وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) ومراسم دفنه :
لم يكن حول النبي (صلى الله عليه وآله) في اللحظات الأخيرة إلاّ علي بن أبي طالب وبنو هاشم ونساؤه. وقد علم الناس بوفاته (صلى الله عليه وآله) من الضجيج والصراخ الذي علا من بيت الرسول (صلى الله عليه وآله) حزناً على فراق الحبيب، وخفقت القلوب هلعة لرحيل أشرف خلق الله. وانتشر خبر الوفاة في المدينة انتشار النار في الهشيم ودخل الناس في حزن وذهول رغم أنه (صلى الله عليه وآله) كان قد مهّد لذلك ونعى نفسه الشريفة عدّة مرات وأوصى الاُمة بما يلزمها من طاعة وليّها وخليفته من بعده علي ابن أبي طالب. لقد كانت وفاته صدمة عنيفة هزّت وجدان المسلمين، فهاجت المدينة بسكانها وازدادت حيرة المجتمعين حول دار الرسول(صلى الله عليه وآله) أمام كلمة أحد الصحابة التي قالها وهو يهدد بالسيف: إنّ رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد مات، إنه والله ما مات ولكنّه قد ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران.
وأمّا عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وأهل بيته فقد انشغلوا بتجهيز الرسول (صلى الله عليه وآله) ودفنه فقد غسّله عليّ من دون أن ينزع قميصه وأعانه على ذلك العباس بن عبد المطلب ابنه والفضل وكان يقول: بأبي أنت وأمي ما أطيبك حيّاً وميّتاً.
ثم وضعوا جسد الرسول (صلى الله عليه وآله) على سرير وقال علي (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إمامنا حياً وميتاً فليدخل عليه فوج بعد فوج فيصلّون عليه بغير إمام وينصرفون. وأوّل من صلى على النبي (صلى الله عليه وآله) علي (عليه السلام) وبنو هاشم ثم صلّت الانصار من بعدهم.
ووقف علي (عليه السلام) بحيال رسول الله(صلى الله عليه وآله) وهو يقول: سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته اللهم إنّا نشهد أن قد بلّغ ما اُنزل اليه ونصح لاُمته وجاهد في سبيل الله حتى أعزّ الله دينه وتمّت كلمته، اللهم فاجعلنا ممن يتّبع ما أنزل الله إليه وثبّتنا بعده واجمع بيننا وبينه، فيقول الناس: آمين، حتى صلّى عليه الرجال ثم النساء ثم الصبيان.
وحفر قبر للنبي(صلى الله عليه وآله) في الحجرة التي توفي فيها. وحين أراد علي (عليه السلام) أن ينزله في القبر نادت الأنصار من خلف الجدار: يا علي نذكرك الله وحقّنا اليوم من رسول الله أن يذهب، أدخل منا رجلاً يكون لنا به حظّ من مواراة رسول الله. فقال (عليه السلام) ليدخل أوس بن خولي، وكان بدرياً فاضلاً من بني عوف.
ونزل عليّ (عليه السلام) الى القبر فكشف عن وجه رسول الله ووضع خدّه على التراب، ثم أهال عليه التراب.
فسلامٌ عليك يا رسول الله يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حياً.