لأبي مسلم ناصر بن سالم بن عديم البَهْلاني الرَّوَاحي العُمّاني (1277-1339=1864-1920)، ديوان شعر كبير، له فيه 8493 بيت، جعلها 258 قصيدةً الدكتورُ راشد بن علي الدغيشي محقق نشرة مكتبة الضامري العمانية الصادرة له في مجلدين عام 1436=2015، فكان متوسط طول القصيدة (متوسط أعداد أبياتها) 32.91 بيتا.
ولو كان راعى أن ليست القصائد من 9 إلى 133 غير قصيدة واحدة 1594 بيت، وليست القصائد من 187 إلى 196 غير قصيدة واحدة 261 بيت، وليست القصائد من 202 إلى 209 غير قصيدة واحدة 113 بيت، وليست القصائد من 226 إلى 233 غير قصيدة واحدة 519 بيت، وليست القصائد من 241 إلى 246 قصيدة واحدة 88 بيتا- لجعل قصائد البهلاني 106 فقط، لا 258.
ونحن إذا راعينا أن القصيدة الرابعة مشطَّرةٌ مسبَّعة البيت الواحد منها كأنه ثلاثة أبيات ونصف، جعلناها 251.5 بيت لا 95- وأن القصيدة الرابعة والأربعين والمئة مشطَّرةٌ مخمَّسة البيت الواحد منها كأنه بيتان ونصف، جعلناها 126 بيت لا 84- وأن القصيدة الثالثة والستين والمئة مشطَّرةٌ مخمَّسة كذلك، جعلناها 238.5 بيت لا 159- وأن القصيدة العاشرة والمئتين مشطَّرةٌ مخمَّسة كذلك، جعلناها 171 لا 114- وأن القصيدة الخامسة والعشرين والمئتين مشطَّرةٌ مخمَّسة كذلك، جعلناها 255 بيت لا 170- ثم جعلنا أبيات الديوان كلها 9535 بيت لا 8493.
وإذا راعينا هذا وذاك وجب أن يكون متوسط طول القصيدة 89.95 بيتا، لا 32.91، وهو طول فارعٌ إلى متوسط طول القصيدة العربية على وجه العموم )12.62)!
هذا طرف من أول قصيدته ذات الـ 1594 بيت:
هُوَ اللهُ بِسْمِ اللهِ تَسْبِيحُ فِطْرَتِي وَلِلهِ إِخْلَاصِي وَفِي اللهِ نَزْعَتِي
هُوَ اللهُ بِسْمِ اللهِ ذَاتِي تَجَرَّدَتْ وَهَامَتْ بِمَجْلَى النُّورِ عَيْنُ حَقِيقَتِي
هُوَ اللهُ بِسْمِ اللهِ ضَاءَتْ فَأَشْرَقَتْ بِأَنْوَارِ نُورِ اللهِ نَفْسُ هُوِيَّتِي
هُوَ اللهُ بِسْمِ اللهِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ بِأَسْرَارِ سِرِّ الْجَمْعِ جَمْعُ تَشَتُّتِي
هُوَ اللهُ بِسْمِ اللهِ ذَرَّاتُ عَالَمِي خَوَاتِمُهَا بَدْءٌ كَعَالَمِ ذَرَّتِي
هُوَ اللهُ بِسْمِ اللهِ هَبَّتْ فَشَاهَدَتْ بُرُوقَ جَلالٍ مِنْ أَنَا اللهُ غَيْبَتِي
هُوَ اللهُ بِسْمِ اللهِ شَاهَدَتِ اسْمَهُ فَتَاهَتْ بِأَفْنَاءِ الْفَنَاءِ أَنِيَّتِي
هُوَ اللهُ بِسْمِ اللهِ فَقْرِي مُحَقِّقٌ غِذَائِي وَذُلِّي بِاسْمِهِ عَيْنُ عِزَّتِي
هُوَ اللهُ بِسْمِ اللهِ نُورُ جَلَالِهِ بِهِ احْتَرَقَتْ آفَاتُ نَفْسِي وَنَشْأَتِي
هُوَ اللهُ بِسْمِ اللهِ أَسْرَارُ إِسْمِهِ بِهَا صَعِقَتْ عَنِّي شَيَاطِينُ شَهْوَتِي
