TODAY - October 09, 2010
قَلبِي يُحدثني بَأنكَ مُتلِفي ِ
الشاعر عمر بن الفارض
قلْبي يُحدّثُني بأنّكَ مُتلِفي، روحي فداكَ عرفتَ أمْ لمْ تعرفِ
لم أقضِ حقَّ هَوَاكَ إن كُنتُ الذي لم أقضِ فيهِ أسى ً، ومِثلي مَن يَفي
ما لي سِوى روحي، وباذِلُ نفسِهِ، في حبِّ منْ يهواهُ ليسَ بمسرفِ
فَلَئنْ رَضيتَ بها، فقد أسْعَفْتَني؛ يا خيبة َ المسعى إذا لمْ تسعفِ
يا مانِعي طيبَ المَنامِ، ومانحي ثوبَ السِّقامِ بهِ ووجدي المتلفِ
عَطفاً على رمَقي، وما أبْقَيْتَ لي منْ جِسميَ المُضْنى ، وقلبي المُدنَفِ
فالوَجْدُ باقٍ، والوِصالُ مُماطِلي، والصّبرُ فانٍ، واللّقاءُ مُسَوّفي
لم أخلُ من حَسدٍ عليكَ، فلا تُضعْ سَهَري بتَشنيعِ الخَيالِ المُرْجِفِ
واسألْ نُجومَ اللّيلِ:هل زارَ الكَرَى جَفني، وكيفَ يزورُ مَن لم يَعرِفِ؟
لا غَروَ إنْ شَحّتْ بِغُمضِ جُفونها عيني وسحَّتْ بالدُّموعِ الدُّرَّفِ
وبماجرى في موقفِ التَّوديعِ منْ ألمِ النّوى ، شاهَدتُ هَولَ المَوقِفِ
إن لم يكُنْ وَصْلٌ لَدَيكَ، فَعِدْ بهِ أملي وماطلْ إنْ وعدتَ ولاتفي
فالمطلُ منكَ لديَّ إنْ عزَّ الوفا يحلو كوصلٍ منْ حبيبٍ مسعفِ
أهفو لأنفاسِ النَّسيمِ تعلَّة ً ولوجهِ منْ نقلتْ شذاهُ تشوُّفي
فلَعَلَ نارَ جَوانحي بهُبوبِها أنْ تَنطَفي، وأوَدّ أن لا تنطَفي
يا أهلَ ودِّي أنتمُ أملي ومنْ ناداكُمُ يا أهْلَ وُدّي قد كُفي
عُودوا لَما كُنتمْ عليهِ منَ الوَفا، كرماً فإنِّي ذلكَ الخلُّ الوفي
وحياتكمْ وحياتكمْ قسماً وفي عُمري، بغيرِ حياتِكُمْ، لم أحْلِفِ
لوْ أنَّ روحي في يدي ووهبتها لمُبَشّري بِقَدومِكُمْ، لم أنصفِ
لا تحسبوني في الهوى متصنِّعاً كلفي بكمْ خلقٌ بغيرِ تكلُّفِ
لا تنكروا شغفي بما يرضى وإنْ هوَ بالوصالِ عليَّ لمْ يتعطَّفِ
أخفيتُ حبَّكمُ فأخفاني أسى ً حتى ، لعَمري، كِدتُ عني أختَفي
وكَتَمْتُهُ عَنّي، فلو أبدَيْتُهُ لَوَجَدْتُهُ أخفى منَ اللُّطْفِ الخَفي
ولقد أقولُ لِمن تَحَرّشَ بالهَوَى : عرَّضتَ نفسكَ للبلا فاستهدفِ
أنتَ القتيلُ بأيِّ منْ أحببتهُ فاخترْ لنفسكَ في الهوى منْ تصطفي
قلْ للعذولِ أطلتَ لومي طامعاً أنَّ الملامَ عنِ الهوى مستوقفي
دعْ عنكَ تعنيفي وذقْ طعمَ الهوى فإذا عشقتَ فبعدَ ذلكَ عنِّفِ
وإن اكتفى غَيْري بِطيفِ خَيالِهِ، فأنا الَّذي بوصالهِ لا أكتفي
مني لَهُ ذُلّ الخَضوع، ومنهُ لي عزُّ المنوعِ وقوَّة ُ المستضعفِ
ألِفَ الصّدودَ، ولي فؤادٌ لم يَزلْ، مُذْ كُنْتُ، غيرَ وِدادِهِ لم يألَفِ
ما للنّوى ذّنْبٌ، ومَنْ أهوى مَعي، إنْ غابَ عنْ إنسانِ عيني فهوَ فينبذة حول الشاعر: ابن الفارض
576 - 632 هـ / 1181 - 1235 م
عُمر بن علي بن مرشد بن علي الحموي الأصل، المصري المولد والدار والوفاة، الملقب شرف الدين بن الفارض.
شاعر متصوف، يلقب بسلطان العاشقين، في شعره فلسفة تتصل بما يسمى (وحدة الوجود).
اشتغل بفقه الشافعية وأخذ الحديث عن ابن عساكر، وأخذ عنه الحافظ المنذري وغيره، إلا أنه ما لبث أن زهد بكل ذلك وتجرد، وسلك طريق التصوف وجعل يأوي إلى المساجد المهجورة وأطراف جبل المقطم، وذهب إلى مكة في غير أشهر الحج ! وأكثر العزلة في وادٍ بعيد عن مكة.ثم عاد إلى مصر وقصده الناس بالزيارة حتى أن الملك الكامل كان ينزل لزيارته.وكان حسن الصحبة والعشرة رقيق الطبع فصيح العبارة، يعشق مطلق الجمال.