كل الأعمال المقتبسة عن مسرحيات تتسم بهذا التركيز الممتع على الحوارات؛ الحوارات التي تبدو في كثير من الأفلام العادية مجرد ملء للمشاهد لا قيمة لها ولا تأثير. في المسرحيات تكون الحوارات هي قوام العمل الرئيسي والمسؤولة عن تطوير الشخصيات وتحريك الأحداث، وعند نقل ذلك للسينما يُضاف إليها ما للأفلام من سحر خاص خلاب.
الأعمال في هذه القائمة مأخوذة كلها عن مسرحيات، وقد حاولت تنويعها بين عدد من التصنيفات فلا تتشابه، مع مراعاة اشتراكها جميعًا في هذه الخاصية التي هي أحسن صفات الفيلم عندي: أن تكون الحوارات حية والنقاشات معبرة، سواء عن قائليها أو عما يفوقهم من الأفكار. أتمنى أن تجد هذه الأعمال تستحق المشاهدة.
أفلام ممتعة مقتبسة عن مسرحيات
1- (August : Osage County (2013
فيلم ثقيل من بطولة “ميريل ستريب” و”جوليا روبرتس”، وكلتاهما تلقت عن تنفيذها دورَها ترشيحًا للأوسكار. يحكي الفيلم عن اختفاء رجل يؤدي إلى إعادة لم شمل عائلته في بيتهم القديم، ما يحملهم على مواجهة الأم صعبة المراس التي تؤدي دورها “ميريل ستريب”. العمل دراما جادة عن الروابط العائلية ومدى تعقيدها، وله جانب كوميدي عابر لكنه بالمجمل فيلم شديد المأساوية فيما أرى. هو مقتبس عن مسرحية فائزة بجائزة البوليتزر نشرت سنة 2007 للكاتب “تريسي ليتس”، وهو نفسه من كتب سيناريو الفيلم. أيضًا نقابل في العمل “بيندكت كامبرباتش” و”كريس كوبر” و”إيوان ماكجريجور”. حقق الفيلم 74 مليون دولار عالميًّا ونال ترشيحين لجائزة جولدن جلوب.
2- (The Sunset Limited (2011
فيلم تلفزيوني من إنتاج HBO. في هذا الفيلم، وعلى مدار ساعة ونصف الساعة، نشاهد ممثلين كبيرين هما “صامويل جاكسون” و”تومي لي جونز” يتجادلان في غرفة مغلقة عن الله والحياة والأمل والعلم والانتحار. لا أحداث ولا شخصيات أخرى ولا مغادرة للغرفة حتى. سيمتعك الفيلم إن كنت مستعدًّا لجدال أيديولوجي طويل عن النفس والروح، ولو لم تكن فهي تجربة مختلفة تستحق الخوض. هو مأخوذ عن مسرحية حوّلها إلى سيناريو كاتبها “كورماك مكارثي”.
3- (Rope (1948
من إخراج “ألفريد هيتشكوك” وبطولة “جيمس ستيورارت”، أنت تعرف إذًا أنه فيلم جريمة وتشويق. تدور أحداث الفيلم كلها في شقة رجلين يبدأ الفيلم بهما إذ يقتلان ثالثًا ويضعان جثته في صندوق، قبل أن نعرف بعد قليل أنهما يجهزان لحفل يجمعان فيه عددًا من المعارف والأصحاب. المسرحية التي أخذ عنها العمل كتبت سنة 1929 من قبل “باتريك هاملتون”، وقد أجاد “هيتشكوك” -كالعادة- إخراجها على أحسن الصور وأكثرها إثارة.
4- (In the House (2012
فيلم فرنسي من فئة الإثارة والغموض مع جانب كوميدي واضح. في هذا الفيلم المقتبس عن مسرحية للكاتبة “جوان مايورجا”، نرى العلاقة الناشئة بين طفل مبكر النضج ومدرس فرنسية للمدرسة الثانوية، وما يؤدي إليه هذا من سلسلة الأحداث المفاجئة وغير القابلة للتحكم. حكاية مثيرة للانتباه بلا شك.
5- (Doubt (2008
نقابل “ميريل ستريب” من جديد، هذه المرة مع “فيليب سيمور هوفمان” و”إيمي آدمز” و”فيولا ديفيس”، وفيلم تشويق أخلاقي يكاد يكون الوحيد الرائع من نوعه. تم ترشيح الفيلم لخمس جوائز أوسكار أربعة منها عن أداءات الممثلين المذكورين والخامس عن أفضل كتابة لفيلم في عامه. قصة غموض متعددة الطبقات ساحرة ومحركة للمشاعر، وهي مقتبسة عن مسرحية “جون باتريك شانلي” المنشورة سنة 2005 في 58 صفحة فحسب. “جون شانلي” قام أيضًا بإخراج الفيلم وكتابة السيناريو وتلقى عن الأخير ترشيحًا للأوسكار. جدير بالذكر أن الفيلم حصل على الترشيحات الخمسة نفسها لجائزة جولدن جلوب ولم يفز بأيّها أيضًا، وقد حقق إيرادات فاقت الخمسين مليونًا.
