أهمية الروتين في الأزمات.. مزايا لا تخطر على البال!
بعيدًا عن وجهة نظر Jocelyn K. Glei؛ مؤلفة كتاب”Manage Your Day-to-Day” حول الروتين الصارم وجدواه، فمن الممكن القول إن أهمية الروتين في الأزمات تظهر في أمرين، أحدهما أن الروتين القديم الذي كانت حياتنا تسير على إيقاعه هو الذي سيحفف وطأة الحجر الصحي والعزل المنزلي والتباعد الاجتماعي علينا؛ فإذا كنت مولعًا بمشاهدة الأفلام أو إذا كانت القراءة روتينك اليومي فستجد فيها ملاذًا آمنًا ومهربًا خلال هذه الظروف.
أما الأمر الثاني، وهنا تظهر ميزة خفية لهذه الظروف الاستثنائية، فهو ذاك الذي يتمثل في كون الحجر الصحي وظروف العزل المنزلي سببًا في اختراع روتينك الجديد الخاص؛ فربما كانت حياتك، فيما قبل، تسير بلا هدف أو خطة محددة، وربما كنت تخبط أنت نفسك خبط عشواء، الآن ها هي فرصتك لإعادة هندسة الأمور وترتيب حياتك من جديد.
قبول الوضع الجديد
واحدة من بين الأمور التي تبرز أهمية الروتين في الأزمات هو أنه يدفعك إلى التأقلم، ويصقل هذه القدرة لديك، ربما تتذمر من كونك حبيس منزلك، أو تغضب لأنك لا ترى أصدقاءك، لكن وماذا بعد؟! لن يجدي هذا نفعًا.
بعد فترة من الضيق والغضب والاكتئاب ستصل في النهاية إلى أنه من المحتم التعامل مع الظروف الحالية على أنها وضع/ مُعطى جديد من المتعين عليك التعامل معه. ستطور روتينك الخاص بك، إذًا، وسيعينك هذا الروتين على إدراك الحقيقة التالية: الإنسان قادر على التأقلم مع أشد الظروف قسوة وعنفًا، وهو الأمر الذي سيجعلك أكثر قدرة على تحمل ما قد يعترض طريقك في المستقبل من عقبات وعراقيل.
السيطرة على وقتك
أكثر سلعة مهددة بالتلف خلال وقت العزل الصحي هي وقتك، فكيف تحافظ عليه إذًا؟ هذا سؤال جوابه كامن في أهمية الروتين في الأزمات؛ فحين يكون لديك سلسلة متصلة من العادات الجيدة التي تثابر وتداوم على فعلها فلن يذهب وقتك سدى.
ليس هذا فقط، وإنما ستشعر، من ناحية أخرى، أنك مالكٌ لوقتك وسيدٌ على حياتك، وهو الأمر الذي يعفيك من الدخول في دوامة من القلق والحزن والتشتت، وهي أغلب المشاكل النفسية التي يعاني منها من لا يملكون روتينًا صارمًا خلال الأزمات.
الحفاظ على الصحة العقلية
خلال جائحة كهذه، سنكون جميعًا فريسة لأخبار سيئة لا ترحم، تهطل علينا كالمطر، قد يصينا هذا بالقلق، الخوف، والتوتر، وربما ندخل في دوامة لا قرار لها من المشكلات النفسية، وخير وسيلة للخروج من هذا النفق المظلم أن تكون مشغولًا طوال الوقت، أن تقوم بأشياء منتجة، أن تداوم على عاداتك الصغيرة التي دأبت على ممارستها منذ فترة طويلة أو التي طورتها خلال فترة الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي.
إذًا، هذه الجملة من العادات الصغيرة، وهذا الانشغال الدائم بما ينفع أو يفيد، سيقيك من خطر الوقوع في دوامة مشاكل نفسية قد لا يكون الخروج منها سهلًا أو ميسورًا، ناهيك عن أنه سيجعل صحتك النفسية والعقلية في مأمن.
تطوير عادات جديدة
يذهب Stephen Guise؛ المؤلف والمدون الشهير، إلى أن خطة العادات الصغيرة هي الوسيلة المثلى التي يمكنها أن تُحوّل المستحيل ممكنًا، كل المستحيلات ممكنة، وفقًا لهذا الطرح، شرط أن تمتلك العزيمة الحاسمة للقيام بها، وأن تتدرج في الوصول إلى ما تريد.
وإن لم تكن لديك عاداتك الصغيرة الخاصة بك، فستدفعك هذه الأزمة إلى تطوير عاداتك الجديدة، وإلى إنشاء روتينك الخاص. ليست الأزمة الحالية فرصة ذهبية سقطت علينا من السماء ولكننا مضطرون إلى استنفاذ جوهرها، والخروج منها بأكبر قدر من المكاسب.