محتويات
- نبذة عن مسيرة و شخصية الخضر غيلان
- القصر الكبير حاضرة الخضر غيلان
- كيف حاول الخضر استرجاع العرائش
- دور الخضر غيلان في تاريخ طنجة
- وفاة الخضر غيلان الأندلسي
- قصبة غيلان في مدينة طنجة
هو المجاهد الكبير لخضر غيلان، الذي كان من أشرس القادة المغاربة، وحسب المصادر التاريخية، فإن الخضر غيلان قد تزعم حركة الجهاد في بلاد الهبط، و قام بعدة حملات ضد الاحتلال الإسباني الذي كان يحتل مدينة العرائش في سنوات الخمسينات من القرن السابع عشر، ثم قام بمهاجمة الاحتلال البرتغالي الذي كان يحتل طنجة، وكرر هجماته بعد تسليم البرتغاليين مدينة طنجة للعرش الإنجليزي، ولا زالت قصوره شاهدة على كفاحه في بعض المدن وخاصة في طنجة وفي مدينة أصيلة “قصر الريسوني حاليا “، وفي مدينة القصر الكبير “دار غيلان “، لنتعرف من خلال هذا المقال على سيرة هذا المجاهد الكبير.
نبذة عن مسيرة و شخصية الخضر غيلان
الخضر غيلان هو قائد حركة الجهاد المغربي ضد الاستعمار الإنجليزي الذي احتل مدينة طنجة ما بين سنة 1662 و1684 ميلادية، ولد بمدشر الزراق بقبيلة بني جرفط في مدينة العرائش في المغرب، هو ابن الرجل الصالح سيدي عمر غيلان، و كان من أصحاب المجاهد أبي عبد الله العياشي وبعد وفاته تزعم حركة الجهاد ببلاد الهبط، ينحدر المجاهد الكبير من أسرة غيلان، وهم من الأندلسيين الذين نزحوا من غرناطة واستقروا في قبيلة بني كرفط في جْبَالَة ، وتعتبر هذه الأسرة من الشُرفاء وهم أصحاب زاوية أولاد غيلان ، بعد تزعمه حركة الجهاد، دخل مدينة القصر الكبير وانتزعها من الدلائيين، وجعلها حاضرته، وانطلق منها لقتال قوات الاحتلال البرتغالي ثم الإنكليز بطنجة.
كان في غاية الشجاعة وصاحب شخصية قوية للغاية، و حاد الطباع، شديد الكتمان و السرية، لا يكشف عن ما يدور بداخله، امتد نفوذ الخضر غيلان إلى طنجة وسبتة و تطوان وشفشاون و تازة.
القصر الكبير حاضرة الخضر غيلان
كان العياشي قد عين الخضر غيلان قائد حركة الجهاد في منطقة الهبط، و بعد وفاة العياشي، تولى الخضر غيلان قيادة الحركة، فاستولى على مدينة القصر الكبير سنة 1063هـ، وجعلها عاصمة الهبط وانتزعها من الدلائيين، و قتل علي بن أحمد، الرجل الذي اغتال أبي عبد الله العياشي، ومنها توجه لقتال البرتغاليين ثم الإنكليز بطنجة، و تمكن الخضر من ضم المنطقة الشمالية الغربية كلها.
كيف حاول الخضر استرجاع العرائش
كان من أهداف الخضر الكبرى استرجاع العرائش، فدعمته القبائل في مهاجمة المدينة في 28 ماي سنة 1655م، وحاصروها واتجهت محاولاتهم لفتح ثغرات في أسوارها، فأمر الحاكم الإسباني بصد الهجوم عن طريق المدفعيات وقد نجح في ذلك، ثم كرر الخضر المحاولة مرة أخرى في9 مايو سنة 1657م، وشن هجوما عنيفا قويا على المدينة نجت منه القوات الاسبانية بأعجوبة.
وحين امتد نفوذ الخضر إلى سائر قبائل جبالة والهبط و أضاف أصيلة و القصر الكبير و تطوان إلى المدن الخاضعة له، تضاعفت قوته أكثر و هاجم مدينة العرائش مرة أخرى سنة 1666. وبدأ في صنع سلالم للهجوم على أسوار العرائش، لكن قام أحد الأسرى الإسبان بتسريب الخبر ففشل الهجوم، كما حاول الخضر أن يقتحم المدينة بالقوارب، إلا أن باخرة كبيرة اعترضت طريقه و لم يتمكن من ذلك فانهزم غيلان أمام العرائش.
دور الخضر غيلان في تاريخ طنجة
كانت طنجة احد أهم المدن التي احتلها البرتغال بعد استيلاءهم على سبته سنة 1415م، والتي ستضمها لاحقا اسبانيا وذلك في 28 غشت سنة 1475، وبعد وفاة الملك سباستيان في معركة وادي المخازن العظيمة ، وقعت كل من طنجة وسبته وأصيلة والجديدة في يد السلطة الإسبانية من 1581 إلى 1643، ثم عادت إلى قبضة البرتغال من جديد ومنذ ذلك الحين أصبحت من أهداف المقاومة الشعبية التي تزعمها حينها القائد العياشي و سقط في تلك المقاومة الكثير من الشهداء أبرزهم علي غيلان و أحمد غيلان. ليتولى بعد ذلك الخضر غيلان قيادة المقاومة كما ذكرنا في وقت سابق.
