اسقاط المالكي ام اسقاط الديمقراطية والعراق؟

نبيل ياسين



صحيفة المواطن الالكترونية
لم نعد نتفاجأ او نندهش من تواتر الازمات. سياسة خلق الازمات مهنة خطرة تشعل حراذق حتى لو انطفأت فان دخانها يبقى عالقا في الثياب والجدران السياسية وفي ذاكرة الناس، فتتحول هذه السياسة الى (تراث) وتقليد ينذر بعواقب وخيمة. اليوم نحن في ازمة جديدة. كل الازمات في تقديري سببها عدم استخدام القانون استخداما صحيحا وعدم ابتاع الاجراءات القانونية بشكل قضائي واضح. ازمة محافظة الانبار لها ، كما يبدو، جذور واسس مادية. لكن معالجتها بالطريقة نفسها التي عولجت بها ازمات سابقة تكشف لنا جملة من الظراهر المؤثرة بالوضع السياسي العراقي.
لايخلو الامر من مسألتين: الاولى هي سعار سياسي من خرائب النظام المنهار يتخذ شكلا غوغائيا لافشال مساعي وقف الارهاب ومحاسبة الارهابيين باعطائه ثوبا طائفيا ومناطقيا يسمح لدول اخري بالتدخل من جهة، وبتضليل الرأي العام العراقي الذي لم يعد مغمض العينين ازاء التضليل السياسي من كل الاطراف.
والثانية ان هناك ايادي لدول عربية مجاورة واخرى خليجية لتدمير العراق فوق ما شهده من دمار. ولاننسى ان هناك مصالح مالية وتجارية اقتصادية واخرى سياسية وثالثة نفسية وثقافية تدفع (رعاع) السياسيين ومن يرعونهم لاثارة خصومات وتدمير البلاد ومحاولة اعادة الوضع السابق الذي انهار بسقوط نظام صدام. وفي اطار هذا الهدف يستخدم رعاع السياسيين، الذين يمارسون العنف الانقلابي، الطائفية لجمع انصار لهم وتغطية افعالهم التي يطالها القانون.

من المسؤول عن تهميش السنة؟
هناك ارهاب يحصد ارواح الناس في العراق. ولابد ان يكون هناك اشخاص يقومون بهذا الارهاب فهو ليس عقابا من السماء تنزل به ملائكة. ويمكن ان يكون هذا الارهاب متلبسا اي ثوب رسمي او ديني او اهلي. لكنه ارهاب سياسي بالدرجة الاولى. وسببه الاساسي هو انقلاب النظام العربي التقليدي من نظام وحيد النجاه السياسي متلبسا باسم المذهب السني، ولذكل يستخدم الذين يريدون اعادة النظام التاريخي عباءة السنة. ولذلك هناك بعثيون لايمكن لهم ان يتصوروا ان نظام البعث قد انها وان تركيبة النظام السياسي قد تغيرت ودخلت في اساسها تعددية سياسية ، اخذت مع الاسف، شكل تعددية مذهبية اكثر من كونها تعددية سياسية.
لكن دعونا نناقش هذه النغمة المكررة التي تعلن في كل ازنة بحيث تحولت هي نفسها الى قائدة لكل الازمات.
هل السنة مهمشون؟ نعم، لان الشيعة ايضا مهمشون. اذا قلنا : هل السنة مهمشون في التمثيل السياسي؟ نقول لا. واذا قلنا هل الشيعة مهمشون في التمثيل السياسي؟ نقول لا. فللسنة رئيس جمهورية ( كردي سني)، ونائب رئيس جمهورية، ورئيس برلمان، ونائب رئيس برلمان( كردي سني)، ونائب رئيس وزراء ، ونواب وعدد من الوزراء ووقف سني وسفراء ووكلاء وزارات ومدراء عامون ومستشارون وعمداء كليات ورؤوساء جامعات وصحفيون ووسائل اعلام من صحف وفضائيات ومنظمات سياسية ومدنية مرتبطة بالمنظمات السياسية واشياء اخرى كثيرة، منها تمويل اجنبي دولي واقليمي.
