تل الصوان



يقع تل الصوان قرب النصب المعروف بالقائم على الضفة الشرقية لنهر دجلة جنوبي مدينة سامراء على مسافة أحد عشر كيلومتر، وأن البقايا الآثرية للموقع تؤلف تلاً بيضوي الشكل تقريباً طوله من الشمال إلى الجنوب 230 متراً وعرضه من الشرق إلى الغرب 110 أمتار ولايزيد ارتفاعه عن ثلاثة أمتار ونصف عند أعلى بقعة على السطح
أن أول من التفت إلى الطبيعة الآثرية لتل الصوان هو عالم الآثار الألماني ارنست هرتسفيلد الذي كان ينقب في اطلال سامراء الإسلامية في مطلع هذا القرن(1912-1914م) ثم قامت المديرية العامة للآثار في عام 1949 بالإعلان عن أثريته وميزّت نوعية الملتقطات المنتشرة على سطحه وثبت أزمانها الحضارية. وفي
أوائل عام 1964 قررت المديرية المذكورة اجراء تنقيبات علمية شاملة فيه وكان وراء ذلك القرار أمران:

أولهما وقوع تل الصوان في وسط العراق جعل التفكير يتجه إلى احتمال الكشف في طياته عن دلائل أثرية تلقي الضوء على نوع من الارتباط الحضاري بين شمالي وجنوبي بلاد الرافدين في النصف الثاني من الألف السادس قبل الميلاد، حين بدأ العراقي القديم ينحدر إلى منطقة السهول الغرينية في وسط وجنوبي وادي الرافدين لتأسيس أولى القرى الزراعية هناك.

ثانيهما: أن كل ما كنا نعرفه عن المرحلة المسماة بطور سامراء لما قبل التاريخ (في أواخر الألف السادس قبل
الميلاد) هي فخارياتها المميزة التي كشف عنها هر تسفيلد الأول مرة في قبور من هذه الفترة في مكان ما أسفل قصر الخليفة في سامراء. وقد كنا نجهل الشيء الكثير عن عناصر ومقومات أخرى لتلك المرحلة الحضارية، وكان أملنا كبيراً بالعثور هنا على قرية من هذا الطور بأبنيتها وآثارها الأخرى توضح لنا جوانب كثيرة وهامة من تاريخ العراق القديم في النصف الثاني من العصر الحجري الحديث، وبداية ما يسمى بالعصر الحجري- المعدني. وكان معظم ما توقعناه صحيحاً. فبالإضافة إلى ما أظهرته نتائج تنقيبات الموسم الأول(17 شباط-20 ايار 1964)والمواسم الأربعة التالية (انجزنا تنقيبات الموسم الخامس بين المدة 25 تشرين الثاني 1967 لغاية 25 كانون الثاني 1968) من نتائج حضارية ألقت الضوء على جوانب كثيرة من هذين السؤالين، فأنها كشفت ولأول مرة عن لقى وبقايا أثرية تفوق كثيراً ما كان يدور بمخيلتنا ومخيلة المشتغلين بهذا الحقل في الخارج ( حضارة سامراء (5500-4800 ق م) تم العثور عليها في الموقع الغني في تل الصوان حيث تم العثور على دلائل لزراعة الكتان مما يثبت وجود ثقافة مستقرة وتركيب اجتماعي منظم لدرجة عالية. تتميز هذه الحضارة بشكل رئيسي بالاواني الرخام المنقوشة بشكل دقيق على خلفيات سوداء بفعل وضعها بالافران، واشكال دقيقة لحيوانات وطيور واشكال هندسية. ان هذا الطراز المنتشر من الرخام.. وهو من اوائل الطرز المنتشرة على مساحة واسعة من شرق دجلة تم اكتشافه اول مرة في سامراء. ان حضارة سامراء كانت الحضارة السباقة في فترة عبيد من حضارة وادي الرافدين.