من صور الخطأ التي وقع فيها كثير من المؤرخين والمفكرين: أنهم خلطوا بين مسيرة الحضارة ومسيرة التاريخ، مطبِّقين الخطوط السياسية الفاصلة نفسها على التيار الحضاري، مع أن مسيرة الحضارة لا تخضع لتقلُّب الدول، فضلاً عن سقوط دولة وقيام أخرى تنتمي إلى المدرسة العقَدية والإشعاع الثقافي نفسه.
وأنا أعجب حقيقة من هؤلاء المؤرخين الذين نظروا إلى سنة (41هـ) التي قامت فيها الدولة الأموية، وكأنها منعطف جديد في الحضارة الإسلامية!
ترى هل انتهى في هذه السنة جيلُ الصحابة الذين رباهم الرسول - عليه الصلاة والسلام - أو انقرض التابعون الذين تتلمذوا على يد التلامذة الأُوَل للنبي محمد صلى الله عليه وسلم؟
إن بعض الصحابة قد عاشوا إلى ما بعد العقد التاسع؛ أي: بعد عام الجماعة بأكثرَ من نصف قرن كامل، أما التابعون، فقد عاش بعضُهم إلى ما بعد سقوط الدولة الأموية سنة (132هـ).
إن ما حدث هو أن أسلوب انتقال الحكم قد تغيَّر من شورى مطلقة إلى شورى مقيدة؛ نتيجة لظروف معينة لا نتعرض لها في هذا المقام، أما نهر الحضارة الإسلامية، فقد ظلَّ يشق مجراه، وظلت الأمة هي الأمةَ، والمبادئ هي المبادئ.
ونتيجة لتطورات معينة، وابتعادًا عن عصر النموذج القدوة، والانفتاح على حضارات متعددة، والحصول على ثروات طائلة؛ ظهرت تجاوزات هنا وهناك، كما تظهر في كل المنعطفات والدول العظمى، وهي تجاوزات قامت الأمة بنقدها والتنديد بأصحابها.
إن (هاملتون جب) - وهو مستشرق لا يمكن وصفُه بالدفاع عن تاريخ الإسلام - يومئ إلى طبيعة التغير في نظام الحكم عند الأمويين، فيذكر أنه: "من قبيل التناقض أن يلصق الناسُ بالأمويين تلك التهمة الشائعة، وهي أنهم حولوا الخلافة إلى مُلك"، "وهذا التناقض ذاته يوحي لنا بأنه ينبغي علينا إذا شئنا أن نفهم الطبيعة الحقيقية للأزمة، أن ننفذ إلى ما وراء سطح الواقع بكثير، وأن نجتهد بصورة خاصة في تحرير أنفسنا من عادة مؤرخي العرب الذين ينظرون إلى العملية التاريخية على ضوء الأعمال الشخصية دون اعتبار منهم للظروف التي اكتنفت أعمالَ الأفراد، ورسمت حدودها، والقضية التي أُحِبُّ أن أطرحها في هذا المقام تتلخص في أن الأمويين كانوا - إذا جاز لنا التعبير على هذا النحو - ضحية عملية ديالكتيكية داخل المجتمع الإسلامي".
وإذا ما نظرنا إلى الخلافة الأموية بهذه النظرة - غير السياسية - التي ترصد التطور الحضاري، وليس التعبير الفوقي، فإننا سنجد هذه الخلافة، التي قدر لها أن تعيش في التاريخ نحو قرن من الزمان تواجه خلاله بقايا الإمبراطوريات المندثرة رومية وفارسية، وتؤصل لمؤسسات اجتماعية واقتصادية وثقافية في العالم الإسلامي الجديد والحديث عهدًا بالبداوة والفكر الوثني والروماني السابق، وذلك مع وجود بعض التجاوزات، خضوعًا لظروف التطور التي ألمحنا إلى بعض جوانبها سابقًا، مما يؤكد وجهة نظرنا في أن التغيير السياسي لا يرتبط بالتغير الحضاري.