لكن كل هذه التي تمثل السنة لاتمثل مصالح السنة، كما هو الحال في القضية الشيعية .فالشيعة لديهم رئيس وزراء، ونائب رئيس جمهورية، ونائب رئيس وزراء ونواب ووزراء ومستشارون ووكلاء وزارات وسفراء ،ومدراء عامون وعمداء كليات ورؤساء جامعات وصحفيون ووسائل اعلام ومنظمات سياسية ومدنية مرتبطة بالمنظمات السياسية واشياء اخرى كثيرة منها تمويل دولي واقليمي. لكن كل ذلك لايمثل مصالح الشيعة. فمصالح ملايين الشيعة مهمشة وتشبه مصالح ملايين السنة في التهميش. فممثلو السنة مسؤولون عن تهميش سنتهم كما ان ممثلي الشيعة مسؤولين عن تهميش شيعتهم. فالطرفان يفتقران الى الشعور بالمسوولية تجاه المواطنين العراقيين وتجاه مسؤؤلياتهم السياسية ووظيفة هذه المسؤوليات. والتمثيل البرلماني اصله ان يكون النواب مسؤولين عن تحقيق مصالح من يمثلونهم. فالتهميش الذي يعيشه الشيعة والسنة معا سببه تخمة ممثليهم في الحكومة والبرلمان والمقاولات والفساد المشترك بين الجميع.
واذا كان الشيعة قد اكتفوا من حقوقهم بالحصول على حقهم في قولهم (اشهد ان عليا ولي الله) في الاذان التلفزيوني، فان سياسيي السنة اغاظهم الحصول على هذا الحق فصاروا يغطون كل خلاف ساسي وقانوني ودستوري بانه تهميش للسنة. وقد حدثني قبل ثلاث سنوات خادم احدى الحسينيات في بغداد بانه كان على علاقة طيبة مع خدم احد الجوامع السنية في حي مختلط شهد تصفيات جسدية بين المذهبين، وقد دعوه لصلاة الجمعة اثناء زيارة نائب رئيس الجمهورية الهارب طارق الهاشمي للحي والجامع . وفي هذه الاثناء رفع الاذان في حسينية الحي وفيه ( اشهد ان عليا ولي الله ) فسمعه الهاشمي وقال غاضبا: هل مازال (علي) هنا؟ متى تخرجوه؟ الامر الذي احرج خدم الجامع الذين كانوا سنة مسلمين وليس سنة سياسيين.
هذه حقيقة يجب قولها دون تردد. فالخضوع لابتزاز مجموعة سياسية تمارس السياسة عن طريق اثارة النعرات الطائفية وتلبيس كل موقف سياسي ثوبا طائفيا هو موقف مرفوض يتحدى ثقافتنا وعقلنا المدني والوطني وهو تحد طائفي للشعب العراقي الذي يريد الحصول على حقوقه.

الصفويون والخنازير وابناء المتعة يصوتون لممثلي السنة
من حقنا ان نتساءل : اكلما تم القاء القبض على متهمين بالقتل يقوم المعنيون باثارة غبار الطائفية وتكريس سلفية دينية معادية للحقوق والحريات؟ فما معنى ان
يستبدل هؤلاء الشعارات السياسية بشعارات دينية؟ كانت المظاهرات تصيح : يعيش، يا .. يعيش.. يسقط.. يا يسقط.. اليوم يستبدل السياسيون صيحاتهم فتصبح : تكبير، يا .. تكبير.
هل هي حرب دينية ؟ لا. انها حرب سياسية توظف الدين توظيفا دمويا.
