرجال مع الغضب، إنه "غالبا ما ينظر إلى الغضب عند الرجال على أنه "رجولي" عندما ينخرط الرجال في معارك أو قتال يتصرفون بغضبهم جسديا. بالنسبة للفتيات، لا يتم التشجيع على التصرف بهذه الطريقة لأنهن عادة ما تصلهن رسالة مفادها أن الغضب مزعج وغير أنثوي".

ويعود فايس فيقول "بينما النساء أكثر ميلا لتوجيه غضبهن إلى الداخل والبحث عن طريقة لإلقاء اللوم على أنفسهن، فإن الرجال أكثر عرضة للهجوم لأنه يساعدهم على الشعور بمزيد من السيطرة على عواطفهم، فضلا عن إمكانية التحكم في الناس حولهم أيضا".



هل الرجال أكثر غضبا؟
في الدراسة التي أجرتها توماس عن غضب النساء عام 1993، وكانت عبارة عن تحقيق واسع النطاق شمل 535 امرأة تتراوح أعمارهن بين 25 و66 عاما، بهدف معرفة أسباب غضب النساء، كشفت الدراسة عن ثلاثة جذور مشتركة لغضبهن وهي العجز والظلم وعدم شعور الآخرين بالمسؤولية.

غير أن النساء لا يملن إلى أن يكن عدوانيات مثل الرجال في التعبير عن الغضب، ويملن إلى التحدث عن غضبهن أكثر. ويستخدمن أساليب أكثر لحل المشكلات في مناقشة مشكلة مع شخص غاضب منهن.

في دراسة أخرى، قام بها البروفيسور ريموند ديجيوسيبي رئيس قسم علم النفس ب‍جامعة سانت جون في نيويورك إجراء الاستطلاع على 1300 شخص تتراوح أعمارهم بين 18 و90 عاما، ووجد أن الاختلافات في درجات الغضب الإجمالية للرجال والنساء لم تكن كبيرة، إلا أنه وجد اختلافات في طريقة تعاملهم مع الغضب.

فقد سجل الرجال درجات أعلى في العدوان الجسدي والعدوان السلبي وتجارب التعامل بغضب متهور. كما كان لديهم في الغالب دافع للانتقام لغضبهم.

من ناحية أخرى، تبين أن النساء يغضبن لفترة أطول، ويكن أكثر استياء وأقل احتمالية للتعبير عن غضبهن، مقارنة بالرجال. ووجد ديجيوسيبي أن النساء استخدمن العدوان غير المباشر عن طريق "شطب" عدد أكبر من الناس، بقصد عدم التحدث إليهم مرة أخرى بسبب غضبهن.

كما وجد البروفيسور أن الغضب يتناقص ببطء مع تقدم العمر، وتقل الاختلافات في مجالات الغضب بين الجنسين لمن تزيد أعمارهم على 50 عاما، رغم أن الرجال لا يزالون أكثر عرضة للعدوانية والنساء أكثر عرضة للإصابة بنوبات غضب أطول.