شرب الشاي مزاج.. وإذا كنت من محبي الشاي فبالتأكيد مر عليك اسم ليبتون، سواء كنت تفضله أو لا فلا خلاف على نجاح الاسم وشهرته. لكن توماس ليبتون مؤسس شركة ليبتون العملاقة لم يصل إلى مكانه بسهولة، بل كان طريقه مفروشا بالصعاب. وبدأ رحلته الطويلة تقريبا من لا شيء ليؤسس إمبراطورية ضخم، يمتد صيتها إلى أقاصي الأرض.
وُلد توماس جونستون ليبتون في أسكتلندا عام 1848، كان والده عاملاً بسيطاً ينتقل بين مختلف الأعمال لإعالتة أسرته.
أما توماس فقد التحق بالدراسة المسائية، بينما كان يعمل في فترة الصباح. حيث عمل منذ عمر الثالثة عشر، لمساعدة أسرته.
السفر عبر البحار:
حلم توماس ليبتون بالسفر عبر البحار منذ صغره، واعتاد أن يستمع إلى قصص البحارة عن أسفارهم، وما يلاقونه خلالها، وبات يحلم بالسفر مثلهم، خاصة إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث الفرص المفتوحة. وهو ما جعله يعمل حمالاً على متن سفينة لنقل البضائع.
وبالفعل استطاع أن يحقق حلمه وسافر إلى الولابات المتحدة الأمريكية ليقيم بها خمس سنوات انتقل خلالها بين عدد من الأعمال المختلفة ما بين بائع في مزرعة ومحاسب وبائع ومساعد بقال. وقد ساعدته هذه الوظائف المتنوعة على اكتساب مساحة واسعة من الخبرة ساعدته فيما بعد على بناء إمبراطوريته.
العودة إلى الوطن وتحقيق الأحلام:
وأخيرا عاد توماس ليبتون إلى المملكة المتحدة عام 1870؛، واستطاع بعد عام واحد من عودته إنشاء متجر للبقالة، حقق من خلاله أرباحًا طائلة، وتلا ذلك إنشاء عدة متاجر في مختلف أنحاء أسكتلندا، بلغ عددها 300 متجر في بريطانيا فقط، وحققت نجاحاً هائلاً.
الدخول إلى عالم الشاي:
في عام 1880 اتجه توماس ليبتون إلى عالم صناعة الشاي واستثمر في المساهمين الشباب بأوماها بولاية نبراسكا، حيث وجد مصنع تعبئة بجنوب أوماها، باعه لمصالح أمريكية في عام 1887.
وفي عام 1888، ازداد الطلب على الشاي بالتزامن مع انخفاض الأسعار،وعرف توماس ليبتون بعين التاجر الثاقبة أن هذه الفرصة لن تعوض. فقرر أن يخصص كل ما يملك من محال وأموال لهذه التجارة، وأسس مكتبًا لتذوٌق الشاي، ثم بدأ بتجاوز قنوات التداول التقليدية وتوزيع الجمل، من أجل بيع الشاي بأسعار غير مسبوقة لسوق الطبقة العاملة الفقيرة غير المستغل.
بعد نمو أعمال توماس ليبتون وتوسعها اشترى حدائق الشاي ليؤسس علامته الخاصة بالشاي، واختار لها اسم عائلته “ليبتون”.
وقد حرص ليبتون منذ البداية على بيع منتجات الشاي بأسعار زهيد.
تطوّر الأمر مع مرور الوقت، ففي عام 1890 سافر إلى سريلانكا لعقد العديد من الصفقات مع التجار هناك، واشترى حدائق شاي من صاحبها “جيمس تايلور”، وبدأ مرحلة بيع الشاي لكافة أنحاء العالم بداية من أوروبا، وصولًا إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
الترويج الذكي:
عُرف عن ليبتون أنه من أكثر المتسابقين مشاركة في منافسات كأس الولايات المتحدة الأمريكية لليخوت الشراعية؛ إذ فاز بالكأس 5 مرات، بين عامي 1899 و1930، وكان عاشقا لهذه الرياضة.
وقد استغل توماس عشقه للرياضة للترويج لعلامة “ليبتون”، حيث أقيمت بطولة كأس تنافس فيها كل من الأرجنتين والأوروجواي، فاستغل هذا الحدث الهام الحدث للإعلان عن منتجه الجديد، ثم جعل “ليبتون” الراعي الرسمي للعديد من بطولات كأس كرة القدم.
الدور المجتمعي:
اعتاد توماس ليبتون على مساعدة المتطوعين من المنظمات الطبية خلال الحرب العالمية، كما تصدّرت صورته غلاف مجلة تايم الأمريكية في الثالث من نوفمبر لعام 1924؛ لزيادة شعبيته مع اشتهاره بالتواضع، رغم تحقيقه نجاحًا مذهلًا على مستوى العالم، فضلًا عن اعتلائه عرش الثراء والشهرة.
رحل توماس ليبتون في الثاني من أكتوبر عام 1931 في لندن، تاركًا إمبراطورية ضخمة حافظت على اسمها حتى الآن.