الم يفرحنا هؤلاء بقولهم ان كثيرا من الشيعة في النجف والناصرية والديوانية وبغداد والبصرة والعمارة والكوت والسماوة وغيرها من مدن العراق ذات السكن الشيعي قد اعطوا اصواتهم للقائمة العراقية في حين لم نسمع ان سنيا اعطى صوته لدولة القانون او للمالكي؟
الم تتجمع اصوات كثير من الشيعة للقائمة العراقية فدخل الى البرلمان نواب سنة لم يحصلوا على مائتي صوت، يتحدثون الان بسعار سياسي يغطونه باسم السنة في حين ان اصواتا شيعية ، نعرف كثيرا منها عن طريق شخصي ، هي التي ادخلتهم الى البرلمان في نظام انتخابي غير عادل وغير مباشر؟
انا لا اتحدث بلسان قومي او طائفي ولا حتى بلسان سياسي. انا اتحدث بلغة العقل والوطن. فهل من مصلحة الوطن ان نهين ملايين الناس من مواطنيه بشتمهم صفويين وخنازير وعملاء وابناء متعة ونغولة، ثم ندخل في لعبة ابتزازية وسخة هي ان اعتراضنا سيكون اتهامنا بالطائفية. من يقبل منا ان يوصف مواطنو بلاده، سنة او شيعة او تركمانا او كردا او مسيحيين او اي اصل آخر، بهذه الاوصاف القذرة ؟ اليس لنا دستور يجرم التمييز العرقي والطائفي؟ اليس لنا قضاء لديه قوانين ضد القذف وتشويه السمعة؟ اليس لنا شعور بالوحدة الوطنية وحق العراقيين في العيش بوطن مشترك؟

اليمين الكاذب لنواب ووزراء
من الواضح ان الحكومة اخطأت حين هاجمت حمايات وزير المالية دون ان تُطلع الوزير على الاتهامات. قد يكون تفكيرنا سينصب على ان الوزير لن يصدق وسيعتبر ذلك تحديا له. لكن من حق الوزير ،بغض النظر عن رد فعله، ان يكون على اطلاع بمصير حمايته. قد يكون اطلاعه على وثائق الاتهام محرجا له، لكن سيكون من حق الحكومة آنذاك ان تملك حجة تدين بها الوزير قانونيا لان القانون في كل مكان فيه اوادم وبشر ملزمون بالتعاطي معه. ولو اطلع الوزير لكان امتلك فرصة قانونية لتشكيل فريق دفاع ومتابعة القضية فان لم يفعل ورفض التعاون مع القضاء لكانت هناك حجة اخرى للحكومة.
كما كان على رئيس الوزراء تقديم الشيعة الذين كشفت التحقيقات والوقائع عن تورطهم بالفساد واعمال خطف وقتل وتعذيب الى القضاء ومعاملتهم معاملة من انتهك القانون والدستور واليمين، فالحنث باليمين مسألة دستورية وقانونية، وحين يقسم المسؤولون ، سنة وشيعة، بالله العظيم، كما ورد في المادة 50 من الدستور على عدد من الالتزامات فان عدم الالتزام بها يعتبر حنثا باليمين وهو ما استدعى التحقيق مع الرئيس الاسبق بيل كلينتون فيما اذا حنث باليمين ام لا. فكم من ممثلي الشيعة وممثلي السنة يجب ان يتهموا بتهمة الحنث باليمين؟
ان الديمقراطية ليست حكم الافراد بل حكم القوانين التي لاشفاعة معها، لا بالتوافق ولا بالواسطة ولا بالرشوة. فالفساد السياسي اذا استشري فانه يفسد القوانين.

تهميش السنة صناعة اجنبية
هناك اخطاء فادحة من كل الاطراف سببها ان الوظيفة السياسية اقتصرت على العائلة، فالحكومة ومرافق الدولة اصبحت غنائم عائلية وانتفت وظيفة السياسة باعتباره خدمة للمجتمع. وبهذا المعنى ، فان الجميع مهمشون من سنة وشيعة ومسيحيين وتركمان وصابئة واكراد وبقية الجماعات. اي تميش المواطن العراقي بغض النظر عن دينه وقوميته ومذهبه.
