كتاب التلقين في النحو، تأليف: أبي البقاء العكبري ت 616هـ، بتحقيق الدكتور جميل عبد الله عويضة.
ولأني حققت تسمية الكتاب رأيت أن أنشر من مقدمة تحقيقي له ما يتعلق بالتسمية والنسبة، وذلك؛ لأن د عويضة - في ظنّي - قد أخطأ في تسميته، والحقيقة أني لم أطلع على مقدمته، كما أنّ تعليقاته على النصّ تختلف عن تعليقاتي تمامًا، فقد عُنيتُ بما لم يُعن به، وهو عُنِي بغير ما عنيت به، ولا أعلم إنْ كان قد اطلع على عملي أوْ لا، علمًا أنّني أودعته في دار الكتب برقم: 4199/ 94، والترقيم الدولي: ISBN 977 -00 -6927 - 2
والكتاب جمع فوائد لغويةً ونحوية عددتُها 141 مسألة، أملاها الشيخ الإمام محب الدين أبو البقاء العكبري في مسجده ببغداد على جماعة من طلاب العلم في شهر شوال سنة 600 ه.
وهذا ما كتبته ممّا يتعلق بنسبته وتسميته ومصدر مخطوطه، أنقله متصرفا فيه شيئًا مّا على النحو الآتي:
لهذا الكتاب قصةٌ أذكرها لأهميتها، فقد كنت أقلّبُ صفحاتِ فهرس النحو الذي أعدّه قسم الفهرسة بمركز البحث العلمي بجامعة أم القرى فلفت نظري في الصفحة 143 المعلومات التالية: (259 – اسم الكتاب، التلقين في النحو، تاريخ النسخ: بدون، نوع الخطّ: نسخ ممتاز، عدد الأوراق: 19 ق، عدد الأسطر: 13، رقمه في المركز: 370، مصدره: مكتبه أحمد الثالث بتركيا)، ولم أتردد في طلب الشريط حاملِ هذا الرقم فوجدت كتابا كُتب بخط جميل للغاية، إلا أنّه خلا في أوله وآخره من اسم الكتاب، واسم المكتبة التي أتى منها، بل زاد الأمر سوءًا أنّ العاملين في المركز قد أتوا على الشريط الذي ضم مجموعة من الكتب منها هذا الكتاب فقطّعوه إربًا على عدد الكتب التي ضمّها المجموع، ولم يحاولوا تسجيل معلومات عن المجموع على كل قطعة، فغدت هذه القطعة من الشريط تائهة عن أخواتها بلا عنوان ولا إشارة إلى مكان وجود أصله.
وعند مراجعة فهرست مكتبة أحمد الثالث لم أجده يذكر كتاب التلقين للعكبري(1)، عندها كان لا بُدّ من البحث في القضايا الآتية:
أوّلاً: نسبة هذا الكتاب للعكبريّ، وقد وردت فيما هو كالمقدّمة له، فبعد البسملة جاء ما نصّه: (قال الشيخ الإمام العالم حجّة العرب محبّ الدّين أبو البقاء العُكْبُراويّ النحويّ رحمه الله: هذه أصولٌ في العربية .. إلخ..)، إذن فنسبة الكتاب لا شكّ فيها، فيكفي أن يُنَصّ على المؤلف في أوّل الكتاب لتسقطَ الشكوك في نسبته، بل تنتفي الحاجة إلى الشك والبحث فيها حتى يظهر ما ينفيها مما هو أظهر حجة، ويقوي هذه النسبة النصُّ من قبل الناسخ على شهر الإملاء وسنتِه ومكانه والشهود عليه، وأنه كتبها من لفظه، قال الناسخ: (وذلك في شوال سنة ستمائة الهجرية ، وكنت أكتبها من لفظه، في جماعة، بمسجده ببغداد)، أضف إلى ذلك كلِّه أنّ بعضَ عبارات هذا الكتاب تُشبه كثيرا عبارات المؤلف في كتب أُخَر، وقد أشرت إلى بعض ذلك في التعليقات على النصّ.
