استوقفتني بعض تغريدات زميلنا الأستاذ الدكتور عبدالله الدايل لأنها في نظري تقتضي شيئًا من البيان والتفصيل تحقيقًا لمزيد من الفائدة.
قال الدايل "يجوز كتابة: الرضا أو الرضى بالوجهين(الرضا) هو رأي البصريين؛ لأنها من (الرضوان) أي أن الألف أصلها واو والرضى: هو رأي الكوفيين؛ لأن فعلها (رضي) بالياء".
ويوهم هذا القول أنَّ الكوفيين يخالفون البصريين في لام الفعل (رضي) أي إنها واو عند البصريين ياء عند الكوفيين، وليس الأمر كذلك؛ فاللام عند الفريقين واو، وإنما قلبت الواو ياءًا لتطرفها بعد كسر كما في الفعل قوِي.
والقاعدة العامة في رسم الألف الثالثة المتطرفة أن ترسم مشالة، على أصلها، إن كانت واوًا في الأصل، نحو: العصا، ودعا، وأن ترسم ياءًا إن كان أصلها ياءًا، نحو: الفتى، ومشى؛ ولكن الكوفيين خصّوا ما ضمت فاؤه أو كسرت برسم لامه ياءًا، فرسموا (الضُحا) بالياء (الضُحى)، وكذلك (الرِّضا) رسموها بالياء (الرِّضى). قال البطليوسيّ "والكوفيون يكتبون كل ثلاثيٍّ مكسور الأول أو مضمومه بالياء، ولا يراعون أصله"(1).
ذكر الهوريني أن المسوغ لكتبها بالياء -مع كونها واوية- هو اتّباع الكوفيين فيما إِذا كان أول الاسم مضمومًا كـ(الخُطَى، والضُّحَى، والذُّرَى، والعُلَى، والسُّهى، واللهُى، والظُّبَى)(2)، أو مكسورًا كـ(العِدىَ، والكِبَى)(3)؛ فإِنهم يكتبون ذلك بالياء، ويُثَنُّونه بها، ولا يُفَرّقِون بين الواوي واليائي(4).
فالأولى إذن أن يكتب (الرضا) ونحوه بالألف المشالة؛ ولكن بعض الألفاظ قد يعدل عن كتبها بالألف المشالة تجنبًا لتوالي المتماثلات، قال الهوريني "وأما الذي يمنع من كتبها ألفًا -مع كون الأصل واوًا- فهو أن يسبقها ألف يابسة [همزة]. ولم أجد من ذلك في (القاموس) سوى ستة أفعال، وهي: بَأَى، ودَأَى، وسَأَى، وشَأَى، وفَأَى رأْسَه، ومَأَى الجِلْد. فهذه الستة واوية تقول: بأوْت علينا بَأوًا: إِذا افتخر، وفَأَوْتُ رأسَه فَأْوًا: إِذا شقها أو شجها؛ ولكن يمتنع كَتْبُها ألفًا كراهةَ اجتماع المِثْلين"(5). فهذه الألفاظ لا تكتب بألفين هكذا (بأا) ولا يغني عن ذلك المد هكذا (بآ)، قال الهوريني "ولا يصح الاستغناء عن رسم الياء بمَدَّةٍ توضع فوق الألف، اللهم إِلا أن يتصل بها ضمير المفعول، نحو: "فَآه" مثل (رآه)؛ لأنها لَمّا توسطت صارت مَدًّا، فيجوز حينئذٍ وضع المدَّة على الألف اليابسة للدلالة على حَذْف حرف العلة المتوسط"