قصة ثقب في جيبي
يستيقظ أبي عادة عندما يسمع أذان الفجر يشق سكون الليل مرات يثقل النوم جفوني فأنام، ومرات كثيرة أنفض الثوم عن عيني وأنهض .. ما أجمل الفجر المقبل نوره من الشرق، نصلي الفجر، ما أروع الإمام عندما يتلو القرآن، وما أجمل الخشوع، ما أعظمها من ساعة، يخرج الكل بعدها وقد اكتست وجوههم بالنور والسماحة.
مرات أوي إلى الفراش كي التمس الدفء ومرات أصعد بكتابي إلى سطح الدار، ما أجمل المذاكرة في هذا الوقت الهادئ، كل حرف أقرأه أفهمه من فوري ولا يمكن أن أقساه أبدا، اليوم لم يسمع أبي أذان الفجر، ولم أسمعه أنا أيضا حيث لم نذهب إلى الفراش إلا في ساعة متأخرة من الليل، فأبي لم يعتد التأخر إلى مثل هذه الساعة، ولكني أنا الذي أخرته، لأنني عندما أويت إلى الفراش، تذكرت شيئا مهما، الواجب المدرسي، لم أكن قد كتبته، کنت وصلت إلى البيت متأخرا عن كل يوم، لأن العشرة قروش أجرة ركوبي الباص سقطت من ثقب في جيبي، ولم يكن معي غيرها، فما كان مني إلا أن قطعت الطريق إلى قريتنا سيرا، وكنت طوال الطريق ألوم نفسي، لأنني أهملت هذا الثقب ولم أنبه أمي إليه.
واتفق وصولي مع الوقت الذي دائما ما أنهي فيه الواجب المدرسي، وأقوم بعدها للغداء، حيث وصول أبي من عمله، واكتمال الأسرة، تناولت الغداء ثم بدأت أذاكر دروسي، ونسيت الواجب المدرسي تماما، ولم أتذكره إلا عندما رتبت الحقيبة، تأهبا للغد وأويت إلى الفراش، وكانت أمي قد قامت منذ ساعة، وهي التي كانت توضح لي بعض المعلومات التي يصعب على فهمها فلم يكن أمامي إلا أن أسأل أبي، وترك أبي النوم وراح يفهمني ما لم أفهمه ولم يدعني أبي إلا بعد ما أنجزت الكثير من الواجب، وبقيت بعض المسائل البسيطة، والتي يمكن أن أحلها وحدي، واستأذن أبي لينام ورحت أنا أكمل، غير أن النوم قد غالب جفوني، فنمت دون أن أكمل الواجب حيث لم أستطع مقاومة النوم.
لم يكن أبي قد أخذ كفايته من النوم، عندما أذن لصلاة الفجر، ولكن أبي نهض فزعا عندما سمع صوت المؤذن يقول: «الصلاة خير من النوم. كان النوم يغالب جفونه، ويغالب جفوني أيضا، ولأن الصلاة خير ألف مرة من النوم… نهض أبي ونهضت، وأسرعنا کي نلحق بالجماعة في المسجد.
لم يكن أبي قد أخذ كفايته من النوم، عندما أذن لصلاة الفجر، ولكن أبي نهض فزعا عندما سمع صوت المؤذن يقول: الصلاة خير من النوم. كان النوم يغالب جفونه، ويغالب جفوني أيضا، ولأن الصلاة خير ألف مرة من النوم… نهض أبي ونهضت، وأسرعنا کی نلحق بالجماعة في المسجد. وبعد الصلاة رحت أكمل باقي الواجب المدرسي، وبادرت إلى الثقب الذي في جيب قميصي فأحكمت سده تماما كي لا أفقد نقودي مرة أخرى .