داوِ الهُمومَ بِقَهوَةٍ صَفراءِ
وَاِمزُج بِنارِ الراحِ نورَ الماءِ
ما غَرَّكُم مِنها تَقادُمُ عَهدِها
في الدَنِّ غَيرَ حُشاشَةٍ صَفراءِ
ما زالَ يَصقُلُها الزَمانُ بِكَرِّهِ
وَيَزيدُها مِن رِقَّةٍ وَصَفاءِ
حَتّى إِذا لَم يَبقَ إِلّا نورُها
في الدَنِّ وَاِعتَزَلَت عَنِ الأَقذاءِ
وَتَوَقَّدَت في لَيلَةٍ مِن قارِها
كَتَوَقُّدِ المِرّيخِ في الظَلماءِ
نَزَلَت كَمِثلِ سَبيكَةٍ قَد أُفرِغَت
أَو حَيَّةٍ وَثَبَت مِنَ الرَمضاءِ
وَاِستَبدَلَت مِن طينَةٍ مَختومَةٍ
تُفّاحَةً في رَأسِ كُلِّ إِناءِ
لا تَذكُرَنّي بِالصُبوحِ وَعاطِني
كَأسَ المُدامَةِ عِندَ كُلِّ مَساءِ
كَم لَيلَةٍ شَغَلَ الرُقادُ عَذولَها
عَن عاشِقَينِ تَواعَدا لِلِقاءِ
عَقَدا عِناقاً طولَ لَيلِهِما مَعاً
قَد أَلصَقا الأَحشاءَ بِالأَحشاءِ
حَتّى إِذا طَلَعَ الصَباحُ تَفَرَّقا
بِتَنَفُّسٍ وَتَأَسُّفٍ وَبُكاءِ
ما راعَنا تَحتَ الدُجى شَيءٌ سِوى
شِبهِ النُجومِ بِأَعيُنِ الرُقَباءِ
******'' ***********
من هو ابن المعتز..
عبد الله بن محمد المعتز بالله ابن المتوكل ابن المعتصم ابن الرشيد العباسي، أبو العباس. الشاعر المبدع، خليفة يوم وليلة، ولد في بغداد، وأولع بالأدب، فكان يقصد فصحاء الأعراب ويأخذ عنهم. وصنف كتباً، منها (الزهر والرياض) و (البديع - ط) و (الآداب) و (الجامع في الغناء) و (الجوارح والصيد) و (فصول التماثيل - ط) و (حلى الأخبار) و (أشعار الملوك) و (طبقات الشعراء - ط) وجاءته النكبة من حيث يسعد الناس: آلت الخلافة في أيامه إلى المقتدر العباسي، واستصغره القواد فخلعوه، وأقبلوا على صاحب الترجمة، فلقبوه (المرتضى بالله) وبايعوه بالخلافة، فأقام يوماً وليلة، ووثب عليه غلمان المقتدر فخلعوه. وعاد المقتدر، فقبض عليه وسلمه إلى خادم له اسمه مؤنس، فخنقه. وللشعراء مراث كثيرة فيه. وله (ديوان شعر - ط) في جزأين. ومما كتب في سيرته (ابن المعتز وتراثه في الأدب - ط) لمحمد خفاجة، و (عبد الله بن المعتز، أدبه وعلمه - ط) لعبد العزيز سيد الأهل.