أمي سيدة صلعاءُ الرأسِ
بدنها هزيلٌ مثل قشّة، وذاكرتها اقصر من رأس سلحفاة..
تتناول وجبتين من الكيماوي كل يوم، تدفع دوائها في حلق عروقها، وتزرَّقُّ مثل بركةِ ماءٍ، وتنام على الفور..
عندما استأصل طبيبٌ متمرسٌ ثديها قبل عشرين عامٍ
ومنعه من أن يُدرَّ حليبه، قالَ لها: ستتعافين
الآن حَيث تغلِّفها الوحدّة ويقشّر شبابها الوجع
تتحسّس مكان ثدييها وتقول: لطالما كانا شاهقين..
أمي ياسمينة صابرة
وقابلة للضحكِ، صاحبة نكتةٍ ايضاً وتعرف كيف تتلاعب بالكلماتِ..
مرّةً كانت تقف قبالة مرآةٍ وتتحسس رأسها الصلعاء
قالت: لو أن النساء بشاربٍ لكنت آباكِ الآن ..
ما يهمُني هو قناعتها
إنها رغم كل ذلك تظن أن السرطانَ كآئنٌ برمائي
وأنها لو كانت تتقن الرسم، لأربكته بلوحةٍ استوائية
لرسمت له على الأقل زوجة بمائة ثدي..
هذه طفلة هزيلة، مثل القشّاتِ التي تنام على البحر
هذهِ أمٌّ مع سبقِ الدهشة، تعرف أن الحياة قصيرة مثل ذاكرتها
وأن جلدها الذي ييبس، لا سبيل له لأن يتكرر مرتين
وأن الستيانات المكوَّمة في قلب الخزانة
ليست أكثر من مجرّد زهو
تدرك كل هذا
ومتأكدة أن الكيماوي ليس وجبة تفسد روجيم الجميلات.
سوزان ازاد