ثانيًا: اسم الكتاب: لم ترد إشارة إليه في أثناء الكتاب، ولا فيما سبقه أو لحقه من صفحات، ولا في فهرس مكتبة أحمد الثالث، وإنما سمي بالتلقين في فهرس النحو بمركز البحث - ربّما - ظنًّا من واضعي الفهرس، ولعلّ الذي أوحى إليهم بذلك هو شيخنا د عبد الرحمن بن سليمان العثيمين، رحمه الله، الذي أدار المركز ذلك الحين، وأشرف على وضع فهارسه، وقد رأينا أنه قال في دراسته عن التبيين عن مذاهب النحويين البصريين والكوفيين للعكبري، عندما ذكر (التلقين) في كتب العكبري: "وتوجد قطعةٌ من كتاب التلقين لأبي البقاء في ليدن محفوظة برقم 177(2)، كما أنّني وقفت على نسخة منه كاملة في مكتبة المتحف بتركيا". فإن قصد هذه النسخةَ فلربما كانت ممّا لم يُضمّن فهارس المتحف، ولربما ظنها (التلقين) وليست كذلك، ولربما كان للأمر وجهٌ آخر كأن يكون رآها في مكتبة أخرى غير المتحف.
أمّا ما ذكره عن القطعة الموجودة في ليدن، فقد حاولت الوصول إليها مستعينًا بالأستاذ الصديق د. عياد بن عيد الثبيتي الذي له معرفة جيدة بالأستاذ (كوننكز فيلد) مدير مكتبة ليدن الذي استجاب سريعا، فنسخ ما وجد من كتاب التلقين وأرسله إلينا مشكورا، وهذا نصّه:
[كتاب التلقين تصنيف عبد الله العكبريّ المعروف بأبي البقاء، قدّس الله روحه ونوّر ضريحه.
بسم الله الرحمن الرحيم
باب أقسام الكلام
الكلماتُ ثلاثٌ: اسمٌ، وفِعْلٌ، وحَرْفٌ.
فالاسمُ يُعْرَفُ بالألف واللام، وحرف الجرّ، نحو: مررت بالرجل، وبالتنوين [152 ب]، وحرف النسب، نحو: زيدٌ، وزيديّ، وبالإضافة نحو: سبحانَ اللهِ، وبأن يكون عبارةً عن الزمان، نحو: إذْ، وإذا، وإبّان(3)، وجوازِ الإخبارِ عنه.
والفعل يُعْرَفُ بقد، والسين وسَوْفَ، وحرفِ الجزم، نحو: قد ذهب، وسيذهب، وسوف يذهب، ولم يذهبْ، وبتاء التأنيث الساكنة، نحو: ذهبتْ، والأمْرِ، نحو: [153 أ] اذهبْ.
والحَرْفُ: ما لمْ يَحْسُن فيه شيءٌ من العلامات المذكورة، نحو: مِنْ، وهَلْ، وحَتّى.
بابُ المُعْرَبِ
المُعْرَبِ: ما تغيّرَ آخرُه بتغيّرِ العاملِ فيه لَفْظًا وتقديرًا، وهو ضربان: [153 ب]، الاسمُ المتمكِّنُ، والفِعْل المضارعُ.
والاسمُ المتمكِّنُ: ...]
هذا كلُّ ما في القطعة التي في مكتبة ليدن رقم 1294 من كتاب التلقين.
وواضح أنها الصفحات الأولى للكتاب، وأوّلُه، وكل ما وجد منه، وبون شاسع بين بدايته وبداية الكتاب الذي حققته.
وما وجد في ليدن ثابت النسبة للعكبريّ، وثابت أنّه من كتاب التلقين؛ إذْ كُتب ذلك بوضوح في إحدى الصفحات، ونقله بدقّة الأستاذ كوننكز فيلد.
وهكذا يتبيّن أنّ د عويضة بناء على هذه المعلومات قد أخطأ في تسمية الكتاب.
على أنني لا أجزم بخطئه فلعله وجد دليلا على التسمية لم أطلع عليه؛ لأن ما عثرت عليه من عمله مجردُ نصٍّ للكتاب بصيغة word دون مقدّمة، وهكذا وحتى يتسنّى لي الاطلاع على مقدمته ومسوغات تسمية هذا الكتاب بالتلقين أتيح هذه المعلومات للقرّاء لعلّ منهم من عثر على التلقين كاملًا، أو تحقّق بأدلة قوية أن الكتاب الذي حقّقته مسميا له بـ (من الأمالي العكبرية) هو التلقين كما أسماه د عويضة، والله أعلم