يتمحور الوعي الذاتي بالكامل حول أن تكون مدركاً لنفسك وذاتك ويعني أن تكون على تواصل مع احتياجاتك ورغباتك. الشخص الواعي لذاته قادر على فهم شخصيته تماماً ويعلم ما يجعله يتحرك. يعرف نقاط القوة والضعف ويصحب هذا هدوء داخلي، فهو مدرك لذاته الداخلية الحقيقية وقادر على صنع تغييرات وتقبل ما يمر عليه.
إن أول خطوة عليك اتخاذها إن كنت ترغب بتحقيق تطور على صعيدك الشخصي هي في فهم أنك تعاني من ضعف في وعيك لذاتك، وهنالك خمس علامات تشير لذلك:
أنت شخص دفاعي
أن تكون شخصاً قادراً على تقبل العيوب والعثرات هي مهارة يملكها أصحاب الوعي الذاتي وعلى عكسهم من لا يملك وعياً داخلياً لذاته عاجز عن تقبل النقد بشكل جيد وتسهل إثارة انفعالاتك بتوجيه القليل من الملاحظات له. بعض الأشخاص ينفعلون ويأخذون موقفاً دفاعياً إذا ما وجه أحدهم نقداً ما بدل من أن ينظروا لنفسهم بطريقة واقعية.
ما عليك فعله هو أن تأخذ كل الملاحظات والنقد حولك وتستمع للتقييمات حول شخصيتك بعقلية مرنة متقبلة لأنك بهذا تعمل على خلق تواصل مع ذاتك ما يجعلك ترى ما في داخلك أكثر. عليك أن ترى عيوبك وحسناتك جيداً، فتسعى لتصحيح الأولى وتقوية الثانية.
ليس لديك أي سيطرة على مشاعرك
أن تعرف نفسك يعني أن تعرف مشاعرك. من دلالات ضعف الوعي أن لا يكون بمقدورك تحديد المشاعر التي تختلجك أو ما يسببها وليس لديك أي سيطرة عليها، وغالباً ما يفقد الأشخاص أعصابهم لأنهم عاجزون عن تهدئة أنفسهم، فهم لا يعون ما يحدث في داخلهم ولا يستطيعون تحديد ما يمرون به أو أسبابه.
إن التصرف الصحي والصحيح يكون بتقبل الاختلاجات العاطفية وفهم الشعور وتقبله سواء أكان إيجابياً أو سلبياً، الأمر الذي يجعل حياتك المهنية والعاطفية في تطور مستمر وبأفضل صورها لأنك ستكون شخصاً واضحاً ومرناً مع الآخرين أياً تكن المواقف أو الأحاديث التي تجمعكم.
أنت لا تتحمل مسؤولية أخطائك
خلق الأعذار هو شكل من عدم تقبل الأخطاء، فمثلاً إن ما تأخرت عن موعد ما ستميل لخلق الأعذار عن تأخرك كزحمة السير أو تعطل المنبه بدلاً من أن تعتذر لتأخرك. الأشخاص ذو الوعي الذاتي يترفعون عن الاعتماد على الحجج والمبررات لأخطائهم ويواجهون أنفسهم وأغلاطهم ساعين لتغييرها وتحسين شخصيتهم.
يُحتمل طبعاً أن تكون أعذارك حقيقية ومحقة إلا أن الفرق بين الشخص الواعي وغيره، أنه يأخذ على عاتقه ما تعلمه سابقاً من تجاربه وأنه يتعلم دوماً معترفاً بخطئه دون أن تسيطر عليه مشاعر الغضب أو الإحراج. الأشخاص الذين يفتقدون لوعي ذاتي يظنون أنهم أبرياء ومصانون عن الأخطاء والاعتذار، وليس عليهم تحمل اللوم. فالخطأ في إنجاز مهمة ما يقع على عاتق باقي المشاركين بها مثلاً. عليك رؤية الرابط بين تصرفاتك وسلوكك وبين النتائج المترتبة.
أنت غير راضٍ أبداً
إن كنت لا تعرف نفسك جيداً فأنت لا تعرف ما الذي تريده من الحياة. لا تعرف ما تحب أو ما تطمح له، وستفعل فقط ما تظن أنه صحيح في الوقت الحالي لكنه لن يشبع طموحاتك ويرضيك في المستقبل.
بدون ذاك الرابط بين وعيك الداخلي لنفسك وبين ما تفعله لن تكون قادراً على توجيه حياتك المهنية والعاطفية نحو حياة مثمرة وناجحة، وقد تعلق في مرحلة “لا بأس به” في حياتك. ستتمكن من تحديد ما تريد وما يحفزك في الحياة بمجرد أن تتمكن من التعرف على نفسك وفهمها.
لديك معتقدات لا تفهمها
لعل أكثر الإشارات على ضعف الوعي الذاتي هو أن يكون لديك معتقدات وأفكار لا يمكنك شرحها كالسياسية والدينية أو الأخلاقية.
عليك أن تتحلى وتشكل معتقداتك الخاصة الخارجة من وعيك لذاتك وفهم طبيعتك الداخلية بدل اتباع معتقدات الآخرين، وإن كانوا من قضيت حياتك ونشأت معهم، فهذا لا ينفي تفردك وتشكيل رؤيتك الخاصة بك للأمور.
ضعف وعيك بنفسك ولذاتك سيقودك لعدم قدرتك على الدفاع عن معتقداتك وأفكارك، فهي ليست بالنهاية نتيجة تفكير وتطوير وتجارب ذات معنى لك بل مأخوذة من المحيط ولن تكون قادراً بالنتيجة على الإجابة عن سؤال “لماذا أشعر بهذا الشعور”؟
الوعي الداخلي للذات الإنسانية من أقوى أدواتك لتسير في حياة صحية وقوية. علاقاتك العاطفية والعائلية وشؤون حياتك المهنية كلها ستختلف عندما تمنح نفسك ذاك التحكم والوعي. كل ما حولك وما يرتبط بك سيأخذ معنىً آخر وستمنح نفسك فرصة عيش حياةٍ أفضل.