كان يراقبها دوما من نافذة غرفته التى أمام غرفتها مباشرة ، ينتظرها كل صباح عندما تفتح النافذة وتقف لتشرب الشاي في النافذة على أنغام وصوت فيروز الرائع ، كانت تلك هي عادتها من سنوات منذ كانت صغيرة ، وكان يراقبها وهي في الثالثة عشر من عمرها وكان هو في السادسة عشر ، كان طارق يكبرها بثلاث سنوات فقط وجارها ، وكان يعشقها بجنون ، ولكنه لم يخبرها يوما عن حبه لها ، وكان يعرف كل شيء عن تفاصيل حياتها رغم انه الآن في السادسة والعشرون وهي في الثالثة والعشرون ، انهى كلية التجارة وبعدها الجيش والخدمة العسكرية ، والتحق بشركة عمل فيها كمحاسب ، ولكن مرتبه كان قليل جدا وكان لا يستطيع التقدم لطلب يدها ، كان يريد تكوين نفسه أولا ، غير إنه مسؤل عن أخته الصغيرة بعد وفاة والدية ومازالت هي صغيرة بالمرحلة الثانوية ، ولقد ابتعد عنهم اخيهم الكبير بسبب زوجته ولم يعد يسأل عنهم ولا حتى يراهم ، وبعدها هاجر إلى استراليا تاركا اخته وأخيه بلا أي سند ولا مال بالحياة وانقطعت أخباره .
وانهت نهى كلية التربية وكانت تعمل كمدرسة في إحدى المدارس الخاصة ، كانت تعرف باهتمام طارق بيها ومراقبته لها كل يوم من شرفه منزله ، كان يخرج معها بنفس الموعد حتى يلقى عليها تحيه الصباح فقط ، وكانت هي تحبه أيضا منذ سنوات لن تنكر منذ كانت طفلة صغيرة ، وكانا يلعبان معا ، ولكنه لم يتكلم ولم يقل شيء ، كانت تعرف بحبه لها ولكن ماذا بعد الحب ، لقد كانت ترفض كل عريس يتقدم لطلب يدها ، فإلى متى ستظل تنتظره على أمل الانتظار وقول شيء ، كل يوم كانت تمنى نفسها بأن يتكلم ويقول شيء يخبرها بحبه ، لتخبره بأنها تريده هو ولا تتمنى رجل سواه ، ولكن طارق كان لدية التزامات ومسؤليات كثيرة تجاه أخته الصغيرة ، فلن يفعل كما فعل أخيه ويتركها وحيدة بالحياة ، وكانت هي تسمع الكثير من الكلمات من عائلتها كل يوم من أجل أن توافق بالعرسان التى تطرق باب بيتها ، كان حبا بلا هدف ولا أمل .
قررت اخيرا أن توافق على عريس مناسب وزميل لها في المدرسة ، مدام طارق لن يتكلم ، ولكنها قررت أن تحاول أخر محاوله معه ستجبره على الكلام ، وقفت في شرفة منزلها واخذت تنظر له وتبكي بحرقة ، وبعدها دخلت نظر لها بهلع فهل حبيبته تبكي ، وتزرف الدمع قهرا ، لا لن يسمع لتلك العيون العسلية التي جعلته يسهر الليالي يفكر فيها أن تبكي ، فماذا حدث لها ، لم يكن يعلم بأن نهى قد فاض بها الكيل وتعبت من حياتها ، فهي لا تريد سواه وسوف تتحمل ظروفه وكل شيء من اجله فقط ، فلن تقبل برجل غيره في حياتها ، فإن لم تتزوج المرأة بمن تحب تتسوى في عينيها ويتشابه كل الرجال فلن تفرق بين رجل واخر بين ابيض او اسمر ، كلهم متشابهون مادامت ليست مع من عشقته ووهبت له قلبها .
اسرع يركض ليلحق بيها فهو يعرف بأنها ستذهب للعمل الأن ، وكانت هي تعرف بأنه سيفعل ، ووجدته ينتظرها بقلق ، فقال لها لماذا تبكين ؟
ردت عليه من بين دموعها ، لاننى سأوافق بعريس لا أريده ، شعر بالوخزات في قلبه تحرقة وتقتله هل قالت عريس هل ستوافق برجل غيره ، ماذا قلت ؟
ردت قائله بحزن وقهر : أحبك ولا أتمنى رجل سواك
صدمته الكلمة وجعلته متوتر ولم يستطع قول شيء ، فنظر لها غير مصدق هل قالت بأنها تحبه حقا ، نظر لها والدموع تملاء عينيه ، وأنا أعشقك منذ سنوات ولا اتمنى غيرك بالحياة ولكنها الظروف اللعينة ، قالت بعد ان احمر وجهها خجلا : سأتحملها معك لابد أن نحاول وبعدها رحلت من امامه تركض ، لا تدري كيف فعلت ذلك ولكنها كانت تريد قول هذا وقد فعلت .
وقف هو مدهوشا لا يصدق هل حقا نهى تحبه ، وتوافق بالزواج منه وهل سيتقبلها اهله ولكن اخته وظروفه ، ولكن لما لا يحاول حقا ويتقدم لطلب يدها من والدها ، ذهب إلى والدها في نفس الليله ، وتقدم لطب يدها واخبرهم عن ظروفه ، لم يعترض الأب ولا الام لانهم كانوا يعرفون بحب أبنتهم لطارق ولم يكن لديهم غيرها بالكون ، وافقوا ، وطلبوا من طارق أن يترك اخته لتعيش معهم في المنزل ويراعوها ، وسوف يعاملانها كابنتهم ، فرح طارق وفرحت نهى حتى اخته لانها كانت تريد ام واب يحتضنونها ويحبوننا ويعوضوننها عن حنان الأم والأب الذي فقدته منذ سنوات ، لكم هي جميلة تلك الحياة ولكن لابد أن نحاول فيها ونسعى ، ولا ندع شيء للظروف فالمحاولة والسعى شيء مهم جدا بالحياة ويختصر الكثير من الطرق .