عائلة البدرخانيون
مقداد مدحت بدر خان:
يعد الأب الفعلي للصحافة الكوردية حيث انه
كان رائداً في هذا المجال حين اصدر أواخر القرن التاسع عشر، العدد الأول من
صحيفة كوردستان الأسبوعية من القاهرة ليضع بذلك اللبنة الأولى للصحافة
الكوردية التي تواصلت منذ ذلك الحين دون انقطاع رغم كل المحاولات المحمومة
التي كانت تحاول وأد تلك التجربة الحضارية التي وضعت الشعب الكوردي في مصاف
أمم المعمورة من حيث مواكبة العصر. وقد استمر مقدد مدحت بدرخان في إصدار
جريدة كوردستان منذ الـ 24 من نيسان عام 1898 حيث صدر العدد الأول من
الجريدة ثم تولى شقيقه عبد الرحمن بدرخان مهام إصدار الجريدة منذ العدد
السادس وحتى العدد 31 وبسبب المطاردة المستمرة للجريدة وللعاملين في
الجريدة من قبل رجال السلطان عبد الحميد فقد انتقلت الجريدة من مكان إلى
مكان متحدية كل إجراءات الحصار والمطاردة وقد صدرت الجريدة في كل من
القاهرة ولندن وجنيف قبل ان تعود من جديد إلى القاهرة. أذن فان الأخوين
مقداد مدحت -اسم مركب-
عبد الرحمن بدرخان :
هما المؤسسان الحقيقيان للصحافة الكردية
وهما رائدان في مجال أيقاظ الشعور القومي لدى الشعب الكوردي خلال أواخر
القرن التاسع عشر والقرن العشرين. وقد اتبّع العديد من أبناء وأنجال بدرخان
الكبير هذا السبيل وعمل كل منهم ما في وسعه من اجل خدمة وطنه وشعبه ومن
الذين برزوا من خلال نشاطه الفكري والتنويري نذكر كل من: عبد الرزاق
بدرخان، ثريا بدرخان، جلادت بدرخان و روشن بدرخان وسنحاول إن نعرف
–باختصار- بهذه الكوكبة التي نذرت نفسها لخدمة الشعب الكوردي.
عبد الرزاق بدرخان:
ولد عبد الرزاق بدرخان عام 1864 في
اسطنبول ودرس في طفولته اللغات الشرقية والأوربية وقد كان للشاعر الكوردي
الكبير (حاجي قادر كويي) دورً كبير في تكوين وعيه القومي. تنقل عبد الرزاق
بدرخان في العديد من الوظائف الإدارية الكبيرة فعمل رئيساً لقسم التشريفات
في قصر السلطان عبد الحميد وعمل لسنوات عدة بوظيفة سكرتير الخارجية التركية
في كل من بطرس بورك وطهران، اعتقل وطورد ونفي أكثر من مرة. شغلت الثقافة
التنويرية جانباً مهماً من نشاطه وعمل على إيقاد الوعي لدى الكورد فأسس عام
1913 بمساعدة سمكو شكاك، أسس الجمعية الكوردية الثقافية المعروفة بـ(ريا
خاندي) في مدينة خوي وكانت تهدف إلى فتح المدارس الكوردية وإصدار المجلات
والصحف الكوردية ووضع أبجدية للغة الكوردية، وإرسال الشباب الكوردي إلى روسيا
للتعليم. والتقى عبد الرزاق بدرخان الذي كان موالياً لروسيا، كل من العالم
الروسي (مار) و(اوربيلي) بغرض تدارس سبل تطوير العلاقات الثقافية والعلمية
بين الكورد والروس، فافتتح بفضل جهوده، القسم الكوردي للغة والاثنوكرافيا
بمعهد سان بطرس بورك واستحدث الأبجدية الكوردية، وافتتحت العديد من المدارس،
منها مدرسة (خوى) التي افتتحت عام 1913 وضمّت 29 طفلاً من أطفال مناطق
جياريك وصوماي وبرادوست وخايدار. طاردته منظمة (تركيا الفتاة) طويلاً
وتمكنت منه أخيرا ونفذت فيه حكم الإعدام عام 1918. (لمزيد من المعلومات
يمكن مراجعة –نهضة الكورد الثقافية والقومية في نهاية القرن التاسع عشر
وبداية القرن العشرين- لجليلي جليل).