لقد سكتت المجموعات التي ترفع الان شعار تهميش السنة عن الاحكام التي صدرت بحق طارق الهاشمي لانها لم تمسهم شخصيا، وحين تورط بعض من في حماياتهم واصبحوا مستهدفين الحقوا قضية الهاشمي بتهميش السنة التي يتردد صداها منذ سقوط صدام حتى اليوم.
اقول لكم ذكرى: في مساء يوم 31 كانون الثاني 2005 كنت اتابع في لندن، نتائج الانتخابات الاولى في العراق. كنت اشاهد قناتي سكاي وسي ان ان. في المساء وبعد ان ظهرت النتائج المتوقعة بفوز اغلبية الائتلاف الوطني ظهر وزير خارجية بريطانيا آنذاك جاك سترو وقال(لن نسمح بتهميش السنة) وضعت يدي على قبلي وقلت لن تتوقف هذه النغمة. بعد نصف ساعة نقلت السي ان ان تصريحا للرئيس السابق جورج دبليو بوش وردد نفي تصريح وزير الخارجية البريطاني وقال(لن نسمح بتهميش السنة). كان السنة قد قاطعوا الانتخابات وبذل الامريكان والبريطانيون جهدا كبيرا في ادخالهم للعملية السياسية لكن نغمة تهميش السنة لم تنته وستظل نغمة تتردد من قبل جميع الذين يريدون اعادة العراق الي النظام العربي التاريخي. اي حكم السنة.
اذا كان السنة مهمشين فاننا لانستطيع االدفاع عن ممثليهم وهم يهتفون ضد الشيعة: صفيون، عملاء، خنازير، ابناء متعة، شروك، معدان، والى آخره من عبارات التحقير والاهانة . كما لانستطيع الدفاع عن الشيعة اذا كانوا مهمشين وهم يعادون السنة. فالعراق يشهد عمليا تمزيق داخلي بدفع خارجي. هذه حقيقة سياسية ايضا لاتنكر.
لانقبل لسني ان يهان او تهتك كرامته او تضيّع حقوقه والسبب بسيط اننا نسعى لدولة مواطنة. ولانقبل لشيعي ان يهان وتهتك كرامته ويطعن في وطنيته او تضيع حقوقه والسبب هو نفس السبب البسيط اننا نسعى لدولة مواطنة، وينطبق هذا على الكردي والتركماني والمسيحي والصابئي كما ينطبق على المتدين وغير المتدين. على الافندي والمعمم، على موظف الحكومة وعلى العامل في القطاع الخاص. الم يصبح مفهوما بعد سعينا لدولة مدنية تقوم على حقوق المواطنة المتساوية؟

تطبيق سيناريو ليبيا وسوريا على العراق
هل يعتقد هؤلاء الذين يقودون الهياج انهم يخدمون الوطن؟ ان القضية ليست قضية الاعتراض على المالكي الذي دخلوا في حكومته وشاركوه السلطة بغض النظر عن حجم هذه المشاركة ونوعيتها. القضية هي قضية الانقلاب على الديمقراطية واعادة اسس النظام المنهار بمساعدة واضحة من بعض الدول. واصبح واضحا من متابعة بعض قنوات الاعلام العربية ان هناك مساع لتطبيق سيناريو سورية ومصر وليبيا في العراق.
