سيكولوجية الوقت.. كيف تُنجز مهامك؟
لم يفكر أحدٌ منا في الكيفية التي يتعامل بها مع وقته، ولا في الطريقة التي يُنجز بها مهامه، بيد أن إلمامًا بطرائق تعاملنا هذه يعني أولًا إدراكًا بما يسميه عالم النفس والأستاذ في جامعة ستانفورد “Philip Zimbardo” بـ سيكولوجية الوقت.
إن هذا المنظور الزمني للزمن ليس أمرًا عامًا، بل هو يختلف وفقًا لاختلاف الأشخاص، ودرجة تعليمهم، ونوعية تنشأتهم الاجتماعية، ومواقعهم في سلم التدرج الاجتماعي، لكن تنبع أهمية هذا المنظور الزمني “time perspective” من كونه أحد أهم العوامل في نجاحنا ليس في حياتنا العملية فحسب، وإنما في حياتنا بشكل عام.
القوة السرية للوقت
يذهب Philip Zimbardo؛ في كتابه «سيكولوجية الوقت»، إلى أن معرفة وإدراك المنظور الزمني، والإلمام بفاعليته وتأثيراته المختلفة في حياتنا الشخصية ومهامنا العملية هي، وفي المقام الأول، القوة السرية للوقت “secret power of time”.
فمن خلال هذه القوة ستكون ملكًا على وقتك وسيدًا له؛ حيث سيكون بإمكانك تحديد المنظور الزمني الملائم أو المناسب لهذه المهمة أو تلك. يعني هذا أن المنظور الزمني “time perspective” لا يجب أن يكون واحدًا أو ثابتًا، وإنما، على العكس من ذلك، يجب أن يكون متبدلًا بشكل دائم، وأن يتغير وفقًا لكل مهمة من المهام التي ستُلقى على عاتقنا.
وليكن منك على بال دائمًا أن الإفراط في أي منظور زمني من المنظورات الزمنية _التي سنأتي على ذكرها لاحقًا_ سيكون مضرًا أكثر من كونه نافعًا؛ فكل منظور زمني إنما يجب أن يكون مخصوصًا بجملة ظروف وشروط، دون أن يصلح في كل الحالات.
6 منظورات زمنية
يحدد “فيليب” 6 منظورات زمنية؛ هي ذاتها تلك المنظورات التي تحكم طرائق تعامل الناس مع مهامهم، بل كيفية تعاملهم مع الحياة بشكل عام، على النحو التالي:
1- الماضي السلبي
أتباع هذا المنظور أو مستخدموه أسرى ماضيهم، ودائمًا ما يقعون فريسة في فخ الذكريات الأليمة؛ لذا تراهم مع كل مهمة جديدة يرجعون إلى الماضي، ويقارنون الماضي بالحاضر؛ وعلى ذلك حاضرهم أسير ماضيهم. وهو أمر يؤثر سلبًا في معدلات إنجازهم لمهامهم.
2- الماضي الإيجابي
إن كان أتباع هذا المنظور، كما أتباع المنظور السابق “Past-negative”، إلا أنهم لا ينظرون إلى الوراء إلا من باب أخذ العبرة، بل لا ينظرون إلا للتجارب الجيدة والناجحة في ماضيهم؛ ولذلك فإن الماضي هو وقودهم ومبعث طاقتهم الإبداعية لإنجاز مهامهم.
3- متعة الحاضر
هؤلاء قوم يعتقدون بأنهم كلما حصلوا على متع وملذات، وكلما استطاعوا الترفيه والترويح عن أنفسهم كانوا أكثر كفاءة في أداء عملهم، وفي الوفاء بمهامهم في الأوقات المحددة لها تمامًا.
4- الحاضر القدري
لا يلقي هؤلاء للقرارات بالًا؛ فهم يؤمنون أن جهودهم لن تقدم شيئًا، ولن تؤدي إلى شيء؛ وذلك نتيجة قناعتهم الراسخة والتي مفادها: أنهم لا يتحكمون في حياتهم.
5- التوجه نحو المستقبل
يتعامل هؤلاء بعملية مفرطة، ويؤمنون، على عكس أتباع المنظور السابق، أن كل شيء يمكن تحقيقه والوصول إليه؛ لذلك يضعون أهدافهم، ثم يحددون الطرق والأدوات التي توصلهم إليها، ثم ينجزون ما يجب عليهم إنجازه من أعمال.
6- المستقبل المتجاوز
هؤلاء يؤمنون بأن حياتهم الحقيقية تبدأ بعد الموت؛ لذلك لا يلقون بالًا سواء للحاضر أو الماضي، فقط هم متطلعون أبديون لما سيأتي بعد الموت.