حكايات قبل النوم عادة جميلة تحرص عليها غالبية الأمهات بحب واهتمام، وتسعد بها الابنة وتنتظرها فرحة بقربها من والدتها، وحتى يكبر قلبها بالمعاني الجميلة، وحلم الأسطى "علي" واحدة من القصص التي تعلم الطفل كيف يحلم، وكيف يسعى لتحقيق حلمه بالعمل وليس بالكلام، وتشير إلى أن الآباء يحملون بقلوبهم حباً كبيراً لأبنائهم، ووحدهم من يريد: أن يصبح الابن أفضل منهم
بدأت الحكاية بتعود "على" منذ صغره على إصلاح لعب إخوته الصغار وأصحابهم والجيران، وإن دخل أحد العمال منزل العائلة لإصلاح شيء ما، لازمه "على"وتابع ما يقوم به بدقة وشغف كبيرين، وإن وقعت بيده لعبة جديدة يفكها ثم يعيد تركيبها وكأنه يصنّعها من جديد، وبمرور الوقت بدأت أم "على" تستعين ب"علي" حين يتعطل أي جهاز بين يديها، فيقوم بإصلاحه على الفور، وهذا يوفر عليها نفقات كثيرة، بعدها اشتهر وسط العائلة باسم..الأسطى "على"

والآن دعوني أعرفكم بنفسي: أنا"علي" عمري 14 عاماً، الأخ الأكبر لخمسة إخوة، بالصف الثاني الإعدادي، أنتظر الحصول على الشهادة الإعدادية لأتقدم بأوراقي إلى المعهد الصناعي ..ما يتناسب وهوايتي لأصبح عاملاً بأحد المصانع أو الورش الهندسية وأحقق حلمي
أبي يعمل بإحدى ورش تصليح السيارات، أجره اليومي يكفي بالكاد أسرتنا الكبيرة -7 أفراد- وإن غاب يوماً عن عمله لسبب ما خصم صاحب الورشة أجره، ورغم هذا ..حلم والدي الأول والأخير؛ أن يدخلني كلية الهندسة ويراني مهندساً كبيراً

وحدث أن مرض والدي يوماً ما، واضطر إلى ملازمة فراشه لأيام ولا معين، قفزت برأسي فكرة جريئة نفذتها من دون تردد أو سؤال؛ نزلت إلى ورشة أبي وأبلغت صاحبها بمرض أبي، وطلبت منه أن أجلس بجانبه أتعلم وأساعده .. ولن يندم
وطال مرض والدي على السرير وطالت جلستي وأتقنت العمل بالورشة، وأصبحت آخذ أجراً يومياً مثل أبي، أعطيه لأمي من دون كلام أو تفسير، وحين أتم أبي شفاءه نزل إلى ورشته، وأول شيء فعله؛ أن قدم شكره لصاحب الورشة على إرسال أجره اليومي طوال فترة مرضه، وصبره علي غيابه وإشفاقه على ظروفه


تعجب صاحب العمل حين سمعه، واستغرب والدي حين عرف الحقيقة، وتوقعت منه سيلاً من العتاب واللوم.. لكنه لم يفعل، تّفهم ما حدث وضمني إلى صدره، واحتضنني بحب ودفء كبيرين، وقال والدموع تنزل من عينيه: ستعوض ما فاتك بالمدرسة، وستنجح بتفوق وتأخذ شهادة الثانوية، ثم تلتحق بكلية الهندسة. وتحقق حلمك- وحلمي- وتصبح المهندس "علي".. وستكون، هيا اذهب واسترح وأعّد حقيبة مدرستك وغداً يوم جديد