التنظيم النصف يومي للوقت
لدى كل واحد منا الكثير من المهام والأنشطة التي يتعين عليه أداؤها في اليوم الواحد، سواءً كانت هذه الأنشطة متعلقة بالعمل أو بالحياة الشخصية، وعلى الرغم من تعدد هذه المهام وتنوعها فإنها تندرج تحت فئتين كبيرتين؛ هما: مهام متعلقة بالعمل، ومهام متعلقة بالحياة الشخصية، واستراتيجية التنظيم النصف يومي للوقت يمكن أن تساعد في عدم الإخلال بأي مهمة من هذه المهمات.
لكن الذين يتبعون استراتيجية التنظيم النصف يومي للوقت هم أولئك الذين صاروا ماهرين في تنظيم وقتهم بشكل فعال، وصاروا سادة أوقاتهم، بل أمست علاقتهم مع الوقت علاقة سعيدة، ولكن يمكن القول، من جهة أخرى، إن التنظيم النصف يومي للوقت قد يُعد الخطوة الأولى على طريق إدارة الوقت بشكل فعال.
يتوقف هذا بطبيعة الحال على الشخص ذاته، أي على الذي ينظر إلى هذه الاستراتيجية، ومدى نجاحه هو أو فشله في التعامل مع وقته وإدارته، لكن المؤكد أنه من المهم الالتفات إلى هذه الطريقة والاستفادة منها عبر محاولة تطبيقها بشكل عملي.
الوقت والمشتتات
تبرز القدرة على إدارة الوقت بشكل فعال وتنظيمه بنجاح، أولًا، في التحكم بعناصر التشتيت والإلهاء التي نتعرض لها طوال اليوم؛ إذ إن التغلب على كل ما يلهيك عن عملك أو حتى عن ممارسة هواياتك الشخصية هو الخطوة الأولى على طريق امتلاك الوقت والاستفادة القصوى منه.
وحين نتمكن من التغلب على عناصر التشتيت والإلهاء سندرك أنه لم يكن لدينا نقص في الوقت، وإنما كل ما هنالك أننا لم نحسن إدارة وقتنا، ولم نتمكن من تصريفه إلى المهام الأساسية، ولم نكبح جماح الإلهاءات والمشتتات التي نتعرض لها بشكل دائم.
وذهب الدكتور دونالد ويتمور؛ مؤسس معهد الإنتاجية المتخصص في الإدارة الفعالة للوقت، إلى أننا نحن نعيش في عالم مليء بالمشتتات؛ حيث يتم مقاطعة الشخص العادي كل ثماني دقائق، والتي يبلغ إجماليها 50-60 في اليوم.
وبعبارة أخرى، ونظرًا لأن متوسط الانقطاع يستغرق حوالي خمس دقائق، فإن هذا الإجمالي يزيد على أربع ساعات يوميًا، أي 50% من متوسط يوم العمل البالغ 8 ساعات.
فإذا تمكنا من عدم هدر هذه الساعات الأربع فيما لا طائل منه، فلن نكون مضطرين إلى تأجيل بعض المهام إلى اليوم التالي، ولن نضطر للعمل لساعات طويلة، أو للعمل وقت العطلات والإجازات.
إن اقتصاد الوقت هو واحد من أهم الأمور التي علينا أن ننتبه إليها، ونوليها اهتمامنا؛ فأن تعرف أين تنفق وقتك ولماذا سوف يساعدك في السير بشكل حكيم.
تغيير العادات
لن يكون في استطاعة أحد أن يتبع طريقة التنظيم النصف يومي للوقت ما لم يتمكن من تغيير عاداته، فإذا كنا نهدر كل هذا الوقت فيما سبق، وأردنا الآن أن نعيد ترتيب الأمور من جديد، فلا شك في أننا سنكون إزاء عملية إعادة هندسة لحياتنا بشكل عام.
فتغيير العادات يقود إلى النجاح في إدارة وتنظيم الوقت، هذا من جهة، لكن الرغبة في تنظيم الوقت وامتلاكه بشكل فاعل يؤدي، ومن دون شك، إلى تغيير العادات.
وعند تغيير العادات، سنكون حيال عملية حذف وإضافة، إحلال واستبدال؛ أي أننا سنتخلص من عادات قديمة ضارة ونقلع عنها، لكن، وفي نفس الوقت، سنتبع عادات جديدة.
ومن هذه العادات الجديدة التي سيكون لزامًا علينا ممارستها: التخطيط المسبق لليوم؛ فهذه واحدة من أولى الخطوات وأكثرها أهمية في إدارة الوقت بشكل فعال؛ فكل ساعة تقضيها في التخطيط توفر لك 10 ساعات من العمل؛ لذلك بدلًا من القفز إلى يوم عملك دون رؤية واضحة، خصص بعض الوقت لإدارة ما لديك من وقت وستلمس الأثر في مهامك وحياتك بشكل إيجابي واضح.
اعرف نفسك وحدد أولوياتك
وإذا كنا إزاء الحديث عن التنظيم النصف يومي للوقت فمن المحتم، والحال كذلك، أن تعرف من أي نمط أنت، وما الأوقات التي يكون فيها عقلك أكثر نشاطًا؟ فعلى سبيل المثال يجب أن تعرف هل تنتج أكثر في الصباح الباكر أم في المساء؟ ما نوع التشتت الذي تتعرض له أكثر من غيره؟.. إلخ.
ثم، في المرحلة التالية، عليك أن تحدد أولوياتك بشكل حكيم، فعلى أساس تحديد هذه الأولويات، ومعرفة أيها أكثر أهمية من غيره يمكنك وضعها في الوقت المناسب لها من اليوم، سواءً في النصف الأول من اليوم أو النصف الأخير.
فأهم ما يمكن لاستراتيجية التنظيم النصف يومي للوقت هو أنها تساعدك في تقسيم ساعات اليوم؛ حتى يسهل إدارتها والتحكم فيها؛ فإذا كان من الصعب عليك أن تفكر في إدارة يومك كله دفعة واحدة، فبالإمكان عبر هذه الطريقة، أن تقسّمه، أو أن توزع مهامك عليه، لكن بشرط أن تحدد هذه المهام أولًا ومدى أهميتها، مع الأخذ في الاعتبار المواعيد اللازم إنجازها فيها.