.
يعسوب صغير يلتصق بمصباحي
….
الساعة الحادية عشر ليلا
أحْلقُ ذقني أمام مرآة مُصدَّعة
أُفكِّرُ في الحطام التي تدفعها الأمواج إلى الشاطيء
أتوقع هبوبَ عاصفةٍ وسقوطَ المطر
أكره سقوطَ الأمطار ليلا
يوحنا يطرق باب بيتي
يمنحني النسخة الوحيدة التي يأتمن حروفها لإنجيله
كوديعةٍ يحفظها عندي إذا ما قُبض عليه وحكموا بإعدامه
يطعم جواده العليق عند عتبة بيتي
الجواد ليس عليلا
لكنه يموت لأسباب مجهولة
يأتيني سقراط بعده بساعة ليودعني قبل أن يتجرع سُمَّه
أفتح نافذتي عند صياح كروانٍ وراء الضباب
ألمح بنت الجيران نائمة فوق فراشها
يحرس وجنتيها المتوهجتين قمرٌ ساهرٌ وحيداً
أنحسر بنظراتي من جبينها لخصرها وساقيها .. أحتقر نفسي
لماذا أتسلل كأفعى لألدغ سلام نهديها
هذه العيون تهدد أمان العالم
هذه الشرفة ليست صديقة للطبيعة
أغلق الشرفة جيدا
لكنها رغما عنّي تبقى مفتوحةً في قلبي
يعسوب صغير يلتصق بمصباحي ( شحيح الزيت )
ودونما سبب يلسع رقبتي
أكمل حلق ذقني في مرآتي المُصدَّعة
أهجس بسخرية
سقراط رجلٌ غبيٌ .. وتضحيته لا معنى لها
لا بأس
أحيانا نضطر أن نكون حمقى
لماذا أُغلق شُرفةً تطل على الحياة إلا إذا كنتُ رجلاً غبيا !!
الجدران تمارس فريضة الموت
النافذة تُحدّق إليّ كفوّهة بُندقية تترصد طائرا
كَم يوماً تبقَّى في مسيرة الحزن إلى قلبي
ليموت سقراط مسموماً
ويُعدَمُ يوحنا
وكَم تبقَّى من عُمْري
لتستيقظ الفتاة
وأفتح نافذتي .
منقوول