معلومات مشوّقة عن رحلة حذاء السنيكرز.. من القرن الثامن عشر إلى اليوم

أدولف داسلار عام 1920

شباب في ستينات القرن الفائت ينتعلون السنيكرز

جيسي أوينز في أولمبياد برلين 1936

مارلون براندو منتعلاً سنيكرز

جيمس دين منتعلاً سنيكرز "ذا جاك بورسيل".

نموذج من أحذية السنيكرز في بدايات القرن العشرين.



يشكل حذاء السنيكرز العمود الفقري في خزانة الأحذية الربيعية والصيفية. إذ إنه يجمع بين الأناقة والراحة، فيما يعكس الكثير من الأسلوب الشخصي الرفيع. يصنّفه بعضهم بحذاء العطلات ونهايات الأسبوع، إنما المؤكد أن مخيلات المصممين أيقنت انطلاقاً من العقد الأخير، التوق العالمي لانتعال هذا النمط المريح من الأحذية. فدأبت أرقى الدور العالمية، نذكر منها "ديور هوم" و"لوي فويتون" و"هيرمس"... على إعادة إطلاق تصاميم من أحذية السنيكرز، تخاطب الرجل الرصين ذاك الذي تخطى عتبة الأربعين. فقدّمت له نماذج مستعادة من سنوات المراهقة، إنما وفق قوالب، تحاكي مركزه وسنّه. فصار السنيكرز من ركائز الأناقة التي تعبر عن الأسلوب الناضج والثقة بالنفس. ولم يعد مجرد حذاء عفوي يحتكره الشباب.
فما سرّ هذا الحذاء الذي يكتسح شوارع العالم؟ متى استهل مسيرته؟ وأين؟ نعرض لكم في هذا التقرير مجموعة من المعلومات المشوّقة عن تاريخ أحذية السنيكرز المطاطية:
- في البداية، يشتق الاسم من فعل "سنيك" بالإنكليزية، ومعناه التسلّل. لذلك فإن "سنيكرز" معناه المتسلِّل، لأن مَن ينتعل هذا النوع من الأحذية، لا يُسمع صوت لخطواته بما أنها خافتة، وذلك بفضل استخدام المطاط، بدلاً من النعل لصنع قاعدة الحذاء. فحتى القرن الثامن عشر لم يكن التنقل بخفّة متاحاً، بما أن الأحذية كانت لها كعوب عالية، ما يجعلها تصدر أصواتاً.
- في عام 1860، استنبط تشارلز غوديير، عملية الفلكنة التي تسمح بجعل المطاط السائل المستخرج من الأشجار أقسى، إنما من دون أن يفقد ليونته، بمعالجته بالكبريت. إذ كان المطلوب ألا يكون المطاط سائلاً في المناخ الحار، وهشّاً في الجوّ البارد. فأتت عملية الفلكنة لتجعل المطاط جافاً وأملسَ ومرناً ومقاوماً للمياه. صحيح أن غوديير نفسه لم يستخدم اختراعه هذا في صنع السنيكرز، لكن يعود إليه الفضل في الأحذية المريحة، لأن آلية المعالجة التي ابتكرها، سمحت باستخدام المطاط في صناعة الأحذية التي حققت ثورة في القرن اللاحق.
- في القرن الثامن عشر، بدأت تطل الأحذية المطاطية بالكامل، أي تلك التي لا يدخل النسيج في صناعتها، كما هي الحال اليوم. وآنذاك سمّيت هذه الأحذية "بليمسولز"، ولم يكن هناك فرق بين زوجي الحذاء، الأيمن والأيسر. وتعدّ أحذية "بليمسولز"، الجيل الأول والأسبق لأحذية السنيكرز التي نعرفها حالياً.
- في عام 1892، نجحت شركة المطاط الأميركية في صنع أحذية رياضية مطاطية أكثر راحة، مع جزء أعلى مصنوع من النسيج، وسمّي الحذاء Keds. وبحلول عام 1916، بدأ إنتاج هذه الأحذية الرياضية بكميات كبيرة. يعدّ حذاء السنيكرز، الأول الذي دخل صناعات الإنتاج بالجملة، لأن الجميع أقبلوا على شرائه، إذ يجمع بين الراحة، والسعر المدروس، والجودة، والأهم أنه لا يصدر أصواتاً عالية.
- في عام 1917، أنتج الأميركي ماركيز كونفيرس، الحذاء الأول المصمّم للاعبي كرة السلة، وأطلق عليه اسم "كونفيرس أول ستارز". في عام 1923، تبنّى نجم كرة السلة الأميركي الراحل تشاك تايلور، هذا الحذاء المطاطي، حتى أن اسم اللاعب اطلق على التصميم الذي يعدّ إلى اليوم، الأكثر شهرة في العالم. وسرعان ما انتشر بيع هذا الحذاء في صفوف الرياضيين، ولم يعد حكراً على لاعبي كرة السلة.