إننا هنا نتساءل: هذه الجيوش الفاتحة التي ساحت في معظم أقطار المعمورة من حدود الصين والهند وحتى سبتة في المغرب الأقصى وكوفادونجا في جبال البرانس بإسبانيا، ألم تَقُمْ على أكتاف الجندي المسلم المجاهد الذي كان يمضي مخلصًا شبه متطوع أو نظاميًّا وراء القادة الذين اختارهم بنو أمية؟ لقد أثبت هؤلاء أنهم مخلصون حقًّا، بصرف النظر عن النظام السياسي الذي انتقلوا إليه، ولقد نشروا الإسلام في المغرب الأقصى والأوسط والأدنى وطرابلس وبرقة وإسبانيا والصين والهند وبلاد آسيا الوسطى وأفغانستان وغيرها.
وفي هذا العصر وقعت عملية التعريب، وتم تنظيم الدواوين، وسك العُملة، وبدأت العلوم العربية والإسلامية تكتمل صورها.
وإذا كنا قد استشهدنا برأي (جب) في طبيعة الانتقال من الراشدين إلى الدولة الأموية، فإننا - ونحن نلقي ضوءًا وجيزًا على أبرز خلفاء هذه الدولة الذين قاموا بالفتوحات وساعدوا التطور - نتابع استشهادنا بمؤرخ أوروبي آخر من كبار الدارسين للتاريخ الإنساني كله؛ إيمانًا منا بأن شهادة هؤلاء قد تكون أكثرَ قابلية لدى المدرسة العَلْمانية التي تُسقِط أحكامًا تعسُّفية غير متأنية على تاريخنا!
إن (ول ديورانت) يقول:
"يجب علينا ألا نظلم معاوية؛ لقد استحوذ على السلطة في بادئ الأمر؛ حيث عيَّنه عمر - الخليفة الفاضل النزيه - واليًا على الشام، ثم بتزعمه الثورة التي أوقد نارَها مقتلُ عثمان، ثم بما دبَّره من "الأساليب السياسية" البارعة التي أغنته عن الالتجاء إلى القوة إلا في ظروف جد نادرة... ولقد كان طريقُه إلى السلطة أقل تخضبًا بالدماء من طرق معظم مَن أسسوا أُسَرًا حاكمة جديدة".
"وكان يجلس للناس خمس مرات في اليوم، وقد استؤنفت الفتوحات الإسلامية في عهده بعد توقُّف، وكان يسمع المدح في منافسه في مجلسه، بل ويسمع بفضله عليه، ولا يعاقب على ذلك.
أما عبد الملك بن مروان، فقد سار على خطى معاوية، وحاول أن يطبق سياسته الداخلية في الجلوس للناس، وكان من فقهاء المدينة المعروفين، وقد احتج مالك في الموطأ بعمل عبد الملك، وكان من فاتحي إفريقية قبل الخلافة، وقد استقرت قواعدُ الدولة في عهده، وظهر طابعها العربي، واستقلالها الحضاري.
أما ابنه الوليد الأول، ففي عهده واصل العرب فتوحاتهم، فاستولوا على بلخ في عام (86هـ - 705م)، وكان الوليد مثلاً طيبًا للحكام، يُعنَى بشؤون الإدارة أكثر من عنايته بالحرب، ويشجع الصناعة والتجارة؛ بفتح الأسواق الجديدة، وإصلاح الطرق، وينشئ المدارس والمستشفيات - ومنها أول مستشفى معروف للأمراض المعدية - وملاجئ للشيوخ، والعجزة، والمكفوفين، ويوسع مساجد مكة والمدينة وبيت القدس، ويجمِّلها، وينشئ في دمشق مسجدًا أعظم من هذه المساجد وأفخم، ولا يزال باقيًا فيها حتى اليوم".
ولما جاء عمر بن عبد العزيز (99هـ= 717م / 101هـ= 719م)، أعاد سيرة الراشدين، واعتُبر بإجماع الأمة خامس الراشدين، وأحدث عودةً حميدة شعبية ورسمية للإسلام.