6- (Frost/Nixon (2008
بعد ثلاث سنوات من فضيحة ووترجيت التي أنهت حكم الرئيس الأمريكي “ريتشارد نيكسون“، يتصل الرجل بمذيع تلفزيوني بريطاني هو “ديفيد فروست” ليجري معه حوارات خاصة. فيلم سيرة تاريخي درامي هو، حاصل على خمسة ترشيحات للأوسكار من بينها أفضل كتابة وأفضل إخراج وأفضل فيلم للعام وبالطبع أفضل أداء للمثل “فرانك لانجيلا” الذي جسّد “نيكسون”. ستلقى في الفيلم “كيفن بيكن” و”مايكل شين” و”سام روكويل”. قام بكتابة السيناريو “بيتر مورجان” عن مسرحيته وحاز على ترشيح للأوسكار وآخر لجولدن جلوب.
7- (The Method (2005
فيلم نفسي ممتاز من إنتاج مشترك، فيه نرى سبعة موظفين إسبانيين في غرفة، حيث يطالَبون بواسطة رسائل حاسوبية بمهام معينة بغرض اختبارهم، وقد تم إعلامهم أن أحدهم موضوع بينهم للمراقبة. فيلم ذكي وشائق ومحرك للفكر، وقد تم اقتباسه عن مسرحية كتبها “جوردي جالسيران” سنة 2003.
8- (Incendies (2010
بتقييم 8.3 وترتيب 118 على قائمة أعلى الأفلام تقييمًا على IMDb، وترشيح للأوسكار عن أفضل فيلم غير أمريكي، يحكي هذا العمل المميز قصة عودة توأم إلى الشرق الأوسط بناءً على وصية أمهما الميتة حديثًا. فيلم كندي من نوعية الحرب والغموض والإثارة، دراما محركة مقتبسة عن مسرحية الكاتب اللبناني الكندي “وجدي معوض”. فيلم عنيف جدًّا يحكي من خلال الخيط الأصلي والفلاش باك تاريخ الأم وعلاقتها بابنيها في قالب درامي غير معتاد.
9- (Proof (2005
فيلم دراما وغموض مأخوذ عن مسرحية “ديفيد أوبرن” الذي كتب السيناريو كذلك. تلقى الفيلم ترشيحًا لجولدن جلوب عن أداء ممثلته الرائعة الفائزة بالأوسكار “جوينيث بالترو”. معها نرى “أنتوني هوبكينز” صاحب الأوسكار و”جيك جيلنهول” أحد أحب الممثلين إليّ. القصة عن موت عالم رياضيات عبقري مضطرب العقل، وما يتبع ذلك من تحديات تواجهها ابنته من ظهور شخصيات من عالمه أهمها أحد طلابه السابقين، الذي يصر على البحث في أوراق العالم المتوفى.
10- (Fences (2016
نصل في هذه الرحلة إلى فيلم استثنائي آخر هو -في نظري- قد يكون أهم أفلام القائمة وأقواها. بالإضافة إلى “فيولا ديفيس” التي قدمت أداء تاريخيًّا استحقت نيل الأوسكار عنه، هناك “دينزل واشنطن” الذي قدم أداءً مبهرًا ونال ترشيحين من ترشيحاته التسع للجائزة، والذي أخرج الفيلم وشارك في إنتاجه. نقابل أيضًا “راسل هورنسبي” المعروف بدوره في “Grimm” وغيره من الأعمال. القصة مقتبسة عن مسرحية فائزة بالبوليتزر سنة 1985 حاملة للاسم نفسه، كتبها وكتب سيناريو الفيلم “أوجست ويسلون” الذي تلقى عن كتابته ترشيحًا للأوسكار بعد وفاته. يحكي عن أب أفريقي أمريكي يشق طريقه في الحياة مع عائلته في خمسينيات القرن الماضي.
11- (Carnage (2011
التجلي الأكمل للنص المأخوذ عن مسرحية. حكاية ظريفة وخفيفة الحضور لكن عميقة في الوقت نفسه، تبدأ القصة بالتقاء زوجين من الآباء لإجراء نقاش هادئ متحضر عقب تورط ابنيهما في شجار في المدرسة، قبل أن تتطور الأمور لاحقًا إلى سياق بديع ساخر من العالم بما فيه. ساعد هذا النصَّ الممتع أداءُ ممثليه الأربعة “كريستوف والتز” و”جون سي رايلي” و”جودي فوستر” و”كيت وينسليت”، وقد تلقت الأخيرتان ترشيحين لجائزة جولدن جلوب. حقق الفيلم ما يزيد على ثلاثين مليونًا من الإيرادات العالمية، وهو مقتبس عن مسرحية الكاتبة الفرنسية “ياسمينة رضا”، والتي اشتركت في كتابة السيناريو مع مخرج العمل صاحب الأوسكار “رومان بولانسكي”.
12- (Driving Miss Daisy (1989
نختم الحديث بهذا الفيلم الكلاسيكي الذي يتلو قصة العلاقة الناشئة بين عجوز يهودية (لعبت دورها “جيسيكا تاندي” وفازت بالأوسكار عنه) وسائق أفريقي أمريكي (لعب دوره “مورجان فريمان وحصل على ترشيح للأوسكار). تلقى العمل تسعة ترشيحات للأوسكار فاز من بينها بأربع، منها أفضل كتابة وأفضل فيلم للعام. النص المسرحي الأصلي حصل على جائزة البوليتزر سنة 1988، وكاتبه “ألفريد ري” تلقى جائزة أوسكار عن كتابته سيناريو هذا العمل. بميزانية أقل من ثمانية ملايين نجح هذا الفيلم في تحقيق إيرادات تزيد على 145 مليون دولار. حصل أيضًا على ثلاث جوائز جولدن جلوب.
محمود أمين - أراجيك