حكي أن في يوم من لايام حضر مجنون الي مجلس إمام المسجد وكان لديه بعض الزائرين من الضيوف، فأحضر الامام تمراً وطلب من المجنون أن يقوم بتفريقه علي الحضور، فقال المجنون لإمام المسجد : أتريدني أن أقسم التمر كقسمة الناس ام كقسمة الله ؟! فقال له الإمام : اقسمة كقسمة الناس، فأخذ المجنون طبق التمر واعطي الي كل واحد من الحضور ثلاث تمرات ووضع بقية الطبق أمام الامام .
عندها قال له الإمام : أقسمة كقسمة الله، فبدأ المجنون بجمع التمر من جديد وأعطي الاول ثمرة والثاني حفنة والثالث لم يعطيه شئ والرابع ملأ حجرة بالتمر، فضحك الحاضرون طويلاً، لقد أراد المجنون أن يعلم الناس ان الله سبحانه وتعالي له حكمة في كل شئ، وإن اجمل ما في هذه الحياة هي التفاوت بين الناس، فلو أعطي الناس كلهم المال لم يعد له اي قيمة، ولو اعطي الجميع صحة ما كان لها قيمة، ولو أعطي الجميع عماً ما كان للعلم قيمة .. سر الحياة أن يكمل الناس بعضهم بعضاً ولله سبحانه وتعالي حكمة في كل شئ ، لا ندركها بعقلنا القاصر، فهو عز وجل حين يعطي المال يكون لحكمة يعلمها هو، وحين يمسكه يكون لحكمه يعلمها هو، فليس علينا ان نشتكي الله كما نشتكي موزع التمر اذا حرمنا، لأن الله عز وجل إذا اعطانا فقد أعطانا ما هو له واذا حرمنا فقد حرمنا ما ليس هنا من الاساس .
يجب أن نتقبل الحياة علي هذا الاساس، فالله عادل ولهذا وزع بالعدل لا بالمساواة، لأن المساواة في بعض الاحيان يمكن أن تحمل بين طياتها الظلم والاحجاف، ومن أُعطي المال نحن لا نعرف ما الذي أُخذ منه في المقابل , ولنكن على يقين أن الله لو كشف لنا حُجب الغيب ما اخترنا لأنفسنا إلا ما اختاره سبحانه لنا .. الأشياء التي لا تصلك وأنت تحتاجها بشدة ، هي أشياء قدر الله عز وجل لها التأجيل ؛ لتأتيك في وقتها المُناسب .