اقيم بعد غياب 8 سنوات.. ولكن بشكل ارتجالي
عبد الجبار العتابي من بغداد: تباينت الاراء حول قيمة ومستوى وتسمية (مهرجان الواسطي الدولي) للفنون التشكيلية الذي تقيمه دائرة الفنون التشكيلية التابعة لوزارة الثقافة العراقية، والذي احتضنت بغداد صباح يوم الاربعاء فعالياته وامتلأت قاعات الوزارة بالعشرات من اللوحات الفنية والاعمال النحتية المختلفة التي شارك فيها العديد من الفنانين العراقيين والعرب والاجانب، بعد ان كانت احدى فعالياته قد اقيمت في مدينة بابل، والاراء المتباينة كان بعضها يرى انه يستحق ان ينال تسمية (مهرجان) كونه يمتلك معطياته، ولانه يقام بعد نحو ثمانية اعوام من الغياب، فيما اعترض اخرون على التسمية مؤكدين انه مجرد (معرض) او معرض كبير لم ترافقه اية نشاطات ثقافية كالمعتاد مع المهرجانات التي لا تكتفي بعرض اللوحات فقط، كما ان الكثير من الارباك ساد تحضيراته، كما اعترض البعض على الاسماء المشاركة على المستوى العربي والعالمي وحتى العراقي، وعدها غير مؤثرة،مشبها اياها بدورات التسعينيات لمهرجان المربد الشعري حيث كانت الاسماء غير فاعلة،وقد علل هذا البعض ذلك بالجوائز التي تقاسمها العراقيون فقط، وقد اشار البعض من اعضاء اللجنة التحضيرية ان الامر تم بشكل مستعجل، حتى انهم لم يستطيعوا طبع (فولدر) خاص بالمهرجان او (بوستر) كما هي العادة، ما عدا لافتة كبيرة علقت في واجهة القاعة، كما اشار اخرون ان من الاخطاء ان يتزامن (المهرجان) مع مهرجان بابل لاسيما بعد الاشكالات التي حدثت هناك بمنع عدد من الفعاليات وهو ما اثار استياء المشاركين من مختلف دول العالم، وللتعرف على هذه الاراء كانت لنا وقفات مع بعض الفنانين.
يقول خالد المبارك مدير قسم (المرسم الحر): مهرجان الواسطي يعتبر من المهرجانات المهمة والمتميزة في الذاكرة الفنية التشكيلية العراقية والعربية، وبما ان الفنان يحيى بن محمود الواسطي شخصية فريدة وتميزت اعمالها بالحس والجانب التعبيري عبر عدة قرون وتركت بصمة في تاريخ الفن التشكيلي العالمي واعماله الان في اللوفر ومتاحف اخرى من العالم تذكرنا بتلك الحقبة الزمنية التي اثرت الجانب التشكيلي العالمي، واستذكارا لهذه الشخصية دأبنا في دائرة الفنون على اقامة مهرجان الواسطي وعلى هامش المهرجان اقمنا ورشة للرسم الحر واخترنا مدينة بابل، تلك المدينة الساحرة التي تحمل في معانيها تاريخ وثقافة وكل مفردات الفن، قدمنا الدعوات الى مجموعة كبيرة من الفنانين العالميين من البانيا ورومانيا وايطاليا وفرنسا والمانيا والارجنتين وبلاد عربية، لبوا الدعوة وجاءوا متحدين الظرف الذي يعيشه البلد ووفرنا لهم كل مستلزمات العمل الفني، فتألق الفنانون وكانوا يعيشون غبطة مليئة بالمسرة والدهشة لما تحمله المدينة من معان كبيرة.
واضاف: هذه التجربة تمثل انتقالة نوعية في مجال الحركة التشكيلية العراقية والعربية، فالمهرجان يمثل جانب من الذاكرة التشكيلية وحضوره اعادة صياغة ونقلة نوعية للحركة الثقافية، لاسيما انه اول مهرجان بعد عام 2003 بهذا الحجم والمستوى والكم من الاعمال الفنية بهذا الحضور التشكيلي الاجنبي، ومثلما نعرف الظرف صعب واغلب الناس الذين دعوناهم الى المهرجان كانوا متخوفين ولكنهم اتوا متحدين الظرف.
اما الفنان طه وهيب فقال: انه مهرجان الواسطي الذي كان منقطعا منذ زمن طويل وحاليا هذه جهود لاعادة المهرجانات الحقيقية، فهذا المهرجان هو مبادرة اولى لخلق مهرجانات اكبر، وقد صاحبت هذا المعرض نشاطات اخرى في بابل وهناك معرض في قاعة حوار وكذلك معرض للبوستر في قاعة جمعية التشكيليين العراقية.