وقد حكم هشام الدولة حكمًا عادلًا ساد فيه السلم، وأصلح خلاله الشؤون الإدارية، وخفض الضرائب، وترك - بعد وفاته - بيت المال مليئًا بالأموال.
فهؤلاء - كما نرى - (معاوية، وعبدالملك، والوليد، وعمر، وهشام) خمسة من خلفاء بني أمية، حكموا نحو ثلاثة أرباع عمر الدولة، وقدموا خدمات كثيرة للحضارة الإسلامية، باعتراف مؤرخ أوروبي كبير، يحاول أن يقترب من الإنصاف، وقد كتب ديورانت ما كتبه ضمن رصد شامل للحضارة الإنسانية، وليس في دراسة مستقلة متخصصة، ومع ذلك جاء في كلام (ول ديورانت) - كما رأينا - قدرٌ كبير من الإنصاف ضمن منظومة (قصة الحضارة)، وذلك على العكس من كتابات العَلْمانيين الذين لم يُحسنوا قراءة تاريخ الإسلام، بل أغلب الظن عندي أنهم أو بعضهم لم يقرؤوه أصلاً!
وقد اهتم الأمويون بتجديد المساجد الأولى التي أنشئت في عصر الراشدين؛ مثل: جامع البصرة والكوفة والفسطاط، وجامع صنعاء الكبير، كما اهتموا بتأسيس عدد كبير من المساجد الجامعة؛ مثل: جامع دمشق، والجامع الأقصى، وقبة الصخرة، وجامع الزيتونة بتونس، وجامع عقبة بن نافع في القيروان، كما جددوا المسجد النبوي في عهد الوليد بن عبدالملك، وزادوا في جامع عمرو بن العاص عدة مرات، وقد ازدهرت الحياة الفكرية في العصر الأموي، وشملت مجالات العلوم الدينية واللغوية والاجتماعية والرياضيات والفَلَك والطبيعيات، وكان من أهمِّ العلوم الدينية: (القراءات، والحديث الذي دُوِّن في عصرهم، وعلوم القرآن).
ولما كان العهد الأموي عهدَ فتوحات وتفاعل مع الحضارة المعاصرة، فقد وقف الحكام وعلماء الأمة وقفةً حضارية أصيلة في وجه الأفكار والعلوم والنظم واللغات الوافدة، وقد نجحوا في وضع الضوابط والمناهج، وأسس هذه العلوم، التي تكفل التأصيل الصحيح، والمواجهة الإيجابية، والاستجابة المثلى للتحدِّي الفكري.
وكما نشأت علوم اللغة لمواجهة اللحن، فقد نشأت المذاهب الفقهية للاجتهاد في الوقائع الجزئية التي تكاثرت، فظهر الإمام أبو حنيفة (80 - 150هـ)، والإمام مالك ولد سنة (93هـ)، وقيل: (95هـ)، وتوفي سنة (179هـ) - رضي الله عنهما - وكذلك نشأ علم الحديث بفروعه الكثيرة والرائعة؛ لمواجهة الوضع والوضَّاعين.
وكان القضاء قائمًا على خير الوجوه الشرعية وأحكمها؛ فقد جرى معاوية بن صخر بجهده في ملاحظة القضاء ورسومه على حدث وترتيب زمانه، جاريًا في ذلك على سنن مَن تقدَّمه؛ أي على سنن الراشدين.
وحقيقة أن الدولة العباسية لم تكن دولة فتوحات؛ لأسباب كثيرة، منها: أن الأمويين قد تركوا لها ما يكفيها من الأرض، بل إنها كانت في حاجة إلى جهد كبير لتُحْكِمَ قبضتَها على الأرض التي تحت أيديها، وكانت الدولة العباسية - بالتالي - تتجه إلى الداخل، وترعى - في حدود المتاح للحُكم - العلومَ والآداب، وكان الشعب مشغولاً بصناعة الحضارة مطمئنًّا، تهيأت له الفرص، ونشر العباسيون الرخاء أمام الناس لستة قرون لم ترَ قط مثل هذا الرخاء بعد عهدهم؛ كما يقول (ول ديورانت)، وقد ازدهرت العلوم والآداب والفنون ازدهارًا جعل آسيا الغربية لخمسة قرون أرقى أقاليم العالم كله حضارة.
