بعد مرور أكثر من ستة أشهر على جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) في العالم، والذى أصاب قرابة الـ9 ملايين شخص وأودى بحياة ما يقارب النصف مليون آخرين، ما زال العلماء يصدمون البشرية بتوقعات انتهاء هذا الوباء القاتل، حيث يعتقد علماء من الولايات المتحدة أن يستمر كورونا معنا لعامين آخرين على الأقل، وأن السيطرة عليه لن تتم إلا بعد تحصين أكثر من ثلث سكان العالم مناعياً ضده.
متى سوف تنتهي الأزمة العالمية التي سببها كورونا؟
لا شك أن انتشار فيروس كورونا المستجد، تسبب في أزمة عالمية سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أيضاً، حيث إن الفيروس التاجي تسبب في خسارة الاقتصاد العالمي أكثر من 2 تريليون دولار، بحسب التقديرات الأولية لصندوق النقد الدولي، فيما تسبب في منع عملية الطيران بين الدول، ووقف التواصل الاجتماعي المباشر بين الأفراد على مستوى العالم، بسبب سياسة التباعد الاجتماعي التى فرضها الفيروس.
مجموعة باحثين من مركز بحوث الأمراض المعدية في جامعة مينيسوتا أشاروا إلى أن السيطرة على الفيروس الجديد صعبة للغاية كونه ينتقل عن طريق بعض الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أي أعراض، فيما أن التقارير الحديثة تؤكد أن الحاملين للفيروس قد ينقلون العدوى للعديد من الأشخاص الآخرين قبل أن تظهر عليهم أي أعراض، وهو ما يصعب إجابة هذا السؤال.
وحول موعد انتهاء الأزمة، يقول أستاذ علم الأحياء الدقيقة في جامعة ريدنج البريطانية، سيمون كلارك، إنه من المستحيل أن يحدد أحد موعدا أو تاريخا لانتهاء أزمة فيروس كورونا أو اختفاء المرض، متوقعاً أن يبقى معنا الفيروس للأبد، وأرجع ذلك إلى انتقال العدوى من أشخاص لا تظهر عليهم أعراض المرض، وحتى الآن لا يوجد أي سبب يجعلنا نرجح فرضية أن كوفيد 19 لن يواصل ما يفعله في المستقبل.
الأمر نفسه رجحه الدكتور جينا ماكيوتشي، محاضر علم المناعة بجامعة ساسكس البريطانية، بأنه يستحيل الحديث عن تاريخ محدد لانتهاء وجود الفيروس، ويقول إن العلماء لا يعلمون موعدا محددا لانتهاء الأزمة، وهناك صعوبة بالغة حول وجود أي تكهنات مستقبلية كون الفيروس الجديد كلياً، وما يحدث في العالم بعد كوفيد 19 غير مسبوق.
ويتفق العلماء مع رأي الدكتور كلارك، حول أن عملية تطوير لقاح لفيروس كورونا هو مفتاح التصدى له، واصفاً تلك الخطوة بأنها هي اتجاه السيطرة على الأمور، عكس ما نفعله الآن وهو السيطرة على الأعراض فقط، ولكن لا نتخلص من المرض نفسه.
متى سوف ينتهي التباعد الاجتماعي؟
الأمر متوقف على مدى اتباع الناس للإرشادات التى تطلقها منظمة الصحة العالمية، والمنظومات الصحية في كل البلاد على حدة، هذا ما يراه الدكتور جينا ماكيوتشي الطريقة المثلى لكبح الفيروس التاجي، وأيضاً تنفيذ عملية الإغلاق من جانب الحكومات، مؤكداً أنه يجب على الحكومات عدم ترك البشر يعودون إلى حياتهم الطبيعية بسرعة، لأن ذلك سوف يأتي بنتيجة عكسية.
وهذا بالتحديد هو ما أكده روبرت دينجوال، أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة نوتنجهام ترينت، حيث أكد أن الإغلاق وتنفيذ التباعد الاجتماعي لفترة قصيرة لن يكون مجدياً، مطالباً بتنفيذ كافة التعليمات حتى تاريخ ظهور لقاح آمن وفعال ويمكن استخدامه على نطاق واسع للتخلص من الفيروس القاتل، وهو ما قدره ماكيوتشي على أنه سوف يستغرق قرابة الـ12 إلى 18 شهراً، مما ينذر بعدم انتهاء حالة التباعد الاجتماعي قريباً.
شروط انتهاء فيروس كورونا
بحسب تقرير نشرته بي بي سي عربية، فإن هناك ثلاث طرق رئيسية للخروج من أزمة فيروس كورونا، ويعتبرونها شروطاً لانتهاء فيروس كورونا، وهي:
- تطوير لقاح: كما ذكرنا في السابق فإن تطوير لقاح بحسب العلماء قد يأخذ من 12 حتى 18 شهراً على أقل تقدير، رغم أن هناك مؤشرات تدعو للتفاؤل ولكن منظمة الصحة العالمية، تدعو الجميع للانتظار، وسوف يمنح اللقاح البشر مناعة ضد العدوى بالفيروس، ويدرأ تطعيم 60% من الأشخاص حول العالم عملية تفشي المرض، وهناك العديد من الأبحاث لتطوير اللقاحات بسرعة غير مسبوقة، وهو ليس تأكيد بنجاح إنتاج اللقاح، وينتظر الجميع جاهزية اللقاح في أواخر العام المقبل، وهو وقت محبط للحكومات التى تفرض تباعداً وإجراءات صارمة للحد من انتشار الفيروس.
- تطوير ما يكفي من الأشخاص للمناعة من خلال الإصابة: في هذا الخيار الثاني يبنى العلماء نظريتهم على فرضية مناعة الأشخاص الطبيعية وتنفذ بريطانيا تلك الإستراتيجية بريطانيا، والتى تتوسم فيها على خفض عدد الإصابات بقدر الإمكان بغية عدم الضغط على المستشفيات، ولكن أزمة تلك النظرية أنه بمجرد أن تقل حالات الإصابة سوف تُرفع إجراءات الحظر تدريجياً، ومن ثم ترتفع أعداد الإصابات مرة أخرى.
وعن ذلك تحدث السير باتريك فالانس، كبير المستشارين العلميين في بريطانيا، قائلاً إن عملية وضع حدود زمنية في المطلق للأشياء غير ممكنة بالمرة، ولكن عندما يُصاب المزيد من المواطنين يمكن أن يخلق ذلك ما يعرف بمناعة القطيع، ولكن الأمر قد يستغرق سنوات وسنوات بحسب ما يؤكده نيل فيرغسون الأستاذ بجامعة إمبريال كوليدج بلندن.
وتابع فيرغسون أنه إذا ما طالت المدة إلى عامين فربما يكون ذلك كافياً ليكون المجتمع قد أصيب بالعدوى، بالدرجة التى يمكن أن توفر الحماية المجتمعية، ولكنه تساءل هل هذه الحصانة المناعية ستستمر طويلاً، أم أنها سوف تنهار أمام الفيروس والإصابة به مرة أخرى أو أكثر من مرة.
- تغيير سلوك البشر: الخيار الثالث يتمثل في إنجاز مجموعة من التغييرات الدائمة التى يجب أن يعيش بها المجتمعات من أجل الحفاظ على معدلات عدوى منخفضة، وهو الأمر الذي يتطلب المزيد من الإجراءات أو حتى الإبقاء على إجراءات التباعد الاجتماعي والعزل الصارم للثابت إصابتهم.