" يا خالقي من عدم " ....
تشكّلَتْ زمانَنا ارواحُنا عدمَا
يطويها الخلاء طياً ويكتمها
مصمتةً صمما
يستمرُ العدمُ فينا بأشكال شتى
ويعمُّ عما
فإلى متى يا خالقي تستأنفُ الفراغَ
في وجودنا والخلاءَ والوهمَا
إلى متى يُفرغ الخيرُ منا والحبّ
والعقل والحِكَما
فلا وجود في ارضنا او في سمائنا
لغير الموتِ والدماء
وغير ما يُلقِمُنا سَأماً وأَسَاً
وعلقماً وسقما
لا اثر لسوى ما يتركْهُ الدمُ
من صبغٍ أحمرٍ يلون التربةَ والماء
وطينة الاوجاعِ المعجونةِ ألما
فإلى متى يعربد
فينا الفناء
إلى متى يستحدث فينا العدما
عدمٌ فعالنا عدمٌ اخبارنا
عدمٌ ريحُنا
وشمائلُنا عدما
أوكَلْتَ قيادَنا وزمامَ بلادِنا
لطغاةٍ وأذنابٍ جُبناء
نزعْتَ عنها ابناءها
الكُرماء
واستبْقَيتَ من تبقى
قطعان خرفانٍ ومجاميع دُهماء
يقتاتون على الازمات
يستجرونها الازمةَ بعد الازمة
إثرَ الازمةِ كبهائمَ وغنما
يجنون منها الجنونَ والعدمَ بعد العدما
يلوكون أدعيةً وترحماً تحت كنفِ حكامٍ ظلمة
يتَسيّد الدمُ لديهمو يشنون حروبهم
ملحمةً بعد ملحمةٍ
مجردةً من معاني المجد والبطولات والعظمة
لا وازع من فكرٍ يسنُّهم ولا ضمير ولا قيما
حصادُهم الهشيمَ والحُطمة
ولئن قيل ثاروا
سلَبْتَهُم
ما بدى منهم من هِمّة
وفيهم من عظَمة
واودعْتَهم وحوشاً
صَرَفْتَ عن قلوبها الرحمة
لا ضمائر في تكوينها ولا ذمة
فلما الحسابُ والعقابُ في السماء
لما لا يكون حسابنا فوريا هنا
على هذه الأدَمَة
لما التأجيل وما فائدته
وما سيكون منه بعد فوات الاوان
وبعد ركام إثمٍ وألما
إلآهي اليك الشكى
والمشتكى
من حال لا يَحتمل مزيدا من الهم
والغم والانين والاحزان
والجوع والاوجاع
والدّما
من اقامةٍ أحالتْ بلادنا جهنما
سوى انك اسكنتنا ما كان يُقال سعيدٌ
وامسى منازلاً تتشققُ زلازلاً
و تتفجرُ حِمَما
عبثٌ هي الحياة ان ظلت هكذا
يطحنها الانذال والجبناء
يلهو بها الفجورُ
والطغيان
والتطفل والترمما
اعوام حرب تتوالى ، تعصف بالانسان
مزقتْ الطفولة وسحقتْ الكهولة
قطّعتْ الارحام ومصّتْ الدِماء
سلختْ اللحم ومضغتْ العظم
وفي الاوصال ضخّتْ
تسمُّما
عبثٌ هو الوجودُ إن ظل
عتمة وظلماً وظَلَمَة
وسخرية بالبشر
وألما وندما
اليك المشتكا واليك التظلما
فالموت أمسى حُلُما
عبد العزيز دغيش .