ونال التعليمُ من العناية القدح المُعَلى والحظ الأوفر، ظهرت مراحله الأولية والثانوية والعالية، وحدث أن وضعت الحكومة هذه "المدارس الثانوية" تحت إشرافها، وتكفَّلت بالإنفاق عليها، وكان التعليم بالمجان، وكان المعلِّمون والطلاب يتناولون مرتباتهم ونفقاتهم في بعض الأحيان من الحكومة أو من أموال البِرِّ والصدقات، وكان الطلاب يجوبون أطراف البلاد الإسلامية؛ ليقابلوا عالمًا كبيرًا أو مصلحًا مشهورًا، وكان على كل طالب علم يريد أن تعلوَ مكانته في بلده أن يسافر إلى مكة، أو بغداد، أو دمشق، أو القاهرة؛ ليستمع في واحدة منها أو أكثر من واحدة إلى كبار العلماء، وكان من الأسباب التي يسَّرت انتشارَ الأدب العربي في بلاد الإسلام المختلفة وجعلته أدبًا دوليًّا واحدًا - أن لغة التعليم والأدب في جميع البلاد الإسلامية - مهما اختلفت أجناس أهلها - هي اللغة العربية، التي بلغت من سَعة الانتشار ما لم تبلغه اللغة اليونانية.
وقد ساعد على انتشار الأفكار العربية والإسلامية أيضًا: أن العرب كانوا قد عرفوا الورق، وافتتحوا في بغداد أول مصنع للورق عام (794م) على يد الفضل بن يحيى وزير هارون الرشيد، ونقل العربُ هذه الصناعة إلى صقلية وإسبانيا، وفي الفترة نفسها وجد الورق في مصر، وبدأ ينتقل إلى معظم العالم الإسلامي، وبالطبع فقد يسَّر هذا الاختراعُ تأليفَ الكتب في كل بلد انتقل إليه.
وكانت معظم دروس الفقه والعقيدة في العصر العباسي تعطى في المسجد، والمستمعون على هيئة حلقة بين يدي المدرس، وكان يتخذ مكانه إلى جانب أسطوانة في المسجد، مستندًا إليها بظهره إن أمكن، وقد أحصى المقدسي في المسجد الجامع بالقاهرة - كما يؤكد آدم متز - وقت العشاء مائة وعشرة من مجالس العلم.
لقد حقق المنصور للدولة العباسية استقرارًا كبيرًا في النواحي المالية والإدارية والقضائية، وبقية تنظيمات الجهاز الإداري للدولة، واتبع المنصور أسلوبَ المركزية في الحكم، وقد ساعده على ذلك وجود نظام دقيق للمراقبة، مكَّنه من معرفة ما يجري في الولايات عن طريق البريد؛ فقد كلَّف عمال البريد بمراقبة الولاة، والكتابة إليه عن عُماله، وعن الأسعار والأموال والقضاة، واهتم المنصور باختيار ولاته وعمَّاله في جميع أجهزة الدولة، من ذوي الأخلاق الفاضلة والديانة والأمانة، وخصص المنصور جزءًا كبيرًا من وقته اليومي للنظر في الكتب الواردة عليه من أنحاء الدولة.
كما اهتم بالشؤون الحربية وتنظيم الجيش، وأسند قيادة الجيش لشخصيات عربية، كما أن معظم الجند كانوا من العرب، أما الوزارة، فلم يكن لها نفوذ كبير في عهده، غير أنه جعلها نظامًا سياسيًّا لها مراسيمها الخاصة، وقد تميز القضاءُ في عهده بالتنظيم، وظهر المذهبان الفقهيان المالكي في الحجاز، والحنفي في العراق.
