( المصحة ) :
يومٌ جديد ..
اعلّقُ وسادتي أمام أشعة الشمسِ لكي تجفّ الاحلام
في كُلِ صباحٍ اعضُّ رأسي ندماً ..
لأنهم كانوا سيسمحون لي بالخروج من المصحةِ النفسية ،
لو اخبرتهم ان صديقي الذي زارني بالأمس قد توفيّ منذ سنتين !
تمسحُ النافذةُ الغبارَ عن يديّ ..
في الجانب الآخر حديقةٌ تلفِظُ انفاسها الأخيرة ،
في كلِ صباحٍ .. اقتلعُ نبتةَ قُطنٍ لكي اؤمّن مستقبلَ قبيلةٍ من الجروح
اتفقدُ البريدَ رغم إنّ آخرَ رسالةٍ تلقيتها
صمت أمي و هم يسحبونني إلى هُنا
اعظمُ ما يمكن ان يُهديني احدهم رصاصةً تخترقُ رأسي ،
سأنزفُ كثيراً .. سأنزفُ الافكارَ كلها !
يومٌ جديدٌ مكرر ..
انظرُ الى المرآةِ .. افرطُ في النظرِ الى وجهي القبيح ،
افْرِكُ وجهي بأصابعي و احاولُ عبثاً تغيير ملامحهِ الرديئة
يالثاراتِ وجهي من عيونِ المارّة
كل ما امعنتُ في التحديق .. تتصدعُ المرآة !
كل ما صادفتُ احداً ، اشعرُ بأنّ صوتاً ينفجر بداخلي :
انا اسف .. انا حقاً اسف ..
هذا ليس وجهي من الداخل ، اعتذرُ عن بشاعةِ المنظر !
ليست المشكلة في امتلاككَ وجهين ،
بَلْ في كونك تكرهُ الوجه الوحيد الذي لديك .
زميلي في المصحة يُصلي كثيراً ،
ذات مرة و في اثناء الدعاء قال :
حتى انت يا رب ، لو كان لك شيء تحبه لضعفت أمامه .
كنتُ اظنُ انني الوحيد الذي تركَ قلبهُ خلف اسوارِ هذهِ المصحة
هناك في مكانٍ ما خلف هذهِ الجدران ،
هناك انت .. حتى الطُرق المسدودة تؤدي إليك
يا كُل خيباتي ..
انا اتنفسُ من الصُبحِ الى الغروب ،
في المساءِ أحرِثُ رئتيّ بأَظافِرِ صورتك المُمزقة
يا كل انتصاراتي ..
الاسوءُ من خسارةِ المعركة .. عودتك مُنتَصِراً لِوحدك
إنّهُ يومٌ جديدٌ بلا وجهك ..
استخدمُ حبالي الصوتية لأشْنقَ الكلماتِ
انا لستُ إلا "خيبة ظنٍ" تسيرُ في المَمر
انا محاولةُ انتحارٍ فاشلة
في الحقيقةِ ..
لم أكُن جَباناً بما فيهِ الكفاية لأَنتَحر
لكنني سأرحلُ قريباً ..
كنت اظن انّك اذكى مِن أنْ تبقى في الخارج ،
الناس في الخارجِ مرضى .. نحنُ الأصِحّاء نُحتجز في المصحةِ النفسية !
الشاعر : اَيهاب عيّال الظالمي