.
لا أحملُ وثيقة لدفنِ جسدٍ ينمو على أطراف الكمان ..
أنا ابن الجنوب
ولدتُ فى غرف الطين وفى صدرى حزمة قمح أخضر
شدنى النيل من أذنى ودربنى على التحليق بدلال النخيل ..
أنا ابن أبى وحامل سر العائلة
ارعى غنم الحقول وفى قلبي ثمرة خوخ معطوبة بالحرمان ..
أمسح بطنها المتخمر بماء الوقت
وأنتظر بنتا تروى ظمأ الناى لشفتين من حسرة وندم
أنا الذي راقب بحرا ممتلئا بالفراغ
يجفف الصحراء بأوراق الموت ويغني على لا شئ
يداعب الحجارة ويقذف حلقه الأبكم بالرمال
يسوي قصائده النيئة على ضلوع مكسورة
على مقربة من عينيك وهى تحرس رأسي
من تاجر النفط وسماسرة الأرض المجروحة
أنا أحمل جثتى فى محيط العراء
وأنتِ تزرعينَ اخشاب الصليب
على تل باسم الرب تعالي ..
تعلقينَ غيمة فى رئتى كفاتحة حرب
وتضربينَ وردة مصابة بالذكريات الأليمة
عن عيدان الضوء التى تشرب حليبها المر
من فوهة البنادق الملتهبة بجحيم الغدر
أنتِ لا تعرفينَ
كيف أوزع موتانا على مجرات الدماء سرا
واضعا أقفال البكاء فى محبرة معتقة
بأخبار الجنود وخرائط الممرات المكسوة بعشب التاريخ ..
المشروخة كحطام لبيت عتيق فى مدن القناة
وبوابات الجنوب الخائر
على حائط خربشته أصابع العدم
لصبح مزارا سياحيا للدببة التى تكبر على وسادة الزمن ..
وتنفجر كبركان يصلح لغزو المزيد من الأحلام التى نامت فى ذراع القمح بعد أن فقد شهية الكلام ..
أنتِ لا تعرفين
بأنى جسد مملوء بالثقوب كقبور عديدة تصرخ بالكدمات
وكيف كنا نكنس الماء من سراويل النجوم
ونحن نحمل الحدود كمشرحة مكتظة بالعويل
وكوابيس الجبال ..
أنا ابن الجنوب أربط النهر بحبل الحرير
و أثبته بمسمارين على حنجرتى بجلال أغنية
تتكحل بندى الفجر على أوعية المراعى ..
فعلى أى هيئة سيكون موتى ..
وأنتِ لا تعرفينَ
أن جيوبى المتعبة طرزتها أقمشة العتمة
لا تحملُ يا حبيبتى سوى قطعة واحدة من حلوى مجففة للصغار ..
وقصيدة تنبت فى صحراء حنجرة عارية ..
منقوول