تاريخ ليبيا
تتكون ليبيا من ثلاث ولايات : برقة، و طرابلس، وفزان. ومدينة طرابلس ( ومعناها ثلاث مدن ) أنشأها الفينيقيون وظلت تحت سيطرتهم إلى ما بعد تدمير قرطاجة بقليل ( 146 ق.م ) عندما أحتلها الرومان.
أما مدينة برقة فقد أنشأها فى منتصف القرن السابع ق.م جماعة من اليونانيون كان يتزعمهم رجل يدعى باطوس، وقد حكم خلفاؤه المدينة قرابة 200 سنة، وفيما بعد أحتلها الأسكندر الكبير. وعند وفاته فى عام 333 ق.م. أصبحت جزءاً من المملكة المصرية فى عهد البطالسة. وفى عام 96 ق.م. أنتقلت إلى حكم روما و تكونت منها، مع كريت، ولاية رومانية.
عندما أخذت الأمبراطورية الرومانية الغربية فى الأضمحلال فى بداية القرن الخامس، غزت الغرب واحدة من أشرس قبائل البربر و أكثرهم حباً فى التدمير، وهى قبيلة الوندال. وقد أخترق الوندال فرنسا ومنها إلى أسبانيا، ثم عبروا البحر إلى أفريقيا، و أستمروا فى تقدمهم إلى أن أحتلوا ليبيا، وظلوا يسيطرون عليها دون منازع طيلة مئة عام. وفى سنة 533 قرر الأمبراطور الرومانى العظيم جستنيا أن يغزوا البلاد، فأرسل جيشاً كبيراً بأمرة قائده المشهور بليزاريوس، و أنجز المهمة بنجاح تام، فهزم الوندال و أسر ملكهم.
كان العرب هم الفاتحين التالين لليبيا، وكانت حماستهم المتدفقة للدين الإسلامى قد جعلتهم يندفعون بجيوشهم عبر شمال أفريقيا بعد وفاة الرسول محمد عام 633. مع ذلك فإن الإسلام لم يتوطد فى ليبيا إلا بعد الغزو الإسلامى بنحو قرنين.
وفى منتف القرن السادس عشر غزا الأتراك ليبيا. وكان القرن التالى هو العصر العظيم لقراصنة البربر الذين أتخذوا من ميناء طرابلس مخبأ له. و كثيراً ما كانت الاساطيل الفرنسية و الإنجليزية تدمر الميناء فى محاولتها تخليص البحر المتوسط من تهديد القراصنة. وقد أخذت قوة الأتراك تضعف فى السنوات الأولى من القرن الثامن عشر، و الواقع أن ليبيا كانت دولة مستقلة على الرغم من أنها ظلت أكثر من مئة عام تدفع الجزية للسلطان كسائر الولايات التابعة للأمبراطورية العثمانية. وكانت تحكمها أسرة القرمنلى التى كانت من الباشوات.
أشتدت التنافس بين الدول الأوروبية الكبرى فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر للحصول على مستعمرات فى أفريقيا. ولم تكن ليبيا فى بداية الامر ما يغرى المستعمرين بالأستيلاء عليها، وذلك لصحاريها الشاسعة. ولكن حدث فى عام 1911 أن قرر الإيطاليون، بعد أنتصارهم على الأتراك، أن يستولوا على البلاد. وكان شعور الإيطاليين أنه من أجل أستعادة ثقة الشعب بعد الفشل فى مضمار الأستعمار، لابد أن يحققوا مغامرة ما فى شمال أفريقيا. ولكن الليبيين أظهروا مقاومة عنيفة، ولم يتمكن الإيطاليين من إتمام الغزو إلا فى عام 1932، وقد راح ضحية هذا الغزو الأستعمارى عدد كبير من الليبيين.
كانت ليبيا خلال الحرب العالمية الثانية من أهم ميادين القتال. و شاهدت أراضيها الصراع العظيم بين الجيوش البريطانية و الجيوش الألمانية التى كان يقودها رومل. وقد تمكن البريطانييون من التقدم مرتين لمسافات طويلة داخل ليبيا. ولكنهم أجبروا على التراجع إلى داخل الحدود المصرية، و أخيراً تمكنوا من أحراز النصر فى موقعة العلمين عام 1942 وتم طرد الإيطاليين من ليبيا.
تولى البريطانيون و الفرنسيون إدارة حكم ليبا لبضع سنوات بعد أنتهاء الحرب. وفى عام 1949 أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن البلاد يجب أن تحصل على أستقلالها فى موعد لا يتجاوز 1952، وفى السنوات التى تلت ذلك عكف الزعماء الوطنيون، يعاونهم موظفو الأمم المتحدة، على إعداد الدستور، و كان يقضى بإنشاء حكومة ديمقراطية فى ظل النظام الملكى الدستورى، وقد أعلن الأستقلال رسمياً فى عام 1951.
وعادت إلى الحكم اسرة السنوسى، و هى الأسرة التى قادت النضال ضد الفاشية الإيطالية، ولكنها وقعت قبضة السلطة البريطانية. و حتى بعد الأستقالا ظلت ليبيا تتكون من ثلاث مناطق رئيسية هى : بنغازى تحت النفوذ البريطانى، طرابلس تحت النفوذ الإيطالى، و فزان تحت النفوذ الفرنسى، ونقصد بذلك النفوذ السياسى و الثقافى.
ثم دخلت الولايات المتحدة الأمريكية، فعقدت مع السنوسى إتفاقية من شأنها أن تصبح هويلس أو الملاحات منطقة عسكرية أمريكية، بينما تبقى طبرق منطقة أحتلال عسكرى بريطانى. و كانت قاعدة هويلس بالذات من اكبر القواعد العسكرية الأمريكية - فى الطيران - و تكمل عسكرياً الحلف الأطلسى الذى تهيمن عليه الولايات المتحدة.
وفى الفترة التى تلت أستقلال ليبيا عام 1951، أكتشفت مناطق كبيرة غنية بالبترول، فأصبحت ليبيا بذلك من أهم مراكز الحلف الأطلسى عسكرياً و أقتصادياً، و بالتحديد فى شمال أفريقيا وفى البحر المتوسط.
و أستمر الموقف على تلك الحال حتى ثورة " الفاتحمن سبتمبر " التى قام بها مجموعة من الضباط على رأسهم معمر القذافى. وفى سنة واحدة أخليت قاعدة هويلس، و قاعدة طبرق، و استرد الليبيون أستقلالهم كاملا بعد أن أعلنت الجمهورية.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بـاران
