"لا يجب أن يجعلنا هذا الحديث المحبط عن تراجع الدراسات العربية في القرن الثامن عشر، ننسى الإنجازات الحقيقية والخالدة للقرن السابع عشر في مجال الدراسات العربية؛ فقد تأسست هذه الدراسات في ذلك العصر كفرع مهم من فروع المعرفة باللغة العربية وخاصة في مجال النحو وصناعة المعاجم. والتاريخ لن ينسى جهود العالمين الهولنديين إربنيوس ويوليوس؛ فقد كانت جهودهما حاسمة في هذا الصدد. وكذلك لا ينبغي أن ننسى إنشاء المطابع العربية، ونشر الكتب العربية، وهنا أيضا نجد أن علماء الأراضي المنخفضة قد تحملوا عبء الريادة عن الإيطاليين، بيد أن المستعربين الإنجليز أدوا أيضا دورا كبيرا للغاية. والنقطة الثالثة التي نريد أن نوضحها هي أن هناك بعض التقدم قد تحقق في مجال نشر المعرفة -وحتى الفهم- المتصلة بحضارة كان الجهل بها والتحيز ضدها هما الأساس لموقف أوروبا كلها. وهنا نذكر جهود بوكوك خاصة في كتابه لمع من تاريخ العرب، وكان كتابا مهما له تأثير كبير. والنقطة الرابعة هي أن علماء ذلك العصر تمكنوا من الظفر بأكبر كم من مجموعات المخطوطات التي مهدت الطريق أما الإنجازات الكبيرة التي حققها علماء القرن التاسع عشر في مجال الدراسات العربية. في هذا المجال كانت جامعة أكسفورد من أكثر الجامعات تقدما؛ فقد أصبحت من أهم الجامعات التي احتوت أروقتها على الدراسات والمخطوطات والنصوص العربية، من ناحية الكم والكيف كليهما. وأما الإنجاز الأخير والأهم فهو تأسيس منهج لتدريس العربية في الجامعات الغربية؛ فقد أرسى قواعده في إنجلترا علماء مثل لود والسير توماس آدمز، واستقر بفضل جهود علماء مثل بوكوك وويلك، واستطاع أن يعيش في أثناء السنوات العجاف في القرن الثامن عشر، ليزدهر من جديد في عصور جديدة، وفترات تاريخية أفضل حالا"