إعادة هندسة الأعمال لتحقيق النجاح والأرباح رغم أزمة كورونا

إعادة هندسة الأعمال: البداية في التسعينيات

كيف يمكن تطبيقها في زمن كورونا؟

خطوات إعادة هندسة الأعمال لتحقيق السلامة

البعد الأول هو توسيع القاعدة الجماهيرية

البعد الثاني هو تحسين تجربة الزبائن

البعد الثالث هو إعادة إبتكار وتعريف الأعمال

البعد الرابع هو التكلفة


تلجأ الشركات في وقت الأزمات إلى إعادة هندسة أعمالها وذلك كي تضمن عدم غرقها في بحر المتغيرات الذي يعصف بها وبالأسواق. المتغييرات منذ سيطرة جائحة كورونا على كل مفصل من مفاصل الحياة في العالم لا تعد ولا تحصى والأضرار التي لحقت بالشركات وبالإقتصادات العالمية فلكية.
رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات يحاولون بشتى الطرق الحد من الخسائر وضمان خروجهم سالمين من الأزمة. في المقابل هناك بعض الشركات لم تحد فقط من خسائرها بل تمكنت من تحقيق الأرباح رغم الظروف الصعبة جداً على مختلف الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والمالية.
إعادة هندسة الأعمال من السبل التي قد تساعد المؤسسات على الوصول الى بر الآمان. ولكن في نهاية المطاف يبقى اعتماده مرتبط بأمور عديدة أخرى تتعلق بطبيعة الشركة ومدى استفادتها من هكذا خطوة.

إعادة هندسة الأعمال: البداية في التسعينيات


إعادة هندسة الأعمال أو إعادة هندسة العمليات عبارة عن قيام الشركات بتقييم العمليات الأساسية في شركاتها وفق ٣ أبعاد وهي التكلفة، النوعية والخدمة ثم اختيار بعد من هذه الأبعاد وإعادة تصميم العمليات حوله ما سيؤدي إلى تحقيق أرباح في الأبعاد كلها بشكل تلقائي.
أي بتعبير آخر إعادة هندسة الأعمال هو إعادة خلق عملية أساسية داخل الشركة بهدف تحسين النتائج والنوعية وتقليص التكلفة. عادة البداية تكون من خلال خلال تحليل سير العمل في الشركة، والعثور على العمليات التي تكون إما غير مؤثرة أو فرعية وغير هامة والعثور على مقاربات تمكن الشركة من التخلص منها أو تعديلها.
المقاربة هذه وجدت طريقها إلى الشهرة في التسعينيات وذلك بعد أن نشر مايكل هامر مقالاً في مجلة «هارفرد بيزنس ريفيو» تحدث فيها عن المفهوم هذا. الفكرة الأساسية تمحورت حول قيام الشركات حينها باستخدام التكنولوجيا لأتمتة عملياتها كافة رغم أن بعضها كان غير فعال عوض ابتكار ما هو مختلف وأفضل ويضمن سير العمل بسلاسة. والتشبيه الذي استخدمه حينها هو أن ما تقوم به الشركات هو استخدام التكنولوجيا لجعل «الحصان» أقل وزناً كي يصبح أكثر سرعة عوض بناء سيارة.
ومنذ ذلك الحين يمكن القول بأن المبدأ هذا حل مكان إدارة العمليات بشكلها التقليدي والقائم على أتمتة أو إعادة استخدام مسارات موجودة.
وفي الواقع المقاربة هذه ناجحة جداً في حال منحت الشركة آلية وضعها الاهتمام الكافي فعلى سبيل المثال شركة «بست باي» قامت بالعمل مع البائعين والموردين والمتاجر والزبائن من أجل تحسين نوعية «مسار» الحصول على أجهزة التلفزيون من المصنع إلى المتاجر فالزبون. ومن خلال تقليص عدد أجهزة التلفزيون المتضررة خلال أي مرحلة من مراحل عملية البيع تلك (من المصدر فالشركة فالزبون) والتي تصنف في خانة النوعية وفق خطة إعادة هندسة الأعمال، تمكنت الشركة من تقليل عدد الأجهزة التي يتم إعادتها أي التكلفة وفي الوقت عينه زيادة رضا العملاء والذي هو الخدمات.
كيف يمكن تطبيقها في زمن كورونا؟
الفكرة هي أن يتم تطبيق إعادة هندسة الأعمال لتتناسب مع الوضع الراهن ولتحقيق ما هو أكثر أهمية حالياً الأمان والسلامة. وفق عدد من الخبراء في مجال الأعمال فإن المسارات أو ابتكار المنتجات أو أي مسار له علاقة بالمنتج حالياً يكون مدفوعاً بمخاوف تتعلق بالسلامة يمكنه أن يخلق فوائد تتجاوز السلامة. والأهم من كل هذا المقاربة هذه يمكنها أن تكشف وتحرر فرص النمو والكفاءة التي ستكون ضرورية لموازنة ما سيكون على الأرجح بيئة عمل صعبة للعديد من الشركات خلال الفترات القادمة.
شركة «أدوبي» على سبيل المثال كانت، قبل زمن كورونا، تعقد اجتماعاً سنوياً في لاس فيغاس يحضره أكثر من ١٥ ألف شخص. ولكن هذا العام لم يكن بإمكان الشركة الجمع بين الزبائن والشركاء في مكان واحد فتم نقل المؤتمر «الفعلي» الى العالم الافتراضي. وما حصل هو أن عدد الذين «حضروا» المؤتمر الإفتراضي تجاوز الـ ٨٠ ألفاً أي بالتركيز على سلامة المشاركين قامت الشركة بإزالة «عوائق» عدة، وهي ضرورة السفر للمشاركة وما يرتبط ذلك بمصاريف إضافية، كما أنها أزالت عائقاً هاماً وهو عدم قدرة الشركة على «استيعاب» كل هذا العدد لو قامت بالحدث على أرض الواقع.