ثريا بدرخان:
يكتنف الغموض حياة ثريا بدرخان الذي يعتقد
البعض انه مؤلف كتاب (القضية الكوردية) وهو من خيرة الكتب التي أنجزت عن
معاناة الشعب الكوردي اثر ثوراته المبكرة في كوردستان الشمالية. والكتاب الذي
أصدرته جمعية (خويبون) صدر باسم مستعار هو (بلج شيركو) الذي تضاربت الآراء
حول هويته الحقيقية، وقد مالت معظم الآراء إلى إن (بلج شيركو) هو الأمير
جلادت بدرخان فيما قال البعض إن (بلج شيركو) هو (ثريا بدرخان) شقيق جلادت.
وقد أثار اسم (ثريا) أيضا بعض الالتباس فقد ظنه البعض انه امرأة –مستندين
على التسمية المعاصرة للاسم (ثريا). ونعود إلى موضوع كتاب (القضية الكوردية)
و(بلج شيركو) الذي –يحسمه- زميلنا سلمان عثمان (كونى ره ش) وهو كاتب وصحفي
كوردي من سوريا، الذي يؤكد إن (بلج شيركو) هو الأمير (ثريا بدرخان) وليس
(جلادت بدرخان) معتمداً في رأيه هذا على علاقته الوطيدة مع الاميرة (روشن
بدرخان) زوجة الأمير جلادت –انظر كتاب الأمير جلادت بدرخان- حياته وفكره
لكوني ره ش- ويعود الفضل في إصدار جريدة (كوردستان) إلام –مجدداً- من
القاهرة بعد توقفها عند العدد (31) إلى الأمير ثريا بدرخان الذي ولد في
اسطنبول عام 1883 من زوجة الأمير أمين عالي بدرخان، الجركسية الأصل. وقد
مارس ثريا العديد من الأنشطة والفعاليات الثقافية الأخرى منها تأسيس (جمعية
الاستقلال الكوردي) في القاهرة عام 1920.
جلادت بدرخان:
ولد الأمير جلادت أمين عالي بدرخان عام
1893 وهو حفيد بدرخان الكبير، آخر أمراء جزيرة بوتان، ووالدته هي زوجة
الأمير أمين عالي الجركسية الأصل (سنيحة) التي أنجبت شقيقاً آخر هو (حكمت).
نشأ الأمير جلادت وترعرع في كنف والده الميسور في اسطنبول، ولما كان والده
ممنوعاً من العودة الى مسقط رأسه في (بوتان) فقد لجأ الى الكتّاب
والحكواتية لتعليم و تنشئة أبنائه على التقاليد والأعراف الكوردية إضافة إلى
تعليمهم اللغات الأجنبية. وبعد بلوغه سن الثالثة عشرة، دخل جلادت الكلية
الحربية رغم ممانعة والده وقد شارك في الحرب العالمية الأولى مع الفرقة
العثمانية على جبهة القفقاس وشارك فيما بعد مع والده وأعمامه في تشكيل
جمعية (التشكيلات الاجتماعية الكوردستانية). وبعد انهيار الإمبراطورية
العثمانية وتجاهل الحقوق القومية للشعب الكوردي ونفي وقتل العديد من
الوطنيين من الكورد، اضطر الأمير جلادت بدرخان وإخوته إلى مغادرة اسطنبول
حماية لأنفسهم ولغرض متابعة الدراسة في ألمانيا. وعاد إلى كوردستان في العام
1925 ليلتحق بانتفاضة الشيخ سعيد بيران ثم عاد إلى ألمانيا لنيل شهادة
الحقوق ثم عاد إلى مصر وغادرها عام 1926 بعد وفاة والده ليستقر في لبنان
حيث عمه (خليل رامي بدرخان) ليؤسس مع نخبة من المواطنين الكورد جمعية
(خويبون) في 5/10/1937 في مدينة (تربه سبي) (قبور البيض) السورية استعداداً
لثورة (أكري) التي قادها إحسان نوري باشا. والى جانب نضال الامير جلادت
بدرخان السياسي والعسكري فقد مارس الأمير الصحافة فاصدر العديد من المجلات
والكتب منها مجلة (روناهي) التي اصدرها باللاتينية. كما وضع الأسس الأولية
للالفباء الكوردية بالحروف اللاتينية، قضى جلادت بدرخان نحبه بحادث أليم اثر
انهيار بئر للماء في 15 تموز عام 1951. (نقلاً عن كتاب الأمير جلادت
بدرخان- حياته وفكره سليمان عثمان (كونى ره ش).
