من اعلام بلادي – يوسف ذنون
منذ يومين فقد العراق أحد أهم اعلامه، واحد كبار عباقرة الخط العربي ومفكري التراث العربي والأسلامي. كتب عنه الشرق والغرب، من تركيا والسعودية وإلى فرنسا جميعها تذكر أسمه في كتبهم ومقالاتهم, معارضهم وتجمعاتهم الثقافية
ونشراتهم ومعارضهم الثقافية. أنه كبير الخطاطين العراقيين يوسف ذنون.
ولد يوسف ذنون عبد الله عام 1932 في في محلة باب الجديد في مدينة الموصل. من أسرة موصلية محافظة. درس القرآن الكريم في (الملا) أي الكُتاب قبل أن يلتحق بمدرسة ابن الأثير للأحداث عام 1939 لغاية الصف الثالث الابتدائي ومنها إلى مدرسة باب البيض للبنين عام 1942، اكمل الدراسة الثانوية أولاً في المتوسطة الغربية عام 1945 ثم الإعدادية المركزية عام 1950. تخرج في العام 1951 من الدورة التربوية بالموصل.
بدأ الاهتمام بالخط العربي منذ الطفولة، فقد كان يرسم الخطوط المختلفة منذ أن كان في الصف الرابع الابتدائي وتأثره بالخطوط الموجودة في الكتب المدرسية التي أغلبها بقلم الخطاط العراقي المعروف صبري الهلال والخطاط الكبير هاشم البغدادي، ومن تلك الفترة طور قدراته بنفسه من خلال متابعة ودراسة الخط من الناحية الأدبية والتاريخية. انذاك لم يوجد الكتير من الخطاطين في الموصل والمعروف من الخطاطين على الصعيد الإعلامي في ذلك الوقت نوري سعيد الذي يتقن خط الرقعة إلى حد ما فقط، وكان هناك خطاط آخر وهو الخطاط فوزي الذي كان متمكنا من التلاعب بالألوان ورسم الأزهار. مع هذا فقد كانت المدارس تهتم تهتم بالخط العربي بالرغم من محدوديتها وتشجيع الطالب كهواية. هنا برز نجم الطفل يوسف ذنون الذي اشتهر بين أقرانه بطريقته في الرسم وهي رسم الحروف بقلمين ثم تلوينها.
عمل يوسف ذنون في سلك التعليم وكان عامل السفر بحكم تنقله الى مختلف الأماكن في العراق ومن بعدها إلى الخارج فرصة كبيرة للتطوير من خلال البحث والدراسة لهذا العالم الغني بالادب والتاريخ. عاد إلى العراق يحمل الكتب والمصادر المختلفة في هذا المجال والتي كانت بمثابة المراجع الأساسية له في خلق بصمته الخاصة به فيما بعد. كانت بداياته بكتابة بعض اللافتات لبعض المقربين وأخرى عامة ما مهد الطريق له إلى الشهرة في المجتمع الموصلي.
في العام 1962 تم افتتاح معهد المعلمين في الموصل وتم تعينه كمدرس مادة الخط العربي نظراً لخبرته الواسعة وصيته الواسع قبلها في بغداد. استطاع يوسف ذنون أن يدخل الجديد من ناحية الاسلوب والمضمون في تلك المادة بشكل متطور ومبسط للطالب. كما قام بإجراء نشاطات لا صفية بعد الدوام اليومي، وافتتاح لجانا للخط العربي والفن التشكيلي والأعمال اليدوية كانت من أهم نتائجها تخريج مجموعة من أكبر وأهم الخطاطين في تاريخ الموصل في ذلك الوقت مثل باسم ذنون، عبد الغالي عبد الرزاق، حسن قاسم حبش، عباس الطائي، علي الراوي، وغيرهم الكثير.
لم يقتصر تركيز يوسف ذنون في نشر وتعريف وتحبيب الناس في الخط العربي على طلبة المعهد، بتعدى ذلك ليشمل المؤسسات الفنية والنقابات والتجمعات الشبابية والطلابية بل حتى إلى المقاهي العامة وتنظيم دورات الخط العربي الصيفية للطلاب من مختلف المراحل، حتى تبلورت فكرة وتم نتيجة ذلك تأسيس جمعية التراث العربي التي كرست جهودها للتدريس وإلقاء المحاضرات عن التراث الشعبي والتعريف بالفنون المختلفة في الموصل التي عرفت من بعد ذلك بشهرتها في رعايتها مادة الخط العربي من كل أنحاء العراق.
