((هل العراق بلد عربي؟))
----------------‐--‐-------‐-------‐‐--‐-----------
هذا الموضوع لا ينفي ان العرب قد سكنوا العراق قبل الفتوحات العربية وقبل الميلاد ايضاً وأسسوا ممالك مثل الحضر والحيرة .
ربما البعض يعتبر ان هذا الموضوع خارج فكرة الصفحة ولكن دائماً ما يتعرض البعض لهذا الموضوع ودون دراية ومعرفة وهنا توضيح فكرة اصول الشعب العراقي التي يعتقد البعض ان اكثريتهم هم عرب !!
فليس كل من يتكلم العربية في العراق هو عربي ، فالعربية لغة وليست عرق ، فهناك من تكلم العربية نتيجة تغيير عقيدته بعد ان كان لا يتكلم العربية ، وهناك من تكلم العربية وهو غير عربي لاسباب التجارة والسياسة وغيرها ، فهناك في العراق من هم اصولهم اغريقية ترجع لما بعد دخول الاسكندر لبابل ومن هم ذو اصول رومانية وفارسية والبعض هم بقايا الحضارات القديمة ومن هم من سكان البلاد القريبة على البحر المتوسط وارمينيا وغيرهم .
فيطرح المفكر العراقي سليم مطر هذه الموضوع ويؤكد على موضوع ( الموالي ) الذي اشيع بعد الفتوحات العربية على العراق وخاصة في عصر الخلفاء الاربعة والعصر الأموي والعباسي ، فالمولى او الموالي هم سكان العراق الاصليين الذين اعتنقوا الاسلام وقاموا بموالاة قبيلة عربية او سيد عربي ذو جاه وسلطان ، وقد شاع هذا الأمر في العراق عندما بدأت الاغلبية من سكان العراق باعتناق الاسلام وموالاة احدى القبائل العربية او احد قادة الجيش الكبار ، وبتعبير أخر لقد اطلق العرب الفاتحين تسمية (مولى- موالي) على سكان البلاد الاصليين الذين دخلوا الاسلام وتعربوا ، فيقال عن (فلان) انه (موالي بني تغلب) مثلاً ولن تزول صفة (مولى) عن الشخص والجماعة الا بعد بضعة اجيال ، ليصبح بعدها تميمياً او قريشياً او كنانياً ، الخ .
وينسى انه كان مشرقياً كلدانياً او ارامياً او عبرياً او رومانياً او اغريقياً ثم اصبح عربياً بواسطة الموالاة والتحالف ، وعندما نقرأ تاريخ الحضارة العربية في دمشق وبغداد نكتشف ان معظم الشخصيات المنسوبة للعرب هم من (الموالي) مثل موسى بن نصير والحسن البصري وابو نؤاس والجاحظ والمتنبي وغيلان الدمشقي ومقاتل بن حيان النبطي والحسن ابن الهيثم وغيرهم ، وهؤلاء بالحقيقة من اهل العراق وسوريا الذين انتموا واصبحوا موالين لاحدى القبائل العربية ، بل حتى الاشخاص الذين يحملون القاباً مثل التميمي والقريشي وغيرها ٠
وهناك احتمال كبير ان يكون اصلهم من الموالي ( اي السكان الاصليين ) الذين حملوا لقباً عربياً لمجرد تمشية الأمور ، وخصوصاً ان حمل الالقاب في تلك الازمان أمر سهل لا يتقضي اية وثائق او اثبات ، وهناك حكايات كثيرة تسرد مثل هذه الحالات ، ويبدو ان الكثير من السكان الاصليين لم يدخلوا في موالاة اي احدى من القبائل العربية والتجأوا الى حمل القاب غير قبائلية بل نسبة الى المدينة او المهنة او الصفة المعروفة مثل (الحموي ، الماوردي ، ماء الورد ) وغيرهم ، وذكر الجاحظ في كتابه (البيان والتبيين) انه حتى القرن الهجري الثالث ثمة الكثير من اهل الريف العراقي لم يتقنوا العربية بعد.
وعلى أثر ذلك نوضح مثالاً ان المتنبي نسب الى قبيلة كندة لأنه ولد في قرية في مدينة الكوفة تسكنها قبيلة كندة ولربما انه اشتهر بـ(موالي قبيلة كندة) الا البعض يقول ان المتنبي رفض هذه الموالاة وابقى على لقبه (المتنبي) لأنه عرف واتهمه البعض بالنبوة وكذلك مثال أخر وهو الجاحظ لم يكن عربياً بل هو عراقي بصري من موالي (قبيلة كنانة) وقد حمل جده (محبوب البصري) لقب (الكناني) لأنه كان يشتغل حمالاً لدى احد الملاكين العرب اسمه (ابو قلمس عمرو بن قلع الكناني).
اما عن الاصل السومري وباقي الحضارات القديمة للشعب العراقي ، فيقول هنري فيلد : ان سكان الاهوار هم النسل المباشر للسومريين وانهم دفعوا للحياة في الاهوار لغرض الحماية والأمان ٠ ويقول ويلفرد ثيسجر: ان الاهوار كانت ملجأ أميناً لبقايا الشعوب المغلوبة منذ اقدم عصور التاريخ٠ ويقول عالم الاثار سيتن لويد عن سكان الاهوار : ان حياتهم وظروفهم تشابه لحد بعيد حياة اولئك الاقوام القدماء الذين استوطنوا الدلتا التي كانت في طور الجفاف في عصور ما قبل التاريخ ، وان مضايف شيوخهم الجميلة المدورة التي تشبه بناء الكنائس والمبنية من القصب والطين تقرب الى حد كبير ما يمثل الهياكل الاصلية للمعابد السومري في الالف الرابع قبل الميلاد٠
مثنى الشرع
المصادر:
1~ سليم مطر : الذات الجريحة
2~ابو عمرو الجاحظ : البيان والتبيين
3~ شاكر مصطفى سليم : الجبايش دراسة انثروبولوجية لقرية في اهوار العراق٠