دخلت العيادة كعادتي في تمام الساعة التاسعة صباحاً، وكان اول من رأيته رجل عجوز مسن قدم من أجل أن يقوم بإزالة بعض الغرز من إصبعة، وكان على عجلة شديدة من امره، وأصر أن يدخل غرفة الكشف قبل اي شخص آخر في سبيل أن يدفع إلي كل ما أحتاجه من مال .. تعجبت من الفكرة، فلماذا ينشغل هذا العجوز ويتعجل لهذه الدرجة، وهو مجرد عجوز متقاعد، اقتربت منه وأردت أن أعرف قصته، فأجابني ان لديه موعد مهم جداً في الساعة التاسعة والنصف وعليه الذهاب إلي دار رعاية العجزة لتناول وجبة الإفطار مع زوجتة .
سألته عن سبب عيشها هناك وحيدة، فأجاب وفي عينيه حزن عميق : أنها مصابه بمرض الزهايمر ” فقدان الذاكرة ” فسألته : وهل ستغضب إن تأخرت عليها إلي هذا الحد ؟ فأجاب : إنها لم تعد تتذكرني من عدة سنوات، فقلت في دهشة : ومادامت لا تتذكرك فلماذا تذهب إليها كل صباح ؟ إبتسم العجوز وهو يجيب : إذا كانت لا تتذكرني فأنا لازلت أتذكرها .