3 صور
لقد سمعنا كثيراً عن الآباء المسيطرين، الذين يرغبون في التحكم في كل تفاصيل حياة أبنائهم ظناً منهم أنها أفضل طريقة لحمايتهم والحفاظ عليهم وإبعادهم عن الخطر، بالتأكيد مررت بهذا الأمر خلال فترة المراهقة، وربما تتبع الأسلوب نفسه لتربية أبنائك، ولكن هل تعلم التأثير السلبي لهذه الطريقة في تنشئة الأبناء؟
وجدت دراسة أُجريت على مدار فترة طويلة أجراها باحثون في جامعة فرجينيا سعوا إلى معرفة الآثار طويلة المدى لاتباع الآباء نهج السيطرة على الأبناء من الناحية النفسية، وأظهرت النتائج أن هناك صلة كبيرة بين التربية في كنف آباء متسلطين ومعاناة الأبناء من تكوين علاقات اجتماعية وعاطفية في وقت لاحق بعد بلوغهم وسيرهم في دروب الحياة بمفردهم.
تهدد الحياة الزوجية واستقرار العائلة.. ما علامات المراهقة المتأخرة؟
كيف يؤثر الآباء المسيطرون في أبنائهم؟
شارك في البحث 184 شخصاً تتراوح أعمارهم ما بين 13 و32 عاماً قادمين من خلفيات اجتماعية واقتصادية مختلفة، وتحدثوا جميعاً عن تجاربهم مع العيش في كنف أبوين مسيطرين خلال فترة المراهقة، كذلك شاهد الباحثون مقاطع فيديو للمشاركين في البحث وهم يتفاعلون مع أصدقائهم وزملائهم في أثناء فترة الطفولة، ومع آبائهم وأزواجهم في الوقت الحاضر.
انعدام النضج النفسي
أظهرت نتائج الدراسة أنه مع بلوغ أبناء الآباء المسيطرين سن 15 إلى 16 عاماً كانوا يعانون من انعدام النضج النفسي والعاطفي، وكانوا أقل شعبية في المدرسة، وكذلك لم يستطيعوا التفاعل مع زملائهم في المدرسة، علاوة على ذلك لم يكونوا متفوقين في الدراسة. ومع وصولهم إلى عامهم الـ32 لم يستطيعوا تأسيس حياة زوجية مستقرة، أو الاستمتاع بعلاقات عاطفية رومانسية، وانتهت أغلب العلاقات بالفشل.
العيش في عزلة
وهي تقريباً النتائج نفسها التي أظهرتها دراسة تعقبت سلوكيات مجموعة من الأشخاص وُلدوا في أربعينيات القرن الماضي وحتى الآن، وأظهرت الدراسة أن الآباء المسيطرين والمتحكمين الذين تطفلوا على خصوصية أبنائهم، أو لم يسمحوا لهم بالاعتماد على أنفسهم، وكانوا يبالغون في حمايتهم كان أبناؤهم أكثر عرضة للحصول على درجات منخفضة، ولم يشعروا بالسعادة في حياتهم، كما أنهم عاشوا في عزلة، ولم يستطيعوا تكوين علاقات اجتماعية في سن المراهقة، وكذلك في الثلاثينيات من عمرهم وحتى الستينيات.
في المقابل، وجد الخبراء والمسؤولون عن الدراسة في جامعة كوليدج لندن أن أثر الآباء الذين تعاملوا مع أبنائهم بطريقة مغايرة، وتعاملوا معهم باعتدال، واستجابوا لاحتياجاتهم دون الإفراط في حمايتهم أو تدليلهم، كان أبناؤهم ناجحين على الصعيد العاطفي والاجتماعي وكذلك في حياتهم المهنية.
اكسر الدائرة
من الضروري أن تدرك التأثير السلبي للآباء المسيطرين على أبنائهم، إذا مررت بهذه التجربة مع أبويك؛ فمن الضروري أن تكسر الدائرة وتخرج من هذه الحلقة، وألا تتبع النهج نفسه في التعامل مع أبنائك.
كذلك عليك أن تعي أن السيطرة الأبوية تشمل مجموعة من التصرفات التي تؤثر سلباً في سلامة الأبناء النفسية، ومن بينها الحماية المفرطة، والنقد المستمر، أو دفع الأبناء إلى الشعور بالخجل، وهي كلها أمور قد تصيب الأبناء بجروح نفسية عميقة، تمنعهم من عيش حياة مستقرة في المستقبل.
قالت الدكتورة ماي ستافورد، الباحثة في جامعة كاليفورنيا، إن الآباء يضعون حجر الأساس الذي يساعدنا على الشعور بالرضا والسلام النفسي في حياتنا، كما أننا نرى العالم ونتعرف إليه بأعينهم قبل اكتشافه بأعيننا، وبالتالي يلعبون دوراً رئيسياً في تشكيل وعينا وأسلوبنا في التعامل مع الحياة والعالم المحيط بنا.
أكدت الدكتورة ستافورد أهمية منح الطفل خصوصيته واحترام حدوده ومساحته الشخصية، وكذلك السماح لهم باتخاذ قراراتهم الخاصة، مع الحرص على ألا يكونوا اعتماديين طوال الوقت.