واضاف: المهرجان لم يدمج مع مهرجان بابل وكل واحد له خصوصيته ولكن تزامن المهرجانان في وقت واحد، وكان هناك نشاط في مكان معين في بابل، واذن.. انا مع اية فكرة للجمال، مع اية فكرة للحياة، ولذلك بالتأكيد انا راض عن اي فعل للجمال.
اما الفنان والناقد الدكتور جواد الزيدي فقال: ما نشاهده حاليا هو معرض قد يكون المحطة بالنسبة للمهرجان هي ظهور الفنانين المشاركين العالميين واشتراكه في (ورشة الرسم الحر) الذي اقيم في الحلة، ربما هذا جزء منه بالاضافة الى الدراسات النقدية المؤجلة، الى اشعار اخر ربما، كان في النية ان يكون مهرجانا ولكن الخلل التنظيمي في الوزارة او في القائمين على المعرض هو الذي جعله معرضا وليس مهرجانا، فالمهرجان فيه فعاليات كثيرة ومتنوعة، نقدية ورسم وتشكيلية اخرى ما يخص الجانب التشكليلي، من تصيّر المنجز الابداعي، هنا.. خلاصة هذا المنجز.
واضاف: شغلنا دائما ارتجالي وكثير من مفاصل الثقافة العراقية ومفاصل الحياة العراقية هناك ارتجال، هناك المؤسسة تريد تعمل، نحن شاركنا في مهرجانات عالمية، في السنة الماضية شاركت في مهرجان عالمي للفن التشكيلي في دمشق كانت كل المستلزمات مهيأة، بمشاركة فنانين عالميين وكان انجازا مهما، والمفروض في هذا المهرجان ان كان مهرجانا عليهم ان يحضروا ضمن خطة محسوبة وهذه الاعمال المصيرة والمصورة والمرسومة خلال اربعة او خمسة ايام (فترة المهرجان) تعرض في نهاية المهرجان وليس اعمالا مكدسة في مخازن دائرة المعارض، هناك اعمال قديمة وتجارب، الا ان لعض المشاركات من المحافظات هي الخطوة الجميلة، جلب فناني الاطراف او المحافظات ويزجزنهم داخل المعارض التشكيلية المقامة في بغداد، هي الاضافة النوعية بالاضافة الى مشاركة بعض الفنانين العالميين بثمانية او عشرة اعمال فقط هو هذا، المهرجان يحتاج الى الكثير من العمل، كثير من المتخصصين، والقائمون على المهرجان ابعدوا المتخصصين خارج الية الاشتغال واللجان التحضيرية الموجودة والعمل ارتجالي من قبل موظفين.
وعن استفسارنا حول غياب اسماء تشكيلية معروفة قال الزيدي: اعتقد ان الية التنظيم، كالدعوات، المفروض ان تقدم، مثلا فنان كبير يجب ان تقدم له دعوة باحترامه وان لا يسمع من الصحف او التلفزيون او من صديق او جار له، لا يجوز هذا، ونحن في الكثير من المهرجانات هناك الكثيرون لايأتون الا حين تقدم له دعوة وباحترام، وعلينا ان نحترم فنانينا وعلى الاقل المؤسسة الفنية الذين هم تابعون لها ومتواصلون معها، يجب ان تقدم لهم هذا الاحترام، ولاسيما الاسماء الراكزة في الثقافة او الفن العراقي من جيل الريادة الموجود.
فيما قال الدكتور باسم الشذر، وهو فنان عراقي مغترب في المانيا لاكثر من ثلاثين عاما: انا بالمصادفة اتيت بلوحات رسمتها بسرعة واريتها للاخوان عن طريق مفيد الجزائري صديقي القديم الذي ارسلني للاخوان ورحبوا بي ترحيبا ممتازا وانا اشكرهم جدا،لانني منعزل عن العراق لاكثر من ثلاثين سنة، واقترحوا ان اقدم لوحات وكان حضوري مبادرة مني،
واضاف: انه مبادرة جيدة لارجاع الكادر العراقي، لان الثقافة في المنفى ستموت شيئا فشيئا، فالمفروض يكون لها رعاية وتقديم المساعدات للكادر العراقي في الخارج، المعرض جيد وانا فوجئت بالكم الهائل من النتاج العراقي، ولا اقدر ان اعطي رأيي بشكل خاص لان اللوحات عديدة والاتجاهات عديدة، ولا اريد ان اتكلم عن مهرجان الواسطي لان العديد من القضايا تنقصه، انه ليس مهرجان ثقافي متكامل، فهو اما ان يكون مهرجانا او ان يكون معرضا تشكيليا، المهرجان.. يتضمن كل قضايا الثقافة، وكلها غير موجودة، ثم ان التحضيرات فيها تعثرات وتدخلات (دينية) حجمت العمل هناك (في محافظة بابل) حيث كان الطابع الديني، ولا بد للثقافة ان لا تتحجم بطابع ديني، الدين نفسه يحبذ الثقافة.