تعتبر منح يوسف ذنون اجازة الخط العربي هي الأولى من الخطاط الكبير حامد الآمدي في العام 1966 عرض يوسف ذنون بعض من خطوطه الشخصية على الخطاط الكبير حامد الآمدي فأعجب بها لاكثر من سبب، الأول أن يوسف ذنون لم يقلد أحداً ولم يتبع أسلوب غيره في الكتابة من السابقين. السبب الثاني أن عندما طلب الخطاط الكبير حامد الآمدي منه أن يكتب أمامه ليتأكد من إمكانياته، فكان مبدعاً، سريعاً وكأنه يكتب الأحرف الاعتيادية – المعروف عنهم آنذاك أن الخط يكتب ببطء متناه. على هذا الأساس قال له “أنت تستحق الإجازة”. في وقتها لن يكن يوسف ذنون قد أعد لوحة للإجازة، فأخذ حامد الآمدي واحدة من لوحات يوسف ذنون التي قدمها وكان في أسفلها فراغ بسيط، فكتب فيها إجازته له بالخط. الأجازة الثانية كانت في العام 1969 تقديراً لانجازاته، حيث قدم وسيلة إيضاح لأنواع من الخط العربي، كتب فيها الآية الكريمة (وما بكم من نعمة فمن الله) ب15 نوعا من الخطوط العربية.
عمل في سلك التعليم في عده مدارس ومؤسسات تربوية:
– مدرسة المحلبية 1951
– مدرسة حمام العليل عام 1956
– مدرسة ابن حيان عام 1958
– متوسطة الوثبة عام 1960
– معهد المعلمين بين عامي 1962- 1969
في العام 1976 انتقل إلى ثانوية الرسالة وأصبح مسؤول الخط العربي في النشاط المدرسي وأصبح مشرفاً تربوياً للتربية الفنية. أحيل يوسف ذنون إلى التقاعد عام 1981 .
من انجازاته المشاركة في تأسيس جمعية التراث العربي في الموصل. وهو عضو جمعية الخطاطين العراقيين، وعضو جمعية رابطة الخريجين لتحسين الخطوط العربية في مصر. أعماله أربعة وأربعين جامعاً حتى نهاية عام 1976. وأقام معارض في الخط العربي ودرب طلبته على الخط منذ عام 1962، وساهم هو وطلابه في معارض بغداد منذ عام 1972
من مؤلفاته:
درس التربية الفنية 1965
خلاصة قواعد خط الرقعة 1971
الخط الكوفي 1972
مبادئ الزخرفة العربية (التوريق) 1972
تحسين الكتابة الاعتيادية 1978
قواعد خط الرقعة 1978
قواعد الخط الديواني 1978
الواسطي موصليًّا 1998
من تلاميذ يوسف ذنون:
مدينة الموصل:
د. نوفل الشهواني، عمار الفخري، علي الراوي، باسم ذنون، أياد الحسني، طالب العزاوي، سالم عبد الهادي، عباس الطائي، عبد الغالي عبد الرزاق، د. مؤيد صديق، وعد الله محمد داؤد، حسن قاسم حبش، عبد المنعم مجيد خطاب، عمار عبد الغني، ابراهيم المشهداني، احمد اسماعيل، زكريا عبد القادر، د. ادهام محمد حنش، بهنام فتوحي، الشقيقتان جنة وفرح عدنان، د. عامر الجميلي، ومن تلعفر. حيدر زكر، محفوظ ذنون.
من المحافظات العراقية:
احمد عبد الرحمن، زياد المهندس، جمشيد عبد الواحد، نجاة رسول، من أربيل. ومن كركوك كل من نجاة حميد، عطاالله احمد، مخلف عطية. ومن السليمانية. محسن حسين. ومن الطوز صفوت نديم. ومن دهوك صديق حامد. ومن الكوت جواد الغرباوي، عبد الحسين رضا. ومن البصرة فاضل شهاب داؤد. ومن بغداد عبد الرضا جاسم القرملي. ومن الأنبار علي المحمدي. ومن ديالى واثق محمود.
ومن العرب والمسلمين:
عبدالله الحساني من العربية السعودية، وناصر النصاري، عبد الرقيب العودري، عبد الرحمن الجنيدي من اليمن. ومن تونس الجيلاني الغربي، فرج ابراهيم. ومن الأردن منتصر الحمدان. ومن المغرب حميدي بلعيد، د. فوزية عدنان. ومن الجزائر حسين عيسى، مناد بن حليمة، صالح المقبض. ومن الكويت علي البداح. ومن تركيا د. تحسين طه.
توفي يوسف ذنون أثر جلطة دماغية يوم الجمعة المصادف 3 تموز / يوليو 2020 عن عمر ناهز الـ89 عاماً