مولد الشيخ ونشأته
ولد الشيخ محمود عبد الفتاح كرير الشهير باسم "عبد الفتاح الشعشاعي" في 21 مارس 1890 بقرية شعشاع بمحافظة المنوفية، وكان والده قارئًا للقرآن ليلًا ومحفِّظًا للقرآن نهارًا، مما أعانه على حفظ كتاب الله كاملًا في عمر الثالثة عشر، قبل أن يسافر إلى طنطا ليتعلم أحكام التجويد على يد الشيخ إسماعيل الشافعي.
التحق الشعشاعي بعد ذلك بمدرسة لتخريج المعملين في قليوب وحصل منها على شهادة عريف وفقيه، ليعمل مدرسًا لثلاثة أعوام في المدرسة التي افتتحها والده بشعشاع.
وبعد أن بدأ في قراءة القرآن الكريم وذاع صيته في شعشاع والقرى المجاورة، ذهب للقاهرة في 1915، وسكن في حي الجمالية على مقربة من الجامع الأزهر، حيث درس القراءات السبع على يد الشيخ محمد بيومي والشيخ علي سبيع، وهما من أشهر معلمي القراءات في زمانهما، وبدأ الشعشاعي يصعد سلم الشهرة درجة درجة.
وللشيخ الشعشاعي لون خاص في التلاوة فهو لم يقلد أحدًا ممن سبقوه، بل كان له أسلوب فريد يصعب حتى على من لحقه تقليده، والسبب في ذلك أن أسلوبه يعتمد بالأساس على قوة صوته المميز.
دخول الشعشاعي الإذاعة
ظل الشيخ الشعشاعي فترة غير قصيرة بعد افتتاح الإذاعة المصرية في نهاية مايو 1934 مترددًا في القراءة بها، فقد كان يعتقد أن قراءة القرآن في الإذاعة إهانة لكلام الله، وظل على رأيه حتى وفاة الملك فؤاد في 1936، وأُقيمت ثلاث ليال لإحياء مأتمه بقصر عابدين، دُعي إليها كبار القراء وعلى رأسهم الشعشاعي، وفي أعقاب إحياء ليالي المأتم واصل مدير الإذاعة وقتئذ الأستاذ سعيد لطفي محاولاته لإقناع الشيخ بالعدول عن رأيه، وقد حمل معه فتوى شرعية من شيخ الأزهر الإمام مصطفى المراغي مفادها أن قراءة القرآن الكريم في الإذاعة ليست حرامًا ولا مكروهًا، الأمر الذي اطمأن له الشيخ الشعشاعي، وبدأ على أثره التسجيل للإذاعة حتى وصلت تسجيلاته ثلاثمائة، لا يتداول منهم في الإذاعة سوى أربعة تسجيلات فقط.
رحلات الشعشاعي إلى البلدان الإسلامية والعربية
تعددت رحلات الشعشاعي إلى العديد من البلدان الإسلامية والعربية، وحظت هذه الرحلات بكثير من الذكريات والمواقف، يأتي على رأسها عندما كان يقرأ بمسجد الأحمدية ببغداد، وبعد انتهاء التلاوة تزاحم حوله الناس كل يريد مصافحته حتى كسر ضلعه من جراء التزاحم عليه، كما أتيحت للشيخ فرصة لم تتح لغيره من القراء، فقد أدى فريضة الحج وتمكن من قراءة القرآن الكريم في المسجد النبوي الشريف بعد صلاة المغرب، كما قرأ في المسجد الأموي بدمشق أمام عشرات الآلاف.
وفاة الشيخ الشعشاعي
عاش طويلًا، وعلى الرغم من ذلك ظل محتفظًا بقوة صوته، وكان باستطاعته دون مكبر صوت أن يقرأ في عدة ألوف من الناس ولساعات طويلة دون أن يحس بالإرهاق، وفي 11 نوفمبر 1962 توفي الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي عن عمر يناهز 72 عامًا.
مُنح اسم الشيخ الشعشاعي وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى وعددًا من القراء في مناسبة الاحتفال بليلة القدر عام 1990، إذ يعتبر واحد من أبرز عباقرة التلاوة الذين لن يجود الزمان بمثلهم.
المصادر:
- ألحان السماء، محمود السعدني.
- عباقرة التلاوة في القرن العشرين، شكري القاضي.
قصة الإسلام