مع الإعلان عن إجراء تحقيق في مقتل المعارض الروسي ألكسندر ليتفينينكو الذي قضى نحبه عام 2006 في لندن إثر تسميمه بمادة البولونيوم المشعة، يعود موضوع السموم مرة أخرى إلى الواجهة وظهرت العديد من المقالات التي تضم قوائم أكثر المواد السامة، والتي غالبًا ما تجمع على أساس السمية الحادة التي تقاس بما يسمى LD50 أو الجرعة الوسطى المميتة وهي الجرعة اللازمة لقتل نصف عدد أفراد عينة تحت الاختبار، وتعبر أرقام الجرعة المميتة للنصف لمادة ما عن مدى سميتها، وقد ابتكر هذا المعيار عام 1927 جون وليام تريفان.
علماء السموم على بينة من القيود المفروضة على LD50، وذلك لأسباب تقنية وأخلاقية وقانونية، حتى إن قياس LD50 باستعمال الحيوانات أصبح أقل شيوعًا بشكل متزايد، وفيما يلي إليكم قائمة المواد السامة الأكثر سمية حسب LD50 الخاص بها.
1- توكسين البوتولينوم
على الرغم من أن بعضها يستخدم في صناعة مستحضرات التجميل (بما في ذلك
البوتوكس)، فإن أسرة توكسين البوتولينوم تتضمن أكثر المواد السامة التي عرفها الإنسان، وتبلغ قيم LD50 لهذه البروتينات السبعة نحو 5 نانوغرام/كلغ، (النانوغرام هو جزء من المليار من الجرام). والبوتولينوم يدمر قنوات الاتصال بين الأعصاب والخلايا العضلية ما يسبب شللًا تدريجيًّا للمصاب ينتهي بتوقف التنفس، وعلى الرغم من ذلك يمكن استخدام كميات قليلة منه في علاج
التشنج العضلي وفرط التعرق وشل العضلات المسببة للتجاعيد.
2- سم الأفاعي
مثل سموم البوتولينوم، فإن معظم سموم الثعابين هي مزيج من العديد من البروتينات التي غالبًا هي سامة للأعصاب بنسبة LD50 أقل من 1 ملغ/كلغ، ويكمن خطرها في سرعة نشاطها، وفي حين أن بعض سموم الثعابين قد تكون قوية للغاية، فإن سمومًا أقل قوة قد تقتل بشكل أسرع، أي إن السم القوي بطيء المفعول قد ترك ما يكفي من الوقت للتدخل، في حين أن السم سريع المفعول مع نسبة LD50 أقل قد يقتلك قبل أن تتمكن من الحصول على المساعدة.
3- الزرنيخ
تصل نسبة LD50 في الزرنيخ إلى نحو 13 ملغ/كلغ وهو بروتين سام له القدرة على تدمير أنظمة بناء الخلايا (الريبوسومات) ما ينتج عنه دمار الأعضاء الأساسية، وملّيغرام واحد من الريسين أو الزرنيخ يكفي لقتل شخص بالغ إذا استنشقه أو ابتلعه، ولذلك فإنه يحتل المراتب الأولى على قائمة المواد الخطرة حسب وكالة المواد السامة وسجل الأمراض.
4- البولونيوم 210
بينما المعادن السامة الأخرى مثل الزئبق والزرنيخ تقتل من خلال تفاعل المعدن مع الجسم، فإن البولونيوم يقتل بواسطة الأشعة الصادرة عنه والتي تدمر خلايا الجسم، والجرعة السامة الكافية لقتل أي إنسان بالبولونيوم هي واحد من مليون جزء من الغرام، ويحتفظ بفعاليته 138 يومًا، ما يؤدي إلى الموت البطيء عن طريق التسمم الإشعاعي، ويعتبر البولونيوم أحد أنجح أنواع السم التي تستخدم في عمليات الاغتيال السري، وهذه المادة هي التي استعملت لاغتيال العميل السابق لجهاز الاستخبارات الروسية (كي جي بي) ألكسندر ليتفينينكو عام 2006 في العاصمة البريطانية لندن.
5- الزئبق
قد يكون الزئبق من المواد السامة الأكثر شهرة ولكن سمية الزئبق هي في الواقع أكثر تعقيدًا لأنها تعتمد اعتمادًا كبيرًا على نوع الزئبق ومركباته العضوية وغير العضوية والتي لها تأثيرات مختلفة، ثم قيم LD50 التي عادة ما تكون بين 1 ملغ/كلغ و100 ملغ/كلغ. وتكمن خطورة الزئبق في استنشاقه، حيث إن ذرات الزئبق تدخل إلى الرئة وتصل بالتالي إلى
الدم والمخ، بينما حقن الزئبق السائل قد لا يؤثر على الإنسان بدليل أن أحد العمال حاول الانتحار عن طريق حقن العنصر السائل في أوردته، وبعد عشرة أشهر كان بصحة جيدة ولا يشتكي من أي أعراض رغم أن الزئبق توزع في جميع أنحاء رئتيه.
المصادر
www.nejm.org
www.theconversation.com