"صورة أرشيفية"
حجم الكائن من العوالق يبلغ نصف مليمتر ويتراكم على قاع البحر، ويشكل كنزا من المعلومات حول مناخ الأرض (ويكيبيديا)
بحلول عام 2025، من المحتمل جدا أن تصل مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى أعلى مما كانت عليه خلال الفترة الأكثر دفئا منذ 3 ملايين و300 ألف عام.
وينذر هذا الوضع بتفاقم ظاهرة الصوبة الزجاجية، وارتفاع درجات الحرارة عالميا، ومن ثم ارتفاع مستويات البحار وغرق السواحل.
جاءت تلك النتائج في بحث جديد أجراه فريق من جامعة ساوثهامبتون نشر في دورية "ساينتفيك ريبورتس" (Scientific Reports) التابعة لمؤسسة نيتشر بتاريخ 9 يوليو/ تموز الجاري، ونقلها تقرير لموقع "فيز.أورغ" (Phys.org).
حفريات البليوسين
درس الفريق التركيب الكيميائي لحفريات صغيرة بحجم رأس دبوس تم جمعها من الرواسب المحيطية العميقة في البحر الكاريبي. واستخدم الفريق هذه البيانات لإعادة بناء المعرفة بتركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي للأرض خلال عصر البليوسين، أي قبل حوالي ثلاثة ملايين سنة عندما كان كوكبنا أكثر دفئا بما يزيد على ثلاث درجات مئوية عما هو عليه اليوم مع أغطية جليدية قطبية أصغر ومستويات بحرية عالمية أعلى.
قال الدكتور "ألينيه دي لا فيغا" (Aline de la Vega) الذي قاد الدراسة، "إن المعرفة بثاني أكسيد الكربون خلال الماضي الجيولوجي ذات أهمية كبيرة لأنها تخبرنا كيف استجاب النظام المناخي والأغطية الجليدية ومستوى سطح البحر سابقا لمستوياته المرتفعة".
ويضيف "درسنا هذا الفاصل الزمني الخاص بتفاصيل غير مسبوقة، لأنه يوفر معلومات سياقية كبيرة لحالتنا المناخية الحالية".
تكوين قذائف العوالق الحيوانية المتحجرة مكّن من إعادة بناء الأس الهيدروجيني وثاني أكسيد الكربون لعصر البليوسين (جامعة ساوثهامبتون)
قذائف العوالق الحيوانية
لتحديد ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، استخدم الفريق التركيب النظائري لعنصر البورون، الموجود بشكل طبيعي كشوائب في قذائف العوالق الحيوانية المسماة "فورامينيفيرا" (foraminifera) أو "الفورامز" (forams) اختصاراً.
يبلغ حجم الكائن من العوالق حوالي نصف مليمتر ويتراكم تدريجيا بكميات ضخمة على قاع البحر، ويشكل كنزا من المعلومات حول مناخ الأرض الماضي.
ويعتمد التكوين النظائري للبورون في قشوره على حموضة (الأس الهيدروجيني) لمياه البحر التي تعيش فيها العوالق.
ولوجود علاقة وثيقة بين ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي ودرجة الحموضة في مياه البحر، فيعني هذا أنه يمكن حساب ثاني أكسيد الكربون في الماضي من القياس الدقيق للبورون في الأصداف القديمة.
معالجة كيميائية دقيقة لفصل البورون عن القذائف وقياس تكوينها النظائري (جامعة ساوثهامبتون)
تشابه مذهل
وأضاف الدكتور توماس تشوك، أحد مؤلفي الدراسة أن التركيز على فترة تاريخية دافئة سابقة عندما كان التشمس هو نفسه اليوم يعطينا طريقة لدراسة كيفية استجابة الأرض حاليا لتأثير ثاني أكسيد الكربون.
وقال إن "النتيجة المذهلة التي وجدناها أن الجزء الأكثر دفئا من عصر البليوسين كان يحتوي على ما بين 380 و420 جزءا لكل مليون من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. وهذا مشابه لقيمة اليوم التي تبلغ حوالي 415 جزءا في المليون، مما يدل على أننا وصلنا بالفعل إلى مستويات كانت في الماضي المرتبط بدرجة الحرارة ومستوى سطح البحر أعلى بكثير من اليوم".
وأوضح أنه حاليا، ترتفع مستويات ثاني أكسيد الكربون لدينا بنحو 2.5 جزء في المليون سنويا، مما يعني أننا بحلول عام 2025 سنكون قد تجاوزنا أي شيء شهدناه في 3 ملايين و300 ألف عام الماضية.
في عصر البليوسين كان كوكبنا أكثر دفئا مع أغطية جليدية قطبية أصغر ومستويات بحرية عالمية أعلى (ويكيبيديا)
مستويات غير مسبوقة
من جهته، قال البروفيسور جافين فوستر، الذي شارك أيضا في الدراسة إن "السبب في أننا لا نرى درجات حرارة شبيهة بالبلوسين ومستويات سطح البحر حتى الآن، هو أن مناخ الأرض يستغرق بعض الوقت حتى يصل إلى الاستقرار على أعلى مستويات ثاني أكسيد الكربون".
واختتم الدكتور دي لا فيغا بقوله "بعد أن نتجاوز مستويات البليوسين من ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2025، ستكون تلك المستويات غير مسبوقة في أي وقت خلال الـ 15 مليون سنة الماضية، منذ منتصف المناخ الميوسيني الأمثل، وهو وقت كان أدفأ من البليوسين".
aljazeera.net