وهذا طرف من أول قصيدته ذات الـ 519 بيت:
سُبْحَانَ ذِي اللُّطْفِ بِسْمِ اللهِ بِاللهِ كَمْ كُرْبَةٍ حَلَّهَا لُطْفٌ مِنَ اللهِ
سُبْحَانَ ذِي الْمَنِّ لَمْ أَرْفَعْ إِلَيْهِ يَدِي فَقْرًا فَلَمْ يُغْنِنِي مَنٌّ مِنَ اللهِ
سُبْحَانَ ذِي الْفَتْحِ لَا يَنْفَكُّ يُدْرِكُنِي فِي كُلِّ مُنْغَلِقٍ فَتْحٌ مِنَ اللهِ
سُبْحَانَ ذِي النَّصْرِ كَمْ ظُلْمٍ مُنِيتُ بِهِ فَقَامَ بِالْعَدْلِ لِي نَصْرٌ مِنَ اللهِ
سُبْحَانَ ذِي الْوَهْبِ وَهَّابٌ بِلَا سَبَبٍ فِي السِّرِّ وَالْجَهْرِ لِي وَهْبٌ مِنَ اللهِ
سُبْحَانَ ذِي الْفَضْلِ تَغْشَانِي فَوَاضِلُهُ مِنْ أَوْجُهٍ كُلُّهَا فَضْلٌ مِنَ اللهِ
سُبْحَانَ ذِي الْبِرِّ وَالْإِحْسَانُ مُتَّصِلٌ عَلَى الْخَصَائِصِ بِي بِرٌّ مِنَ اللهِ
سُبْحَانَ ذِي الْبَسْطِ لَمْ أَبْسُطْ إِلَيْهِ يَدِي إِلَّا انْبَسَطْتُ عَلَى بَسْطٍ مِنَ اللهِ
سُبْحَانَ ذِي الْفَيْضِ وَالْآلَاءِ مَا نَضَبَتْ مِيَاهُ وَفْرِي عَلَى فَيْضٍ مِنَ اللهِ
سُبْحَانَ ذِي الطَّوْلِ كَمْ ضَرَّاءَ بَدَّلَهَا نَعْمَاءَ قَبْلَ الدُّعَا طَوْلٌ مِنَ اللهِ
وهذا طرف من أول مقصورته ذات الـ 393 بيت:
تِلْكَ رُبُوعُ الْحَيِّ فِي سَفْحِ النَّقَا تَلُوحُ كَالْأَطْلَالِ مِنْ جِدِّ الْبِلَى
أَخْنَى عَلَيْهَا الْمِرْزَمَانِ حِقْبَةً وَعَاثَتِ الشَّمْأَلُ فِيهَا وَالصَّبَا
مُوحِشَةً إِلَّا كِنَاسَ أَعْفَرٍ وَمَجْثَمَ الرَّأْلِ وَأُفْحُوصَ الْقَطَا
عَرِّجْ عَلَيْهَا وَالِهًا لَعَلَّهَا تُرِيحُ شَيْئًا مِنْ تَبَارِيحِ الْجَوَى
نَسْأَلُهَا مَا فَعَلَتْ قُطَّانُهَا مُذْ بَايَنُوهَا ارْتَبَعُوا أَيَّ الْحَشَا
هَيْهَاتَ أَقْوَتْ لَا مُبِينَ عَنْهُمُ لِمُحْتَفٍ بِشَأْنِهِمْ غَيْرُ الصَّدَى
تَرَبَّعَ الْآنِسُ مِنْ أَرْجَائِهَا وَاسْتَأْنَسَتْ بِهَا الظِّبَاءُ وَالْمَهَا
فَقِفْ بِنَا عِنْدَ غُصُونِ بَانِهَا نُشَاطِرُ الْوُرْقَ الْبُكَاءَ وَالْأَسَى
بِحَيْثُ أُهْرِيقُ بَقَايَا دَمْعَتِي وَأُتْبِعُ النَّفْسَ إِذَا الدَّمْعُ انْقَضَى
إِنَّ مِنَ الْحَقِّ عَلَى مَدَامِعِي أَنْ تَسْبِقَ السُّحْبَ عَلَى رَبْعٍ عَفَا
عجبا لهذا الشاعر، عجبا أي عجب!
كأنه الأجدر بأن يكون هو المغترف من بحر لا غيره! عجبا له مشتغلا بذكر الحق –سبحانه، وتعالى!- حَفيًّا، أو مشغولا باختبار الدنيا الدنيئة أَبيًّا؛ إذ يلتزم هناك ترديد اسم الحق -سبحانه، وتعالى!- وبعض ما يتحبب به إليه، فلا يُسفّ ولا ينقطع، ويسلك هنا من وصف الدنيا مسلك غيره ولاسيما ابن دريد في مقصورته، فلا يتأخر عنه بل ربما أَرْبَى عليه!
عجبا له، ما أعظم موهبته، وما أوسع تجربته، وما أبلغ مأثرته!