استغرب من سياسيين يشاركون في سلطة ثم يذهبون الى الاطراف ليهيجوا الناس وتبرز شجاعتهم المزيفة هناك. نا اتحدث عن نمط سياسي طارئ يفضل ممارسة الجريمة السياسية على ممارسة السياسة .لم يعد الموقف موقفا ضد المالكي وانما ضد العراق . ليس لان المالكي هو العراق كما كان هؤلاء الذين يحملون علم صدام ويرددون شعاراته يقولون اذا قال صدام قال العراق، وانما لان القضية ثأرية بشكل كامل من نظام جديد ومعادلة سياسية جديدة. انا ناقد لجميع الاخطاء التي شابت العملية السياسية وكنت وما ازل حذرا في خلط ماهو سياسي بما هو مذهبي وقومي. ووجهت في مقالاتي كثيرا من النقد واللوم للحكومة وساواصل ذلك لاني اعتقد ان هذا هو واجبي الوطني وهذا هو موقفي السياسي ورؤيتي النقدية، لكني اعتقد بشكل اكيد ان الازمة الجديدة ليست ازمة مع المالكي وانما مع الوطن ومع الشعب. مع اسس الديمقراطية ومع سيادة القانون ومع ممارسة العنف في العمل السياسي وتصعيد العنف الى حد ممارسة الارهاب واعطاءه شرعية انقلابية ضد المواطنين.
اليس من حقنا ان نسأل : من قتل كثيرا من اهالي الانبار حين دخلوا في تشكيلات الصحوات؟ هل قتلهم المالكي الذي كان يريد ان ينظموا الى العمل السياسي والي القوات المسلحة؟ ام قتلتهم تنظيمات سرية مسلحة يكشف الستار عن تورط بعضها الان.
هل نطالب المالكي بالكف عن كشف المتورطين بجرائم قتل المواطنين لنقول انه رئيس وزراء معتدل؟ الاعتدال السياسي شئ وتطبيق القانون والعدالة على جرائم القتل شئ آخر. سانتقد الحكومة اذا اعتقلت الابرياء وزجتهم في السجون وهي تعرف انهم ابرياء او شكت في ولائهم لها. لكني لا استطيع ان اقف ضد المالكي اذا استجاب لمطالبنا بملاحقة القتلة ومحاكمتهم.
اذا كانت قوى سياسية واسعة وعريضة تشارك في الحكومة وفي البرلمان غير قادرة على دفع المالكي للاحتكام الي القانون فهي تتحمل وزر مشاركتها في خرق القانون وتثبيت سلطة العنف وتعريض حياة المواطنين للخطر. واذا صدقنا مايقوله هؤلاء من ان ابرياء في السجن على طريقة( ياما في السجن من مظاليم) التي نسمعها في الافلام المصرية فان واجب هؤلاء السياسيين كان مطالبة المالكي عبر مشاركتهم في الحكومة او عبر اجتماعات وفود او عبر البرلمان بالتحقيق معهم واطلاق سراح الابرياء فورا. لكن الجميع غارق في الفساد وكثيرون غارقون في لعبة طمس الحقائق والعنف واشاعة الجهل والامية والطائفية التي تراجعت ورقتها الانتخابية كثيرا فسعوا من جديد لاحيائها وكثيرون يستخدمون حياة الابرياء ورقة سياسية دون ان يرف لهم جفن على قتل مواطنيهم بالجملة.
صحيح ان السياسة عاهرة وابنة كلب خاصة في الانظمة الدكتاتورية ، ولكن للعهر السياسي حدود . ولما تجاوز نظام صدام حدود العهر السياسي ضد الاكراد باستخدام الاسلحة الكيمياوية والتهجير والتغيير الديموغرافي، وضد الشيعة باستخدام المقابر الجماعية والاعدامات ، وضد السنة بالاعدامات كما حدث في قضية مظلوم الدليمي والجبور وغيرهم اصبح تغيير نظام صدام مشروعا لدى العراقيين وحلما تحقق بطرق دفع العراقيون ثمنا آخر لها ليتخلصوا من الكابوس الذي جر الحروب اليهم.