أما الشرطة وهي تابعة للقضاء آنذاك، فقد حرص المنصور على متابعة أخبار أصحاب شرطته، وإنزال العقوبة بمن تجاوز حدود سلطته.
وكان المنصور أول من اهتم بالعلوم من خلفاء بني العباس، وأول خليفة تُرجِمَت له الكتب من اللغات الأعجمية إلى اللغة العربية من كتب الفَلَك والرياضيات والطب والأدب، كما بدأ ازدهار التدوين في عهده في الفقه والحديث والتفسير والتاريخ وغيره، ومن أشهرها: كتاب الموطأ للإمام مالك بن أنس، وكتاب السيرة النبوية لابن إسحاق.
وكان جامع المنصور ببغداد - وهو أحدث مسجد جامع بها - أشهر مركز للتعليم في الدولة الإسلامية، ويُحكى أن الخطيب البغدادي لما حج شرب من ماء زمزم ثلاث شربات، وسأل الله - عز وجل - ثلاث حاجات أخذًا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ماء زمزم لِما شُرب له))، فالحاجة الأولى: أن يحدِّثَ بتاريخ بغداد، والثانية: أن يُملِيَ الحديث بجامع المنصور، والثالثة: أن يُدفنَ إذا مات عند قبر بشر الحافي.
وقد جلس إبراهيم بن محمد نفطويه (المتوفى عام 323هـ= 935م) - وكان من أكبر العلماء بمذهب داود الأصبهاني- إلى أسطوانة بجامع المنصور خمسين سنة لم يغير محله منها.
وكان الفقهاء أكثر العلماء تلاميذ؛ فقد كان أبو حامد بن حمد الإسفراييني المتوفى عام (406هـ= 1015م) إمام أصحاب الشافعي، وكان يدرس بمسجد عبد الله بن المبارك ببغداد، وكان يحضر مجلسه ما بين ثلاثمائة وسبعمائة فقيه.
وأما أبو الطيب الصعلوكي الفقيه الأديب مفتي نيسابور، وهي مركز علماء خراسان، فيقال: إنه حضر مجلسه أكثر من خمسمائة طالب علم في عشية الجمعة الثالث والعشرين من المحرم (387هـ - 997م)، وكان يقعد بين يدي أحد أصحاب الجويني (ركن الدين عبد الملك بن عبدالله بن يوسف) المتوفى عام (478هـ= 1085م) كل يوم ثلاثمائة من الأئمة والطلبة.
وكانت المكتبات العامة، ومكتبات المساجد منتشرة، يؤمُّها الدارسون، وكانت مفتحة الأبواب لطلاب العلم، وبلغت فهارس كتب المكتبة العامة بالري عشرة مجلدات، ولما دمر المغول بغداد كان فيها ست وثلاثون مكتبة عامة.
ولقد استخدم المأمون جماعة من الفَلَكيين ليرصدوا الأجرام السماوية، ويسجلوا نتيجة هذه الأرصاد، وليحققوا كشوف بطليموس الفلكي، ويدرسوا كلف الشمس، واستخدموا كروية الأرض أساسًا بدؤوا منه بقياس الدرجة الأرضية؛ بأن رصدوا موضع الشمس من "تدمر وسنجار" في وقت واحد، وتوصلوا من هذا الرصد إلى تقدير الدرجة بستة وخمسين ميلاً وثلثي ميل، وهو تقدير يزيد بنصف ميل عن تقديرنا في الوقت الحاضر.
ومع أن عصر المأمون يتعرض لنقد شديد؛ نظرًا لاستبداد المعتزلة فيه، وللوقوع في الترجمة الوافدة التي أساءتْ إلى عناصر الأصالة مهما بذل في انتقائها وغربلتها، وعدم وجود ترجمة مضادة من العربية إلى اللغات الأخرى، فإن هذا العصر قد حفل بكثير من صور التقدم في شتى العلوم العقلية والنقلية[1].
[1] دكتور عبد الحليم عويس: دراسات في تاريخ الحياة الإسلامية، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، الطبعة الأولى، 1430هـ= 2009م، ص63- 70.