عزيزتي لارا...
انا داومت في الطب العدلي لثلاثة اشهر ...
كانت واحدة من اسوأ فترات حياتي ، صار الموت يتجسد لي في كل الوجوه ...صرت كلما رأيت طفلاً ، يتمثل لي الاطفال الذين اجدهم متكومين كل صباح في المشرحة بانتظار تقطيعهم ...لأن احدا من اسرتهم داسهم بعجلات سيارته دون قصد صباحا ً ... كان هذا الحدث يوميا ، و هو الاكثر تكراراً بشكل غريب ..
صرت كلما ركبت سيارة اجرة و مضى سائقها على الخط السريع بسرعة ، اتخيل نفسي جثة تتناقلني الايدي على الطاولات و يتقاسم تشريحي غرباء لا اعرفهم ، وصلت اليهم نتيجة حادث سيارة ...فأقلقت راحتهم ..و اضفت اليهم واجبا مقيتا آخر ..
هل تعلمين ، كانت الفتيات العاملات في التشريح اكثر من الشباب ، يصلن كل يوم ، و يفطرن هناك معا ً و يضحكن كأن شيئاً لم يكن ، كأن شيئا ً لا يكون ....ثم يدخلن صالات التشريح و يحملن المناشير الكهربائية و يفتحن الصدور و الرؤوس ...و يتحادثن عن قصص الموتى كضيوف لابد من معرفة احاديث عنهم ...
و بعد اتمام الاعمال ...يتغدى الجميع قرب المشرحة ...و يتضاحكون ...
اما انا فكنت كل صباح اتقيأ روحي ...
لا ادري للآن ، هل انني كنت سأصير مثلهم لو بقيت هناك ؟! هل سأتحول الى كيان يشبه زوجة اخيك ...؟
لا ادري ..
ربما ...
و ربما لا .