واكد ثانية: المهرجان ناقص، كقضايا تشكيلية موجودة بشكل مكثف، النشاط التشكيلي كان جيدا بحيث (السمبوزيوم) كان عظيما جدا، اما بقية القضايا الثقافية فناقصة، لهذا يمكن تسمية المهرجان نشاطا ثقافيا وليس مهرجانا دوليا بحيث الضيوف الاجانب كلهم استاءوا، انا اتكلم اللهجة الجزائرية والمغربية، والاخوان من الجزائر والمغرب حدثت لديهم خيبة امل كبير جدا، قطعوا الاف الكيلومترات ولم يسمحوا لهم ان يغنوا، فهذه فيها علامة استفهام عن العراق في الوقت الحاضر، حيث من المفروض ان ينهض ويغير، والطابع الارهابي يزال، هذه قضايا التحكم بالثقافة لابد ان تزال، هذه الرقابة غير معقولة، انا هربت قبل اكثر من ثلاثين سنة لهذا السبب، اتيت وجدت امامي هذا العمل العظيم الذي شيئا فشيئا يختزل، يعني الشيء نفسه في زمن (صدام) جاء نائب وصار (ابو الكل) وقتلهم كلهم، نحن لا نقول منعوا الموسيقى فقط، هذا الاسلوب لابد ان يزال لانه بعد ان تتقوى السلطة بهذا الاتجاه سوف يمنعون كل شيء، وهذه ليست جديدة وتجعلنا منذ الان نضع يدنا على قلبنا ونقول بعد ذلك ان اي احد يأتي يقتلونه بكاتم صوت.
وتابع: انه امر معيب.. فقد جاء فنانون من دول مختلفة وكل واحد يحمل آلته الموسيقية الكبيرة وبالتالي يمنعون، ولو كان بيننا نحن العراقييون لكان عاديا، ولكن كيف مع هؤلاء الاجانب.
اما محمد البوكيلي، وهو فنان تشكيلي من المغرب فقال: المهرجان جميل، هنيئا لكم بأحياء هذه الذكرى لهذا الفنان الرائد من القرن الثالث عشر، انا فعلا سررت وذهلت بأعمال الفنانين العراقيين وكذلك العرب والاروبيين، وانا اعد هذا عرسا تشكيليا رائعا جدا.. جدا.. جدا، وانا زرت بغداد عام 1981، واضاف: نتمنى على الله ان يستمر المهرجان في السنوات المقبلة.
وكذلك استطلعنا راي الفنان السوري احمد الصوفي فقال: فرصة جميلة كثيرا ان نلتقي ونشاهد الفنانين العراقيين ونتعرف على نتاجاتهم شخصيا، نحن كنا دائما نعرف الى حد ما بسبب الظروف، فكانت فرصة لكي يكون هذا التواصل، وان شاء الله في المراحل المقبلة يتطور اكثر والظروف المحيطة تزول، وعموما كنا مرتاحين ولكن في محافظة بابل كانت هناك ارباكات ولم يكن الوضع مريحا، بعد الغاء بعض العروض، ولكن في بغداد كانت الامور افضل وتعرفنا على اشياء كثيرة.
واضاف: كل فنان اتى بعملين او ثلاثة وعرضوا نتاجاتهم والمستويات جيدة وممتازة، وانا سعيد بهذه المشاركة.
يذكر ان جوائز الرسم ذهبت الى: ستار درويش (الذهبية) وباقر الشيخ (فضية) وخالد مبارك وقاسم محسن (البرونزية مناصفة، فيما ذهبت جوائز النحت الى: طه وهيب (الذهبية) ورضا فرحان (الفضية) ومازن ايليا (البرونزية)، اما جوائز السيراميك فكانت من نصيب قاسم حمزة (الذهبية) ورعد الدليمي (الفضية) وهناء معلة (البرونزية).