- في عام 1924، ولدى عودته من الحرب العالمية الأولى ابتكر الألماني أدولف داسلار، حذاء رياضياً من نمط السنيكرز، وسرعان ما أطلق عليه جزءاً من اسمه واسم عائلته، فصار الحذاء "أديداس". وكان أدي، كما كان ملقباً، يعمل في مرآب بمنزل والدته، فيما يعاونه أخوه رودولف. وقد عملا بلا كلل، إلى درجة أنهما كان يستخدمان آلات يدوية، بما أن الكهرباء آنذاك لم تكن متوافرة طوال الوقت.
- خلال مدة وجيزة نسبياً، حققت علامة "أديداس" نجاحاً كبيراً وبلغت العالمية، عندما حصد العداء الأميركي جيسي أوينز، أربع ميداليات ذهبية في أولمبياد 1936، فيما كان ينتعل حذاء "أديداس" المطاطي. إنما بعد بضعة أعوام، وبسبب تدهور العلاقة بين الشقيقين داسلار، انفصلا، وأسس رودولف، علامة "بوما".

- خلال النصف الأول من القرن العشرين، كانت الأحذية الرياضية تستخدم في الأغلب لممارسة الرياضة. إنما انطلاقاً من خمسينات القرن الفائت، بدأ الأطفال والمراهقون ينتعلون أحذية السنيكرز للتعبير عن أسلوبهم. وما دفع الشباب إلى التهافت على انتعال هذه الأحذية المطاطية، هو النجم الآسر جيمس دين، الذي أطلّ بالسنيكرز في فيلمه الشهير "ثائر بلا قضية" (Rebel Without a Cause).
- في عام 1970، أُسست علامة "نايك" المستوحاة من اسم إلهة النصر لدى الإغريق. وقد تمكنت هذه الشركة الحديثة من الانضمام إلى صفوف الشركات المرموقة في صناعة السنيكرز، بفضل تركيزها على الراحة من أجل أداء افضل. وقد استخدم أحد مؤسسي هذه العلامة بيل باورمان، آلة صنع الوافل في مطبخ زوجته. وضع فيها قطعة من المطاط، وأُعجِب بالنتيجة، إذ إنه حصل على النقشة نفسها مطبوعة على المطاط، من دون أن تفقد المادة ليونتها ومرونتها.
- في عام 1984، حققت مبيعات شركة "نايكي" (Nike) العالمية قفزة نوعية، عندما وقّع لاعب كرة السلة الأميركي مايكل جوردن عقداً، ينتعل بموجبه حذاء نايكي آير جوردن، الذي تحول من أكثر أحذية السنيكرز شهرة في العالم. رغم تقاعده من "الرابطة الوطنية لكرة السلة" (NBA) ظل هذا الحذاء الأكثر مبيعاً.
- مع الوقت، وفي ظل التنافس الحاد بين الشركات العالمية على إنتاج حذاء السنيكرز، وفق ألوان وملامس متعددة، تفرّعت هذه الصناعة إلى درجة، بات لكلّ نوع من الرياضة تصاميم معينة من الأحذية المطاطية. وقد تُرجِم هذا التنافس في إطلاق تقنيات متعددة في هذه الصناعة، تسمح بأداء رياضي أفضل، وتخفيف الضغط عن القدم.
-انطلاقاً من العقد الاخير، بدأ السنيكرز يطلّ على منصات عروض الأزياء العالمية المخصصة للنساء والرجال على السواء. فرأيناه تارة منسَّقاً مع تصاميم كاجوال، وطوراً مع البذلة الرجالية التي شكل عنصراً أساسياً في جعلها بذلة كاجوال وتنفيذية في الوقت نفسه.