استغل غيلان حصنه للهجوم على أسوار مدينة طنجة، ودخل في مواجهة مع الانجليز كان من أبرزها معركة “تلة اليهود” التي حدثت بواد اليهود في طنجة، و قد كبد الخضر غيلان الجيش الإنجليزي خسائر فادحة في هذه المعركة، و قتلوا القائد الإنجليزي لمدينة طنجة ، ليعود ما تبقى من جيشه إلى الاحتماء بأسوار طنجة خائفين من بطش الخضر غيلان. ثم قام بعد ذلك الخضر بتنظيم المقاومة المحلية بطنجة، مما جعل القتال يتحول ضد المحتل في شمال المغرب من مقاومة غير منظمة إلى حرب جماعية نظامية بالهبط، في سنة 1656، يتزعمها الخضر غيلان، و هذا ما جعل حاكمها البرتغالي يطلب هدنة لسنة واحدة، وقد وافق الخضر على ذلك ودامت الهدنة لسنة واحدة، قبل أن يعاود الهجوم على مدينة طنجة بعدد 25.000 من المجاهدين، فقطع عنها إمدادات الماء التي كانت تتزود منها عبر طريق القناة الرومانية المتصلة بواد اليهود، وقد حاولت البرتغال أن ترسل إمدادات لإنقاذ جيشها، إلا أنها سقطت في الكمين الذي نصبه أسطول الخضر البحري، بعد أن انطلق من سواحل مدينة أصيلة.
اضطرت البرتغال سنة 1662م للانسحاب من طنجة وتسليمها إلى ملك انجلترا شارل الثاني، لكن هجمات الخضر غيلان و رجاله لم تتوقف، الأمر الذي أجبر الإنجليز على عقد هدنة مع الخضر غيلان، في تلك الأثناء استغل الانجليز الهدنة لتحصين طنجة، كما قام الخضر ببناء حصن غيلان أو قصبة غيلان في ضواحي المدينة الموجود حتى الآن في مالاباطا بطنجة، الحصن الذي كان مشكلة حقيقية للقوات الإنجليزية، لأنه كان بمثابة تهديد متواصل للإطاحة بالإنجليز وتحرير مدينة طنجة من قبضتهم، وكانت مهمته الدفاع عن المدينة من الغزو الأوروبي و تضييق الحصار على المحتل من خلال شن هجوم كل فترة لإضعاف شوكتهم وطردهم من المدينة.
وفي سنة 1664 ذهب الخضر غيلان إلى مدينة العرائش لتحريرها من الاحتلال الاسباني ليعاود الهجوم على مدينة طنجة غير أنه اصطدم بالقوات الاسبانية والانجليزية والبرتغالية، كما اصطدم بحربه مع الدلائيين تحت قيادة محمد الحاج الدلائي، وهزم جيش الأخير في مولاي بوسلهام، ثم واجه العلويين بعد ذلك بقيادة المولى رشيد الذي مضى بجيشه إلى تطوان للقضاء على الخضر غيلان، لكن تمكن الخضر من الفرار إلى مدينة أصيلة ثم توجه إلى الجزائر طلبا لدعم الأتراك، واستغل الأوضاع المضطربة بعد الموت المفاجئ للمولى رشيد سنة 1672م، وتمكن من عرقلة تقدم الدولة العلوية بقيادة المولى إسماعيل حيث تعرض جيشه لهزيمة نكراء، قبل أن يتمكن إسماعيل من القضاء على حركة الخضر غيلان ويدخل مدينة القصر الكبير وأمر بقتل الخضر، ليتمكن بعده المولى إسماعيل من طرد الانجليز من طنجة بقيادة علي بن عبد الله الريفي.
وفاة الخضر غيلان الأندلسي
كما ذكرنا انصرف الخضر غيلان إلى تحرير العرائش التي كانت تحتلها اسبانيا ثم عاد إلى طنجة للهجوم على المحتلين لكن اتحاد الأسبان و الانجليز و البرتغاليين والعلويين ضد حركة الخضر غيلان في الشمال عجل باغتياله رحمه الله سنة 1084ه الموافق 1673م، بمدينة القصر الكبير ودفن بها، وبقي ضريحه معروفا لدى سكان المدينة إلى أن تم هدمه وشيد مكانه مسجد سنة 1984م.
بعد وفاته ب 12 سنة عادت طنجة إلى حكم الجيوش المغربية وبقيت مجهودات الخضر النواة الحقيقية للقتال و الصمود في وجه المحتلين، وما يزال قصره و حصنه الشامخ يشهد على عظمته و بطولاته الكبيرة .
قصبة غيلان في مدينة طنجة
قصبة غيلان هي من أهم المآثر التاريخية في طنجة، وتقع على الجانب الأيمن لوادي الحلق بالمدينة، على الطريق المؤدية إلى منطقة مالاباطا شرق المدينة القديمة حيث ارتبط اسمها بالقائد الخضر غيلان الذي قاوم ضد الاستعمار الانجليزي الذي احتل طنجة ما بين 1662 و 1684ميلادية، وقد تم بناؤها سنة 1664 ميلادية، صنّفتها وزارة الاتصال والثقافة المغربية ضمن المآثر التاريخية للمدينة بإدراجها على لائحة التراث الوطني.