وارت الجزائر، أمس الأحد، وفي اليوم المصادف لذكرى استقلالها ال58، رفات 24 مناضلاً ضد الاستعمار استعادتهم من فرنسا، وذلك في وقت لا تزال البلاد تنتظر اعتذارات من باريس لتسوية الماضي الاستعماري الأليم.
ونظّمت مراسم رسمية لدفن جماجم المقاتلين الذين سقطوا في بداية الاستعمار الفرنسي في القرن التاسع عشر، في مقبرة العالية الضخمة، بحضور الرئيس عبدالمجيد تبون.
وتضم هذه المقبرة الواقعة في الضاحية الشرقية للعاصمة مربع شهداء الثورة الجزائرية، حيث يرقد جثمان الأمير عبدالقادر الجزائري، رمز مقاومة الاستعمار، وشخصيات بارزة شاركت في «ثورة التحرير» (1954-1962).
وكانت النعوش ال24 مغطاة بالعلم الجزائري، ووُوريت الرفات في مدافن امتدت على أربعة صفوف يضم كل واحد منها ست حفر، قرب مدافن الرؤساء الجزائريين السابقين، وفق مراسل فرانس برس.
تحية عسكرية
وأدى عناصر من الحرس الجمهوري التحية العسكري للنعوش التي حملها ضباط صف في موكب جنائزي.
ومنذ وصول الرفات الجمعة الماضية ، كانت حشود من الجزائريين توافدت طوال يوم أمس الأول السبت إلى قصر الثقافة لإلقاء تحية أخيرة على هؤلاء الأبطال الوطنيين الذين استعيدت رفاتهم بعد نحو 170 عاماً.
وأظهرت صور نقلتها قنوات التلفزة نساء ورجالاً يبكون أثناء مرورهم أمام النعوش.
وكان الرفات محفوظاً منذ القرن التاسع عشر في المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي في باريس.
ومن بين الشخصيات التاريخية التي يعود إليها هذا الرفات، الشيخ بوزيان زعيم «انتفاضة الزعاطشة» في شرق الجزائر عام 1849. وكان هو ورفاقه ألقي القبض عليهم وقطعت رؤوسهم بعد قتلهم. وكان الجنود الفرنسيون يعتبرون هذه الجماجم «غنائم حرب».
وتشكّل إعادة الرفات من قبل فرنسا مؤشراً قوياً إلى تهدئة العلاقات بين الجزائر والقوة الاستعمارية السابقة، وقد اتصفت بالتقلبات منذ 1962.
وقال قصر الاليزيه الجمعة إنّ «هذه الخطوة تندرج ضمن نهج الصداقة والوضوح حول جراح تاريخنا كافة».
وفي حوار مع قناة «فرانس 24»، اعتبر الرئيس الجزائري أنّه ينبغي مواجهة «إشكالية الذاكرة التي تشوش علاقتنا».
ولدى سؤاله عن المطالبة باعتذارات فرنسية، أجاب تبون «سبق أن وصلتنا نصف اعتذارات»، مشيراً إلى وجوب القيام «بخطوة أخرى». وقال «إننا نتمنى أن يتم تقديم الاعتذار».
معتبراً أنّ نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون رجل «نزيه» قادر على مواصلة نهج التهدئة بين البلدين.
وكان النواب الجزائريون أقروا قانوناً «تاريخياً» ينص على اعتماد الثامن من مايو يوماً للذاكرة، تخليداً لذكرى مجازر 1945 التي ارتكبتها القوات الفرنسية في مدينتي سطيف وقسنطينة (شرق).
إلى ذلك، أصدر الرئيس تبون،السبت، مرسوماً يتضمن عفواً عن حوالي 4700 سجين، حسب بيان صدر من رئاسة الجمهورية.
في الأثناء نعت وزارة الدفاع ، أمس، قائد «الناحية العسكرية الرابعة ورقلة»، اللواء حسان علايمية.
وقالت الوزراة في بيان، إن «اللواء علايمية، وافته المنية أمس بالمستشفى العسكري محمد الصغير انقاش إثر مرض عضال».