حين يصل العهر السياسي يالى حد تدمير الوطن وتعريضه مع سيادته ومع وحدته واستقلاله للخطر يكون من واجب الجميع العمل على منع ذلك. لقد وقفت المعارضة البريطانية ممثلة بحزب المحافظين وحزب الديمقراطيين الليبراليين يوم 7 -7-2005 مع رئيس الوزراء آنذاك توني بلير لان الارهاب ضرب لندن. نسيت انها معارضة ووقفت تطالب باعطاء بلير صلاحيات لضرب الارهاب. لم تقل ان فلانا اسكتلنديا والاخر ايرلنديا والثالث انجليزيا. لم تقل هذا كاثوليكي وهذا بروتستانتي. لم تقل هذا من حزب العمال وذاك من حزب المحافظين والثالث من الديمقراطيين الليبراليين
وبدل ان يكون السياسي صماما ضد الغوغائية يمارس هو الغوغائية السياسية ويجر البسطاء والفقراء وذوي الوعي المحدود الذي يحافظ السياسي الغوغائي على مستواه في حده الادني لاستغلاله.

تسريح الحمايات مطلب وطني
كيف نسمح لانفسنا ونحن نعتبر انفسنا زبدة الثقافة والفكر والمدنية ان نسسكت على شتائم لابناء الوطن ومواطنيه ايا كان مطلقها. شتائم تتسم بالعنصرية والتزمت والتمييز القومي والديني والطائفي. شتائم يساق مطلقها، ايا كان ، الى العدالة ويحكم بسببها باعتبارها تمييزا عنصريا وقذفا وتعريضا لحياة المواطنين للقتل والاحتقار
اريد ان أسأل هؤلاء السياسيين السؤال التالي : لماذا يمتلكون حمايات مبالغ بها تتجاوز فوجا او فوجين اذا لم يكن هناك ارهاب؟ لماذا يحتفظ مسؤولو مجالس المحافظات العراقية بحمايات اذا لم يكن هناك ارهاب؟ اليس من حقنا ان نطالب بان لايكون لاي مسؤول اكثر من خمس اشخاص لحمايته؟ ولماذا تتكلف الدولة- اي يتكلف مواطنوها- هدر مئات الملايين من الدولارات سنويا على هذه الحمايات التي اصبحت جيوشا مستقلة؟ ولماذا يخصص لكل نائب ووزير ووكيل وزارة ومدير عام ومستشار ومحافظ ورئيس مجلس محافظة جيوشا من الحمايات والسيارات تكلف المواطن العراقي مئات اخرى من ملايين الدولارات بحيث اصبحت الموازنة تشغيلية تلبي نهم هذه الجيوش ومسؤوليها برواتب ومخصصات ومصروفات سيارات ووقود وطعام فضلا عن اهدارها لكرامة المواطنين وحرياتهم واعتبارهم الانساني وتعطيل اشغالهم اضافة الى كونها ادوات قمع وتخويف مع ممارسة بعضها لاعمال الارهاب والقتل والخطف؟
لم تعد القضية ان نقف مع المالكي وحكومته ام ضدها. فالمطلوب ليس رأس المالكي وحده وانما رأس الشعب العراقي والوطن العراقي بغض النظر عن موقفنا من المالكي واجراءاته.
لم يعد لنا اماكنية للصمت . ليس كمذهبيين او دينيين، وانما كمثقفين ووطنيين وسياسيين ومواطنين نعيش في الوطن. لاينتظر منا احد ان نبقى ساكتين نتفرج على تمزيق البلاد واخذها الى الهاوية التي تطال مصائر ثلاثين مليون مواطن تحاول اغلب القوى السياسية تهديد هذه المصائر بتهييج الحروب القومية والطائفية وصراعات السياسيين الذين يريدون ان يرسموا الوطن في حدود ايديولوجياتهم وتصوراتهم السياسية الضيقة التي تقود البلاد الى كوارث باسم الدين والطائفة والعشيرة. لسنا في عصور ماقبل التاريخ .

صحيفة المواطن العراقية