من اعلام بلادي – إنعام كجه جي
“لا أملك ككاتبة سوى تحضير أرواح الماضي الجليل، لعلنا نخجل مما ألت إليه الأمور بين أيدينا.”
هذا ماتقوله الصحفية والروائية الكبيرة انعام كجة جي عن ماضي وحاضر العراق.
ولدت انعام كجة جي في بغداد عام 1952. اكملت دراستها الجامعية اختصاص الصحافة وعملت في نفس المجال وكذلك عملت في الاذاعة العراقية الى ان سافرت الى باريس لتحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون. تعمل حاليا كاتبة صحفية في جريدة الشرق الأوسط الصادرة من لندن ومجلة “كل الأسرة” الصادرة من الشارقة٬ الإمارات العربية المتحدة.
صدر اول كتاب بعنوان “لورنا” وهي سيرة المراسلة البريطانية لورنا هيلز التي كانت متزوجة من النحات والرسام العراقي الرائد جواد سليم.
وفي العام 2004 أعدت وأخرجت فيلماً وثائقياً عن الدكتورة نزيهة الدليمي، أول امراة أصبحت وزيرة في بلد عربي، عام 1959.
ومن شقتها الصغيرة في العاصمة الفرنسية باريس بدأت في رحلة كتابة الرواية. اول رواياتها هي “سواقي القلوب” في العام 2005، تبعها في العام 2008 رواية “الحفيدة الأميركية” والتي ترشحت إلى جائزة القائمة القصيرة للرواية العربية في عام 2009 – وهي النسخة العربية لجائزة (بوكر) العالمية للرواية. تم ترجمة الرواية الى ثلاث لغات، الانكليزية والفرنسية والصينية. الرواية الثالثة عنوانها “طشاري” وصدرت في العام 2013 عن دار الجديد في لبنان. ومرة اخرى تم ترشيحها الى القائمة النهائية “القصيرة” للجائزة العالمية للرواية العالمية في العام 2014.
و “طشاري” باللهجة العراقية تعني “التشتت والانتشار” والتي هنا يرتبط المعنى بالشعب العراقي الذي تشتت وانتشر في كل بقاع العالم نتيجة للسياسة والحروب والتدخلات الخارجية – والانقسام الذي نتج عن ذلك كله. لذلك فان الرواية تحكي قصة شعب باكمله ولاتقتصر مسيحيي العراق كما روجت دار النشر حينها عندما وضعت شريطا احمر على غلاف النسخة الفرنسية وفيها عبارات عن “نفي المسيحيين من العراق”.
فازت رواية “طشاري” ايضا بالجائزة الكبرى للرواية العربية، التي تمنحها مؤسسة (لاغاردير) الادبية الفرنسية سنويا بالتعاون مع معهد العالم العربي في باريس. والتي تعتبر اول رواية عراقية تفوز بهذه الجائزة منذ انشاءها عام 2013 والتي تمنح الى كتاب وروائيين عرب يكتبون بالفرنسية او مترجمة اعمالهم الى اللغة الفرنسية.
الرواية الرابعة والاخيرة لانعام كجة جي هي “النبيذة” عن دار الجديد في لبنان وفي 325 صفحة. ترشحت هذه الرواية إلى القائمة القصيرة لـالجائزة العالمية للرواية العربية في أبوظبي والتي تعد من أبرز الجوائز الأدبية وأعلاها. لاقت الرواية الاخيرة صدى واسع جدا من حيث المضمون وسير الاحداث والشخصيات واشاد جميع النقاد بطريقة الكتابة المميزة والفريدة من نوعها لانعام كجة جي.
تحمل انعام كجة على اكتافها، وفي عقلها وبداخل قلبها هم والم العراق. قلمها يرسم صور مختلفة. تكتب عن الاحداث والمواقف السياسية والاجتماعية وتأثيرها على مصائر الرجال والنساء. مثال ذلك ماكتبته عن البصرة بسبب الحروب والسياسة والى اليوم. كما كتبت بالطبع عن الشتات، شتات العراقيين اليوم وهي تستذكر جدها الاول الذي عاش في الموصل حتى النفس الأخير، في حين أن أحفاده اليوم يتواجدون في كل القارات من دون استثناء.
هي تجزم انها ليست في صفاف المؤرخين، لاتكتب التاريخ، ولم تعيش في زمن بعض الاحداث التي تناولتها في رواياتها وان الوصف هو ناتج البحث والصورة والقراءة، لكنها تحرص على نقل الاحداث كما كانت في ماضي هذا الوطن. كتبت واستطاعت ان توصل للقارئ وخاصة الشباب منهم صورة ماض عاشه اسلافهم، ويختلف في مضمونه عن اليوم. لكن ذلك الماضي لاتغلفه الحزن والحرمان ولا فقط قصص الهروب من السياسة والتجنيد الالزامي والحبيبة وانما هو ماضي يحتوي على الايجابيات. تقول انعام كجة جي عن ذلك: “الماضي الذي عشته في بلدي كان جميلا وثريا وراقيا وبالتالي لست محتاجة لتصفية حسابي معه بل أنا مدينة له بكل ما أمتلكه اليوم من ملامح الشخصية.”
تتابع وباعجاب التميز والابداع والايجابية التي يتمتع بها كثيرين من اهل بلدها، مثال ذلك مقالتها تحت عنوان (بنات زها حديد). اما عن واقع كتابة الرواية في العراق اليوم، تقول انعام كجة جي: “الرواية تزدهر في العراق والشعر يجاهد للصمود امام جحافل الاملاءات الدينية. كنا في الشعر التعبوي وصرنا في الطائفي. وبين الاثنين يمكن للاذن ان تلتقط اصواتا مبدعة ومتمردة ذات نبرة حميمة. لاتجد في المعمعة مكانها الذي تستحق.”