روشن بدرخان:
حتى العام 1962 كانت الأميرة روشن بدرخان
هي آخر ما تبقى من أسرة الأمير بدرخان الكبير ممن كانوا يتحدثون اللغة
الكوردية ويمارسون الكتابة الادبية والصحفية، والاميرة روشن بدرخان ابنة عم
الأمير جلادت بدرخان وزوجته وابنة الامير (صالح محمود صالح) وصالح الاخير
هو شقيق بدرخان الكبير. إما والدتها فهي الأميرة (سامية بدري باشا بدرخان).
ولدت الأميرة روشن بدرخان في العاشر من تموز عام 1903 في مدينة (قيصري)
وأمضت أربعة أعوام من طفولتها المبكرة في اسطنبول ثم نفيت مع أسرتها عام
1913 واستقرت مع والدها في الشام. وكان والدها يعمل رئيساً للتحريرات في
(قيصري) ثم أصبح مديراً لسجن المدينة في الشام وتوفي بمرض التيفوئيد بعد
مدة قصيرة. درست الأميرة بدرخان في مدارس (الاتحاد والترقي) لمدة عامين قبل
إن ينسحب الأتراك من سوريا، ثم واصلت الدراسة باللغتين الانكليزية
والعربية. تقول الأميرة روشن بدرخان (بعد تخرجي من دار المعلمات سنة 1925
عملت في مدينة (كمرك) الأردنية وفي العام 1927 عدت إلى الشام لتدريس اللغة
العربية في مدرسة (Layik) ثم مارست التعليم في المدارس السورية بشكل رسمي
وأمضيت جل حياتي في القراءة والكتابة وفي مساعدة الفقراء والمحتاجين) –
مجلة سبيده العدد 3و4 خريف 1993 ص18 تزوجت الاميرة روشن بدرخان من (عمر
مالك حمدي) في العام 1929 إلا إن زواجها هذا لم يدم أكثر من عشرين شهراً
وكانت حصيلته ابنة تدعى (اسميه خان) وهي تعيش في مصر الآن. في العام 1934
أصبحت روشن عضواً في اتحاد النساء السوري وفي العام التالي تزوجت من ابن
عمها الأمير جلادت بدرخان. في العام 1947 عملت في قسم برامج الاطفال في
الاذاعة السورية، وقد أمضت الأميرة روشن 17 سنة من عمرها برفقة الأمير
جلادت بدرخان الذي وافاه الأجل في 15/7/1951. كتبت الأميرة وترجمت العديد
من الكتب التركية والكوردية الى العربية منها: مذكرات امرأة عام 1935 مذكرات
معلم عام 1954 رسالة الشعب الكوردي (للشاعر كوران) 1954 صفحات من الأدب
الكوردي 1954 إضافة إلى كتب أخرى كثيرة