خطوات إعادة هندسة الأعمال لتحقيق السلامة

يمكن تطبيق مبدأ إعادة هندسة الأعمال لتحقيق السلامة من خلال الخطوات التالية:
أولاً، تحديد مسار عمليات، منتج أو خدمة تقدمه الشركة.
ثانياً، تحديد الضوابط التي فرضتها معايير السلامة على المسار، المنتج أو الخدمة.
ثالثا، ابتكار طرق يمكن من خلال التغلب على هذه الضوابط مع الإبقاء على هدف الشركة كأولوية، وعادة هذه الخطوة يتم تنفيذها بمساعدة الوسائل التقنية.
رابعاً، إعادة «تجميع» المسار واختباره على أرض الواقع وذلك لمعرفة فعاليته وتكلفته.
خامساً، استخدام السلامة من أجل إعادة هندسة مسار عمليات الشركة أو المنتجات والذي يمكنه أن يقود إلى الابتكار ضمن أبعاد مختلفة.
البعد الأول

البعد الأول الذي يمكن لإعادة هندسة الأعمال توسيعه هو القاعدة الجماهيرية أو الزبائن وما قامت به «أدوبي» أفضل مثال على ذلك. والأهم من كل هذا هو أن المؤتمرات أونلاين وغيرها من المقاربات يمكنها أن تجذب أشخاصا كانوا خارج نطاق تأثير الشركة سابقاً. مثال آخر يوضح النقطة هذه وهو ما قام به متجر رالف لورين. عدد كبير من عشاق الموضة حول العالم يحبون زيارة متجر رالف لورين في ماديسون أفنيو في نيويورك وذلك لأنه عبارة عن قصر يشبه قصور عصر النهضة الفرنسية. خلال انتشار فيروس كورونا قام فريق التسويق في المتجر بمنح الزبائن جولات افتراضية وتقديم نصائح حول الملابس التي يجب الحصول عليها. ما حصل هو أن المتجر تمكن من المحافظة على التواصل مع الزبائن الحاليين كما أنه تمكن من الوصول إلى زبائن جدد.

البعد الثاني

البعد الثاني في إعادة هندسة الأعمال من أجل السلامة سيساعد في تحسين تجربة الزبائن. الشركات التي تقوم بإعادة تنظيم طريقة تعاملها مع الزبائن مع وضع السلامة بالحسبان ستوفر للزبائن تجربة أفضل بكثير من السابق، ما يعني أن معدل الرضا سيرتفع وهذا سيرفع نسبة المبيعات بشكل تلقائي. مثلاً شركة تبيع المنتجات الإلكترونية للزبون تفتح أبوابها أمام الزبائن من أجل تقديم الاستشارات. وبطبيعة الحال مع الإبقاء على معايير السلامة كل زبون سيجد نفسه يحصل على إهتمام خاص وسيتمكن من الحصول على إجابات عن كل أسئلته ونصائح تساعده على القيام بعملية الشراء. المقاربة هذه تزيد نسبة المبيعات وذلك لأن الزبون لم يعد ملزماً بالقيام بعملية بحث لمعرفة أي ماركة أو موديل يتناسب تماماً مع ما يحتاج إليه، فهو حصل على كل الإجابات .
البعد الثالث

البعد الثالث الذي ستساهم إعادة هندسة الأعمال بتحسينه هو إعادة ابتكار وتعريف الأعمال. ربط هدف الشركة بالسلامة ومعاييرها سيؤدي إلى فتح الآفاق على أمور جديدة هامة ومفيدة. مثلاً بالعودة الى الشركة التي تبيع الأجهزة الإلكترونية في المثال أعلاه الهدف المعلن لها لن يكون «بيع الأجهزة الإلكترونية» بل سيكون على سبيل المثال «إثراء حياة الناس من خلال التكنولوجيا التي تلبي إحتياجاتها وتسهل حياتها». في هذه الحالة وخلال انتشار كورونا الشركة ستعمل على الحرص على تلبية احتياجات الزبائن الأكبر سناً مع ضمان عدم مغادرتهم لمنازلهم أو مساعدة فئة أخرى بالحصول على ما يحتاجون إليه لضمان قيامهم بوظائفهم من منازلهم.
البعد الرابع

البعد الرابع الذي ستساعد إعادة هندسة الأعمال على تحسينه هو التكلفة. الشركات حالياً لمست بنفسها مدى فعالية العمل من المنازل، فالأعمال من خلال بعض التحسينات التقنية تنجز كما أن تكلفة السفر وتنظيم الاجتماعات واللقاءات كلها لم تكن إلى حد ما ضرورية باعتبار أن نقلها للعالم الافتراضي حقق نتائج أفضل.
ورغم أنه قد يكون من المبكر القول وبكل ثقة بأن إعادة هندسة الأعمال بهدف السلامة سيحقق نتائج مذهلة على مختلف الأصعدة، ولكن المقاربة هذه هي الأكثر ملاءمة للظروف الراهنة خصوصاً وأن بعض التجارب لأكبر الشركات أثبتت نجاحها وتحقيقها للأهداف وأحياناً تجاوزها الأهداف المحددة.