،،،،
《 هندسة الببونيك 》
لا تزال الهندسة تفاجئنا يومًا بعد يومٍ وتتجه لتصبح أكثر تخصصًا ودقةً، ففي حين كانت تدرس بعض المواد على أنها جزءٌ من تخصصٍ هندسيٍّ ما أصبحت اليوم هندسةً قائمةً بحد ذاتها، وسواء أسمعت بمصطلح هندسة البيونيك أو لم تسمع، دعنا نتعرف معًا على هذا التخصص على أي حالٍ، فهو حتمًا سيبهرك.
●تعريف هندسة البيونيك
هندسة البيونيك (Bionics Engineering) هي فرعٌ جديدٌ من فروع الهندسة الحيوية (Biomedical Engineering) يُعنى بدراسة أحدث الأنظمة الروبوتية، والتقنيات التكنولوجية الطبية وطرق تكاملها مع علوم الحياة مثل الطب وعلم الأعصاب وعلم المواد وغيرها، وذلك بهدف اختراع وتصنيع جيلٍ جديدٍ من الأجهزة البيوميمكية (Biomimetic Machines) وأجهزة الرعاية الطبية والتقنيات المساعدة للمرضى.
يرى العديد من المهتمين في التكنولوجيا الطبيية أن البيونيك والثايبرنيتك Cybernetics (نظرية أو علم التحكم) هما وجهان لعملةٍ واحدةٍ؛ حيث يستخدم كلا التخصصَين نماذج لأنظمةٍ حيةٍ لدراستها، ولكن في حين يهدف مهندسو البيونيك للاستفادة من هذه الدراسة بهدف الوصول لأنظمةٍ ذكيةٍ، يهدف مهندسو الثايبرتيتك لفهم عمل هذه الأنظمة وتطوير نظريات التحكم.
●أمثلة تطبيقية حول هندسة البيونيك
- سيارة مرسيدس والأسماك:
هناك نوعٌ من الأسماك يسمى بسمكة الصندوق (Boxfish) كما في الصورة أعلاه، قد يبدو شكل السمكة للوهلة الأولى هزيلًا وغير انسيابيٍّ، لكن الدراسات وجدت عكس ذلك تمامًا حيث تبين أن لسمكة الصندوق معامل جر منخفض جدًا، كما أن شكلها يتميز بمقاومة انسيابٍ منخفضةٍ جدًا. لذلك قامت شركة مرسيدس المعروفة وفي عام 2005 بإنتاج سيارةٍ مستوحاةٍ من شكل هذه السمكة وأطلقت عليها اسم سيارة بيونيك The Bionic Car.
سيارة بيونيك من إنتاج مرسيدس
- القطارات في اليابان:
هذه المرة لن نغوص مع هندسة البيونيك في الماء، ولكن ربما نحلق في الهواء مع الطائر الجميل الموجود في الصورة أعلاه، والمسمى Kingfisher. بدأت القصة مع الإزعاج الكبير والتلوث بالضجيج الهائل الذي تحدثه القطارات عالية السرعة في اليابان، وخصوصًا عند خروجها من الأنفاق للهواء الطلق، وذلك بسبب تغير ضغط الهواء الذي يخترقه القطار بين الضغط في النفق والضغط في الهواء الطلق.
بعد دراساتٍ طويلةٍ من فرق المهندسين تبين لهم أن تزويد القطار باستطالةٍ زائدةٍ في مقدمته (أنف لو صح التعبير) يشبه أنف طائر الـ Kingfisher يمكن أن يساعد في تخفيض الضجيج، وقد كانت المفاجأة عند التجربة؛ فقد أظهرت التجربة للقطار ذي الأنف الطويل المشابه لأنف الطائر انخفاضًا كبيرًا في مستوى الضجيج كما انخفض استهلاك القطار للكهرباء بنسبة 15 في المائة وزادت سرعته بمعدل 10 في المائة عن السابق.
- ذراع البيونيك:
ربما تكون ذراع البيونيك أو قدم البيونيك أهم ما يمكننا الحديث عنه في مقالنا هذا، حيث تتيح هذه الذراع للأشخاص الذين يعانون من بتر إحدى ذراعيهم من امتلاك ذراعٍ جديدةٍ، تعمل بشكلٍ مماثلٍ بنسبةٍ عاليةٍ للذراع الحقيقية.
_يقوم مبدأ عمل ذراع البيونيك على وجود فئتين أساسيتين من العناصر في الذراع هما مجموعة الحساسات ومجموعة المحركات، طبعًا بالإضافة لدارات التحكم والمعالجات الصغرية. تستشعر الحساسات المثبتة في الذراع الإشارات الكهربائية العصبية القادمة من الجهاز العصبي للمريض، ثم تضخم هذه الإشارات لتوليد إشارات تحكمٍ تقود المحركات التي تحرك مفاصل اليد، وبالتالي تظهر حركة اليد بشكلٍ مشابهٍ لحركة اليد الطبيعية.
●مستقبل مهندس البيونيك
بالعموم، هناك توجهٌ علميٌّ كبيرٌ نحو تطوير هذا النوع من الهندسة بسبب تداخله الكبير مع العديد من الاختصاصات مثل هندسة الروبوتيك والعلوم الطبية، بالإضافة لمجالات الذكاء الاصطناعي (ناهيك عن التطبيقات والأبحاث العسكرية) والتي تعتبر العلوم الأساسية الرائدة في المستقبل القريب قبل البعيد.
●مهنة مهندس البيونيك
في حال كنت ترغب بدراسة تخصص هندسة البيونيك فمن المفيد جدًا معرفة ما يمكن أن تدره هذه المهنة على صاحبها. يشير موقع paysa.com أن متوسط راتب مهندس البيونيك قد يبلغ حتى 188 ألف دولار أمريكي سنويًّا، وهذا ما يعتبر دخلًا ممتازًا، وبالتأكيد هو قابلٌ للزيادة مع زيادة الخبرة خلال العمل.
*ختامًا وبعيدًا عن الحسابات المادية إذا كنت من هواة التخصصات الهندسية وترغب في الجمع بين العمل في الإلكترونيات والنظم المدمجة مع العمل في الأنظمة الروبوتية، فإن هندسة البيونيك هي ما تبحث عنه بدون شك.
،،،،