أستغفرُ اللهَ من طيشي ومن زَللي
لم يبقَ في العمرِ من زادٍ لمرتَحِلِ
أستغفرُ اللهَ ما قد كانَ من نزقٍ
منّي وما كانَ من جهلٍ ومن خَللِ
عشرونَ مرّت وعشرٌ والشبابُ مضى
والأربعونَ تجدُّ الزحفَ في عجلِ
و الشيبُ لاحَ و أشباحٌ تطاردني
تحومُ حولي بسيفِ الخوفِ والوجلِ
و الذكرياتُ رعابيبٌ تُضاحكُني
تصبُّ لي مُرَّها الممزوجَ بالعسلِ
يا ليلةً من ليالي الحبّ حافلةً
طويتُ فيها بساطَ الليلِ بالقُبَلِ
ظلَّتْ تجادلُني في قُبلةٍ سُرقت
من وجنتيها و قد ْصِيدتْ علي عَجَلِ
قالتْ وقد صوَّبت نحوي خناجرَها
لقد جُنِنْتَ أيا غيلانُ فامتثلِ
فقلت يا حبَّذا هذا الجنونُ إذا
ما كان فيكِ وفي عينيكِ يا أملي
فأطرقت ْ ثم َّ أغضتْ شبهَ نائمةٍ
ومقلتاها تصبُّ الخمرَ في كسلِ
وارسلتْ لحظَها الوسنانَ تهتفُ بي
و قد تضرَّمَ جمرُ الخدِّ بالخَجلِ
ولم يزلْ خوفُها المزعومُ يصرخُ بي
ولم يزل شوقُها المحمومُ يهمسُ لي
ما بين رجفةِ قلبينا وقدْ خَفقَا
و بينَ غفوتنا سكرانُ لم أزَلِ
فقلت دعكِ فما يحلو الغرام إذا
ما كانَ متّشحاً بالحزنِ والزّعلِ
فرقرقتْ من دنانِ الحبّ صافيةً
و أسكرتْني بخمرِ الخدِّ و المُقَلِ
ياليلةَ الوصلِ كم راقتْ وكم قَصُرتْ
كأنّها ومضةٌ لاحتْ ولم تَطُلِ
أمضيتها بين مفروقٍ ومجتَمعٍ
وبين أسود َ منثورٍ و منسدلِ
كأنّنا في محاريبِ الغرام ِ معاً
نرقرق الحبَّ في أشواقِ مُبتهِلِ
هذي معذبتي يا مقلتي حضرتْ
في ليلتي فاهدئي يا عينُ واكتحلي
ويا فؤادي أراها قيدَ أنمُلةٍ
من أضلعي يا ضلوعي ويكِ فاعتدلي
هذي نسائمُها هبَّتْ عليَّ فيا
جوارحَ الرّوحِ شبي النارَ واشتعلي
ويا فؤادي أصِخْ ها صوتُ همستِها
اتاكَ يطرق ُ سمعَ الليلِ بالغزلِ
هذي معذبتي جاءتْ تميسُ كما
تميسُ بلقيسُ بالتّيجانِ والحُللِ
ماذا أقول لها والشوقُ يحرقُني
حتى أصاب لسان القلب بالشلل
يا ليتها علمت ْ أنّي أهيمُ بها
ولا أزالُ إلى أنْ ينتهي أجلي
وليتها أدركتْ أنّي جُنِنت ُ بها
حتّي أُصيبَ صوابُ العقلِ بالزّللِ
غيلان عامر