هل الواحدُ.. عدد؟!
السائل (!!!): ذكرتم – فضيلة الشيخ- في القواعد المئة أنّ الواحدَ ليسَ بعدد، والمعروف الذي درسناه منذ الصّغر أنه عدد، وفي دراستنا للحساب والرياضيات نقول: العدد واحد، فأرجو التوضيح؟
الفتوى 171: نعم، ذكرت القاعدة التي أشرت إليها، وهي من القواعد التي لا ينبغي عليها أحكام نحوية، ولكني أردت بذلك تقرير الصّواب في هذه المسألة التي جرى الاختلاف فيها بين أهلِ اللّغة والنّحو، وينبني عليها أدب لطيف دقيق في التوحيد.
وبيان ذلك: أنّ العدد هو ما كان مؤلفاً من وحدات، بحيث يستطيع المرء أن يفرّقها إلى أجزاء منفصلة، أو يقسّمها بالتساوي، والأول في الأعداد الفردية، والثاني في الجزئية.
ويرى النحاة، كثيرٌ منهم أن الواحد عدد؛ لأنه أصل الأعداد، قالوا: ولا يصحّ أن يكون الفرع عدداً والأصل ليس كذلك، ولأن له كمّية في نفسه، فإذا قيل: كم عندك؟ صحّ أن تقول: واحد، كما يصحّ أن تقول: اثنان أو ثلاثة.
ذكر ذلك الزبيدي في التاج (عدد) ولكن هذا الإلزام غير ملزمٍ فيما أرى؛ لأنه الشيء إذا كان أصلا ثمّ تكاثر أو تفرّع، قد تكون فروعه أو ما تكاثر منه أصنافاً أخرى مختلفة الذات والصفات؛ فإنّ كل شيء حيّ أصل خلقته من الماء، ولا يصحّ أن يقال عن الماء: إنسان، أو فرس، أو طير، كما أن السؤال بـ(كم) والجواب عنه صادق على ما دون الواحد كالنصف والثلث والربع، فنقول: كم عندك؟ فتقول: نصف درهم.
وأما اللطيفة الدقيقة التي ذكرتها في صدر الإجابة، فهي أن الله واحد أحد، ولا يصحّ أن يقال عن الواحد: إنه عدد؛ لأنه يوهم الزيادة على واحد، وبه تعلم أنّ الحقّ في هذه المسألة مع اللّغويين لا مع النحويين، وأول ما لمحت هذه المسألة في بعض كتب أبي محمد ابن حزم، رحمه الله، ولا أدري أين ذكرها، وكان ذكره لها في سياق مسألة كلامية.. والله أعلم.